يعتبر مشكل التسيير في بعض البلديات بالجهة الشمالية لولاية سطيف من أهم الأسباب التي أبقت المنطقة خارج مجال التنمية ولعقود من الزمن، وقد وقفت "البلاد" على قضايا خطيرة خلال تحقيق لاكتشاف ملابسات الوضع في المنطقة والذي استهجنه بعض الوزراء في زياراتهم الأخيرة إلى المنطقة على غرار وزير الشباب والرياضة الذي عاتب المسؤولين المحليين وعلى رأسهم المدير الولائي، بعد وقوفه على حجم المعاناة التي يكابدها شباب كل من بلديتي تالة إيفاسن وبوسلام، في ظل الغياب الكبير لأبسط المرافق. والأمر الغريب في بعض البلديات كما هو حال بلدية آيث نوال أو مزادة، تالة إيفاسن، آيت تيزي وغيرها هو أنها ظلت لمدة سنوات تسير عن بعد حيث يقيم المسؤولون خارج البلدية في عاصمة الولاية وحتى في ولايات أخرى، مع العلم أن القانون يمنع رؤساء البلديات من الإقامة خارج تراب البلدية كونهم متابعين دائمين لكل صغيرة وكبيرة تحدث داخل إقليم البلدية، ناهيك عن أعضاء المجالس البلدية الذين لا يحضرون حسب شهادة بعض المتتبعين إلا في مواعيد نادرة كأوقات دراسة صفقات المشاريع وتوزيع السكنات من أجل الظفر بنصيب. وتؤكد بعض القوائم للسكنات احتواءها على أسماء أعضاء المجالس ومسؤولين بالبلديات المذكورة، ويعد هذا الأمر أيضا أحد الأسباب الحقيقية التي أدخلت سكان بعض البلديات في انتفاضات عارمة أسفرت عن إغلاق الطرق الوطنية والمقررات الإدارية، مثلما حدث في قرية بني غبولة التابعة لبلدية عين لقراج في أحداث شغب خلفت مقتل شخص وإصابة آخرين، في حين يعد مشهد إغلاق بلدية آيث نوال أومزادة لمدة فاقت ثلاثة أشهر وطرد المير المغترب الذي يقيم في ولاية بجاية أهم قضية صنعت الحدث بالمنطقة، وتم نقل مكتب رئيس البلدية إلى دائرة بوعنداس لتبقى البلدية تسيّر من هناك إلى اليوم، رغم تحرك بعض الجهات وحلت بالمنطقة لجان تحقيق مختلفة لكن دون جدوى. مشاريع لم تنجز على أرض الواقع بالرغم من تسلمها لمقاولين بالمنطقة. واعتبر المواطنون ذلك إهمالا وتقصيرا لمنطقة تضم أزيد من 15 بلدية، مطالبين بضرورة التحقيق المعمق، لاسيما أن العدالة حسبهم لم تأخذ مجراها الحقيقي في بعض القضايا المتعلقة بالصالح العام مثل مشكل فشل مشروع الغاز الذي استفادت منه مدينة تيزي نبراهم الذي أنجز من طرف أحد المقاولين الذي كان عضوا بمجلس بلدية تالة إيفاسن حيث لا يزال المشروع على حاله إلى اليوم، دون تسجيل أي تحرك رغم الشكاوى المتتالية للسكان، وكذا الأمر نفسه بالنسبة لسد واد المالحة ببلدية ماوكلان الذي ابتلع أزيد من 20 مليار من الخزينة العمومية ولم ير النور، بل وتحول إلى هاجس يهدد السكان المحاذين له بخطر انفجاره بسبب تجمع المياه فيه خلال أوقات التساقط، بعدما تحول إلى بركة كبيرة، الأمر الذي حير بعض المقاولين الذين تحدثوا إلى "البلاد" هو إسناد مهام إنجاز كل المشاريع في بعض البلديات إلى مقاولين معروفين لدى العام والخاص، الأمر الذي يطرح حسبهم عدة تساؤلات، وحتى دفاتر الشروط أصبحت حسب هؤلاء تصاغ على أساس الإمكانيات البشرية والمادية المتوفرة لدى المقاولين المتعودين على الإنجاز قصد منع استفاد أحد خارج نطاقهم، ما يؤكد حسب محدثينا فرضية تحكم المقاولين بشؤون بعض البلديات، وقد سبق أن وبخ مواطن على مستوى أحد مكاتب بلدية ماوكلان من طرف مقاول وجده في مكان موظف غائب عن مهامه. كل هذه الأمور وغيرها تستدعي ضرورة التدخل العاجل قصد تنظيم الوضع الإداري بالمنطقة الشمالية الذي عاد بالسلب على يوميات السكان.