تنفست نيجيريا الصعداء بعد عودة الجنرال محمد بخاري إلى سدة السلطة، بعد أن حكم البلاد سابقا في انقلاب عسكري عام 1983، قبل أن يطيح به جنرال آخر هو إبراهيم بابنجيدا عام 1985، في فترة شهدت الكثير من الاضطرابات السياسية، والعديد من الانقلابات العسكرية. وبفارق أصوات بلغ أكثر من مليوني صوت، اكتسح بخاري الانتخابات النيجيرية التي عدها مراقبون الأفضل والأكثر شفافية، في بلد طالما عاش نزاعا سياسيا واختلافا إثنيا وفسادا قل نظيره في بلد بحجم نيجيريا. الإجماع الكبير واصطفاف المعارضة النيجيرية خلف بخاري، جاء ليؤكد الرغبة الملحة في البلاد على تغيير جذري في السياسات السابقة، التي كرست لوجود بوكو حرام، بعد الفشل الذريع في محاربتها وتقليم أظافرها. فضلا عن غرق البلاد في فساد سياسي واقتصادي يكاد يشل مواردها الضخمة، ما جعل أغنى شعب في إفريقيا يرزح تحت وطأة الفقر والحاجة. ويأتي تفوق بخاري لأسباب واضحة أهمها، الحرب على إرهاب بوكو حرام، التي اعترف الرئيس السابق غودلاك جونثان في فشل التصدي لها، الأمر الذي يراهن بخاري في قدرته عليه، كجنرال سابق قادر على قيادة الجيش، يضاف إليه أنه مسلم ومن أصول شمالية، حيث تعبث بوكو حرام بالدين وبأتباعه. وفي الولايات الجنوبية، حيث الأغلبية المسيحية، صوت الكثيرون أيضا لبخاري، أملا في إنقاذ البلاد من الفساد المستشري، ورفع مستوى المعيشة المتدني، الأمر الذي وعد به بخاري، الذي عرف في عهده السابق بمحاربة الفساد ومحاولة المضي بالبلاد نحو التنمية والاستقرار. وأمام بخاري تحديات داخلية، تتمثل في توفير العيش والاستقرار لأكثر من 150 مليون نسمة هم سكان البلاد، إضافة إلى الحرب على الإرهاب، وخلافات الجوار، والمشاركة الفعالة في قيادة القارة السمراء، وكلها قضايا يعتبرها مراقبون رهانات قوية واستحقاقات مهمة، آن الأوان لنيجيريا الكبيرة والقوية أن يكون فيها من يستطيع قيادتها لتحقيق ذلك.