دق المشاركون في أشغال الملتقى الوطني حول الزيوت المستعملة وانعكاساتها المباشرة على التلوث البيئي في الجزائر، ناقوس الخطر بخصوص تفاقم الظاهرة، والتي أخذت أبعادا خطيرة، واستدعت إطلاق المنظمة العالمية لحماية البيئة والمحيط صفارات الإنذار بشأن التنامي المتواصل لظاهرة الرمي العشوائي لنفايات زيوت محركات السيارات والمركبات، وكذا زيوت المصانع والورشات الإنتاجية الكبرى، لأن الوضعية أصبحت على مشارف الخطوط الحمراء، والفرق التابعة لمؤسسة نفطال لا تستطيع التحكم في الأزمة الراهنة، بالنظر إلى غياب الحس المدني، وافتقار أصحاب محطات التشحيم للثقافة الكفيلة بالتخفيف من درجة الخطورة التي بلغتها الظاهرة. هذه القضية كانت المحور الرئيسي الذي ارتكزت عليه مداخلات المشاركين في الملتقى المنظم أمس بعنابة، حيث أشار رئيس الجمعية الوطنية لحماية البيئة ومكافحة التلوث علي حليمي إلى أن الجزائر تسجل ضياع ما لا يقل عن 150 ألف طن سنويا من الزيوت المستعملة الناتجة عن تغيير زيوت مختلف أنواع السيارات والمركبات على اختلاف حجمها وصنفها، والتي تتدفق بطرق عشوائية في الطبيعة مما يتسبب في أضرار بيئية خطيرة، في الوقت الذي لا يتم استرجاع إلا نحو 12 بالمئة من إجمالي هذه الكمية على مستوى المحطات المسيرة لها والتابعة لشركة نفطال، لأن هذه المؤسسة تمتلك محطات استرجاع منتشرة عبر التراب الوطني، غير أن طاقة استيعابها الإجمالية تصل إلى حد 25 ألف متر مكعب، وهو ما يعني أن إمكانيات الاسترجاع المتوفرة لا تلبي حاجيات الوضعية الراهنة، في ظل حصر نشاط تجميع الزيوت المستعملة في مؤسسة نفطال، وإبقاء المستثمرين الخواص تحت وصاية هذه الشركة، كونها ممونهم الرئيسي والقانوني بالمادة الأولية. وكشف حليمي في تصريح ل«البلاد" أن المنظمة العالمية لحماية البيئة والمحيط كانت قد تحفظت في تقرير مفصل أعدته حول ظاهرة الرمي العشوائي للزيوت المستعملة في الجزائر على تسيير هذه الزيوت، وما تشكله زيوت محركات السيارات من مخاطر كبيرة على العنصر البشري أو الثروة النباتية والحيوانية، لأن رمي الزيوت المستعملة في الطبيعة يتسبب في تلوث بيئي خطير، كونها لا تتحلل كلية إلا بعد فترة زمنية طويلة جدا، تفوق العشرية من الزمن، مما يبقى خطرها يهدد بحدوث كارثة بيئية لمدة طويلة. على صعيد آخر، عالج المشاركون في هذا الملتقى مشكل إقدام بعض أصحاب محطات التشحيم على رمي الزيوت المستعملة في مصبات الوديان والمجاري المائية، دون مراعاة الخطر الكبير الذي تشكله هذه الخطوة سواء على الثروة السمكية، أو حتى على العنصر البشري، لأن مياه الوديان تستعمل في سقي المساحات الزراعية، فضلا عن كونها تصب في البحر، وتم أخذ عينة عن ذلك وادي سيبوس، لأن الجمعية الوطنية لحماية البيئة تحصي أزيد من 40 مؤسسة ملوثة على مستوى الولايات السبع التي يعبرها الوادي، من بينها 16 مؤسسة تزاول نشاطها بالمناطق الصناعية بالحجار والشعيبة وسيدى عمار بولاية عنابة، وتنشط أساسا في فروع الميكانيك والتشحيم وصناعة الحديد والصلب، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تلوث مجرى الوادي بضواحي سيدي عمار، وكذا في مصبه بحي جوانوفيل. كما أن ذات الهيئة تسجل أهم تراكمات للزيوت المستعملة بعنابة على مستوى المنطقة الصناعية مبعوجة ببلدية سيدى عمار. وعليه فقد ذهب المشاركون إلى حد تصنيف وادي سيبوس بعنابة من بين المناطق الحمراء بيئيا، كون الزيوت المستعملة التي تصب فيه بطريقة عشوائية تحتوي على تركيبات سامة ومضرة بالبيئة، لأن لترا واحدا من الزيوت يمكن أن يغطي مساحة كبيرة عند اختلاطه بالماء.