التواضع في الجلوس عن «عبد الله بن بسر» قال "كان للنبي صلى الله عليه وسلم قصعة يقال لها الغراء يحملها أربعة رجال، فلما أضحوا وسجدوا الضحى، أتي بتلك القصعة -يعني وقد ثرد فيها-، فالتفوا عليها، فلما كثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أعرابي؛ ما هذه الجِلْسة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إنَّ الله جعلني عبداً كريماً ولم يجعلني جباراً عنيدا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كلوا من حواليها ودعوا ذِرْوَتَها يبارك فيها". غسل اليدين عن «عائشة» رضي الله عنها، قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ، وإذا أراد أن يأكل غسل يديه". ترك إعابة الطعام عن «أبي هريرة» رضي الله عنه قال "ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً قط، إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه". ترك الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة عن «حذيفة» رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما ولا تلبسوا الحرير ولا الديباج فإنه لهم في الدنيا وهو لكم في الآخرة". مراتب الغذاء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه"، قال «ابن القيم» رحمه الله "ومراتب الغذاء ثلاثة؛ أحدها مرتبه الحاجة والثانية مرتبة الكفاية والثالثة مرتبة الفضلة، فأخبر صلى الله عليه وسلم أنَّه يكفيه لقيمات يقمن صلبه، فلا تسقط قوته ولا تضعف معها، فإن تجاوزها، فليأكل في ثلث بطنه ويدع الثلث الآخر للماء والثالث للنفس، وهذا من أنفع ما للبدن والقلب، فإن البطن إذا امتلأ من الطعام ضاق عن الشراب، فإذا ورد عليه الشراب ضاق عن النفس وعرض له الكرب والتعب بحمله بمنزلة حامل الحمل الثقيل، هذا إلى ما يلزم من فساد القلب وكسل الجوارح عن الطاعات وتحرّكها في الشهوات التي يستلزمها الشبع، فامتلاء البطن من الطعام مضرّ للقلب والبدن، هذا إذا كان دائماً أو أكثريا، أما إذا كان في الأحيان فلا بأس به، فقد شرب أبو هريرة في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال؛ والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكا، وأكل الصحابة في حضرته مراراً حتى شبعوا، والشِّبَعُ المفرط يُضْعِفُ القِوى والبدن وإن أخصبه، وإنما يَقْوى البدن بحسب ما يقبل من الغذاء، لا بحسب كثرته، ولما كان في الإنسان جزء أرضي وجزء هوائي وجزء مائي، قسم النبي صلى الله عليه وسلم طعامه وشرابه ونفسه على الأجزاء الثلاثة".