لاشك أن الدروس الخصوصية ضرورية لبعض التلاميذ المقبلين على شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا، وخاصة في المواد الأساسية كالرياضيات والعلوم والفيزياء والفلسفة، إلا أن هذه الظاهرة عمت كل الأطوار وانتقلت إلى الجامعة وأصبحت تشكل عامل ابتزاز للتلاميذ والطلبة. فالمعلم أو الأستاذ الذي يقدم دروسا خصوصية في مادة من المواد يستخدم السلطة التقديرية المخولة له في إنجاح التلميذ أو رسوبه، للضغط عليه ليستعين بالدروس الخصوصية، والتلميذ الكسول يرشي المعلم أو الأستاذ الذي يقدم دروسا خصوصية بالانضمام إلى صفه ليس رغبة في التقوية، وإنما طمعا في النجاح. والغريب في الأمر أن بعض هؤلاء ممن يقدمون الدروس الخصوصية يشنون حملة على مدارس القطاع العام ويتهمونها بضعف المستوى وانحطاطه، واكتظاظ الأقسام، وانعدام التدفئة، والجو المناسب لاستيعاب الدروس. وإذا قمت بجولة في بعض المحلات التي تقدم فيها الدروس الخصوصية ترثى لحال التلميذ، فالأقسام عبارة عن "ڤرجات" خالية من منافذ التهوية، ومكدسة بالتلاميذ، ولا تتوفر فيها القواعد الصحية، ولا الأمنية. ومع ذلك، فإن جميات أولياء التلاميذ لم تعر اهتماما لمثل هذه الظواهر التي يسعى أصحابها إلى الربح السريع على حساب لقمة العيش للتلاميذ الفقراء الذين ضاقت بهم السبل في طلب العلم بسبب إضرابات المعلمين والأساتذة التي غالبا ما تكون على حساب مصلحة التلميذ، وحري بهذه الجمعيات محاربة هذه الظواهر حتى تحافظ على المستوى التعليمي في القطاع العمومي.