بلغ الحذر بالسلف من السخرية أن قال «عمرو بن شرحبيل» "لو رأيت رجلا يرضع عنزا فضحكت منه لخشيت أن أصنع مثل الذي صنع"، وعن «عبد الله بن مسعود» "البلاء موكل بالقول، لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلبا"، وفي تفسير قوله تعالى "فاتخذتموهم سخرياً حتى أنسوكم ذكري"، قال الإمام «القرطبي» "يستفاد من هذا التحذيرُ من السخرية والاستهزاء بالضعفاء والمساكين والاحتقار لهم والازدراء عليهم والاشتغال بهم فيما لا يعني وأن ذلك مُبعِدٌ من الله عز وجل"، وعن «عائشة» رضى الله عنها قالت "قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية أنها كذا وكذا تعني قصيرة"، فقال "لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته"، قالت "وحكيت له إنسانا فقال ما أحب أني حكيت إنسانا وأن لي كذا وكذا"، ولما سب «أبو ذر» رضي الله عنه رجلا فعيَّره بأمه قال له النبي صلى الله عليه وسلم "يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية"، وعن «أم هانىء» عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى "وتأتون في ناديكم المنكر"، قال "كانوا يخذفون -يحقرون وينبذون" أهل الأرض ويسخرون منهم"، وكان مشركوا مكة يضحكون من «صهيب» و«بلال» وهم من فقراء المؤمنين، فنزلت الآيات "إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون"، وقيل جاءت عن «علي بن أبي طالب» رضي الله عنه في نفر من المسلمين، فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا "رأينا اليوم الأصلع"، فضحكوا منه فنزلت هذه الآية قبل أن يصل «علي» رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.