أصدر «عباسي مدني» بيانا من الدوحة يدعو فيه الشعب الجزائري إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، وأغرب ما في بيان «مدني» أنه موقّع باسم "رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، ويعلم «عباسي مدني» أنه لم يعد هناك شيء اسمه "الإنقاذ" وحتى من بقي من رموز الحزب المحظور لم يعد يعترف له بأي سلطة أو تمثيل. الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات أصبحت فعلا سياسيا مبتذلا يلجأ إليه كل العاجزين، بل إن هذه الدعوة أصبحت هي الطريقة الوحيدة بالنسبة للبعض لإثبات وجودهم على الساحة السياسية، وبعد الانتخابات سيتحدث هؤلاء عن ضعف المشاركة التي جاءت "كاستجابة" من جانب المواطنين لهذه الدعوة، والحقيقة هي أن المواطنين لا يولون أي اهتمام لمثل هذه البيانات التي توحي بأن أصحابها، وخاصة «عباسي مدني»، يعيشون في زمن غير زماننا. التجربة المريرة التي مرّت بها الجزائر خلال عقد التسعينيات انتهت بفرز واضح وتحديد صريح للمسؤوليات، وقد أكد الشعب الجزائري أنه لا يريد لهؤلاء الذين تسببوا في الأزمة أن يعودوا لا من الأبواب ولا من النوافذ، وبكل تأكيد فإن «عباسي مدني» من هؤلاء الذين نفض الشعب يديه منهم، والبيانات التي يصدرها بين الحين والآخر لا تعبّر إلا عن رؤية قاصرة مشدودة إلى الماضي، وفي العادة فإن هذه البيانات لا تلقى أي اهتمام من قبل الرأي العام رغم كل ما تقدّمه بعض الفضائيات من خدمات مجانية للمقيم في العاصمة القطرية. لقد انتهى زمن الخلط والغموض والرؤية أصبحت واضحة تماما، فالسياسة في الجزائر أصبحت مجالا مفتوحا للجميع باستثناء أولئك الذين أساءوا لشعبهم وبلدهم، والذين يعارضون من فنادق الخمس نجوم سيسجل التاريخ عنهم أنهم أشعلوا نيران الفتنة وجلسوا يتفرجون على مأساة هذا البلد، وبكل تأكيد فإن الجزائر سائرة قدما إلى الأمام والانتخابات هي الخيار الذي أراده الجزائريون بديلا عن القتل والإجرام الذي استعمله البعض وسيلة للاستحواذ على السلطة.