* صمت الحكومة على الظاهرة معناه التوجه نحو خوصصة التعليم أصبحت ظاهرة الدروس الخصوصية في المدرسة الجزائرية بمثابة السرطان الذي ينخر مهنة التعليم وخصوصياتها النبيلة والأخلاقية والمعرفية، وتهدد في نفس الوقت مجانية التعليم التي أقرها الدستور الجزائري بالزوال في ظل استفحال هذا المرض على مستوى المنظومة التربوية بعدما تحول الأستاذ إلى تاجر والتلميذ إلى سلعة بكل ما تحمله الكلمة من معان وأبعاد. تشهد المنظومة التربوية في الجزائر آفة جديدة دخلت قاموس التربية الوطنية بقوة منذ بداية عهد سياسة إصلاح التعليم في بلادنا، حيث أضحى الأستاذة والمعلمون يتعاطون مخدر الدروس الخصوصية على نطاق واسع ويفرضونه على التلاميذ بطرق مختلفة تصنف ضمن خانة الابتزاز والعقاب في بعض الأحيان، حيث يؤكد في هذا الإطار الأستاذ إيدير عاشور رئيس مجلس ثانويات الجزائر، أن الدروس الخصوصية أصبحت وضعية جديدة في التعليم ببلادنا، لأن هذه الدروس تدخل في إطار إضعاف دور المدرسة العمومية وبالتالي التوجه تدريجيا نحو خوصصة التعليم في الجزائر. وأضاف “المدرسة العمومية في الجزائر مهددة بالزوال طالما أن هناك إرادة كبيرة من طرف الدولة لخوصصة التعليم في بلادنا بسبب سكوتها على مثل هذه الجريمة المرتكبة في حق التعليم الوطني". واتهم النقابي وزارة التربية والتعليم بالتسامح مع هذه الظاهرة والتماطل في إيقافها أو حتى الحد منها على الأقل بتشديد الرقابة على المدارس، وهذا ما يفسر حسب رأيه إرادة قوية من طرف الوصاية بالتوجه نحو خوصصة المدارس تدريجيا والقضاء على المدارس العمومية مع الوقت، خاصة أن هذه الدروس الخصوصية تقدم بشكل جماعي داخل المدارس على مرأى الإدارة والجميع على علم بها بما في ذلك الوزارة. وبخصوص مسؤولية الأستاذ والمعلم في هذه المسألة، أوضح الأستاذ إيدير عاشور رئيس مجلس ثانويات الجزائر أن الوضع الاجتماعي هو الذي يدفع بالأستاذ والمعلم لمثل هذه الدروس الخصوصية بهدف تحسين مدخوله ومعيشته مثله مثل الصحفي والطبيب والبناء…. وأي جزائري آخر يبحث عن راتب إضافي يقيه شر الظروف المعيشية الصعبة في بلادنا. وقال “تحسين الوضع الاجتماعي للأستاذ هو الحل الوحيد لإيقاف ظاهرة الدروس الخصوصية والوصاية هي المسؤول الأول عن تحسين هذه الأوضاع من خلال المصادقة على القانون الأساسي الذي يحمي الأستاذ والتلميذ في آن واحد من مثل هذه المظاهرة السلبية التي شوهت مهنة التعليم وحولت المعلم إلى تاجر والتلاميذ إلى سلعة". وأضاف “الزيادات التي تتحدث عنها الوزارة والحكومة في كل مرة هي مجرد در للرماد في العيون لأن الوضع الاجتماعي للأستاذ والمعلم مازال بعيدا كل البعد عن تطلعات الأسرة التربوية، وعلى السلطات العليا في البلاد تحمل مسؤولياتها إزاء الكوارث التي تهدد مستقبل المدرسة الجزائرية على كل الجبهات. في سياق ذي صلة، باتت ثقافة المتاجرة بالعلم والمعرفة بداية من الطور الابتدائي مرورا بالثانوي إلى الجامعي من أبشع مظاهر الاستغلال في حق التلاميذ والطلبة على حد سواء، فبحجة تحسين الوضع الاجتماعي أصبح المعلم والأستاذ يستعمل كل الحيل والأساليب التي تمكنه من الحصول على “شهرية إضافية" وذلك من خلال بيع المنسوخات والكتب وحتى أوراق الامتحانات لم تعد هي الأخرى مجانية… هذه الظاهرة التي نمت كالفطريات في المدارس العمومية الجزائرية في السنوات الأخيرة أصبحت تقلق كثيرا أولياء التلاميذ بفعل التكاليف المالية المعتبرة التي يتكبدونها جراء مثل هذه الابتزازات التي يتعرض لها أبناؤهم في كل مرة من طرف معلمين وأساتذة همهم الوحيد تحسين دخلهم الشهري بأي ثمن وبكل الطرق. هذا وقد انتقد رئيس مجلس ثانويات الجزائر بشدة مثل هذه السلوكات التي أضرت كثيرا بمهنة التعليم وأخلاقياته، غير أن النقابي إيدير عاشور يرى أن الإشكال الكبير في هذه القضية يكمن في الدولة بالدرجة الأولى بسبب إهمالها لهذا القطاع الحساس وعدم قيامها بدورها على أكمل وجه وتحويله إلى سلعة تباع وتشترى وهذا ما يدل حسب رأيه على التوجه المقصود للحكومة نحو خوصصة المدرسة العمومية.