قراءة الشعر هي ضرب من فتح الأفق اللامتناهي أمام النص لكي يتحقق متعدداً بقدر ما تنشط مخيلة القارئ في اكتشاف غنى الدلالات المتوقعة في مستويات الصورة الشعرية، وفي القراءة النقدية تعامل حميم يتجه نحو وضع النص في مهب الجماليات البالغة التنوع لدى القارئ، بوصفه كائناً شعرياً بامتياز، وعندما لا يتوقف هذا القارئ عند حدود التفسير المتوقع للنص، فإنما هو يرشح نفسه لاكتشاف النص من شرفة تجربته الخاصة، ويكون مستعداً لأن يتحرر من تقليد نقدي ويهب إلى حريات التأويل وجمالياته التي تتجاوز التخوم وتستعصي على الوصف والتوقع، ففي التأويل ما يمنح النص طبيعته المنطوية على لا نهائيات المعنى التي تتجاوز حدود الاجتهادات التقليدية التي حبستها أنظمة النظر النقدي العربي وكرستها استراتيجيات القراءات المتوارثة من مفاهيم -موضوعية- العمل النقدي، تحت ذرائع الإخلاص للنص والخضوع لمعطيات المعنى، في حين أن المعنى ليس سوى التفسير المباشر للنص الشعري، فيما نحن لا نستطيع أن نعتبر أو نكتشف شعرية النص إذا لم نذهب به إلى آفاق التأويل للوصول بمخيلة الإنسان إلى العوالم والدلالات غير المتوقعة والتي تشكل بالتالي الاختراق الجمالي في التعبير الأدبي.