بعض الأطراف النقابية داخل شركة سونطراك، لم تعجبها الطريقة التي تمت بها إثارة ما يكون قد حدث من تجاوزات خطيرة في أمر بقرة الجزائر الأولى والأخيرة. ولهذا فضلت تلك الأطراف أن يعالج الموضوع تحت الطاولة في سرية، طالما أن سونطراك في حد ذاتها دولة، وهي ككل الدولة لها سمعتها وحرمتها وقدرها، وكادت أن تقول لنا تلك الأطراف إن التعامل مع القضية، ومع الكبار لابد أن يكون على قدر المخاطب تماما مثل فرعون وموسى الذي أمره ربه بأن يقول له قولا حسنا لعله يخشى! الجزائريون تعلموا عبر تاريخهم القصير مع التنمية أن كل صغير يكبر لابد أن يسقط في نهاية الأمر، سواء أكانت شركة أو كان عبدا ناصرا أو غير منتصر، عكس رأي هؤلاء القوم الذين إذا ولد لهم صبي (وعاد رجلا) تخر له الجبابر ساجدين، وقد يكون بعضنا فهم بأن إثارة وجود الثقوب السوداء في الشركة دلالة على وجود مؤامرة تستهدفها، خاصة أن عقلية التآمر وسوء الظن بالآخر ليست جديدة علينا، وهؤلاء ينطلقون من كون تلطيخ سمعة سونطراك من تلطيخ سمعة الجزائر، وقد يسبب لها مشاكل أكثر مما يفيدها، مادام أن الشركة لها فروع دوليّة وتعاملاتها مع الخارج أكثر مما هي مع الداخل! خلال سنوات حكم يلتسين لروسيا وهو رجل يظل مخمورا حتى في مطارات الدول التي يزورها، قال إنه حاول فتح ملف الفساد في البلاد فدوخته رائحة الزبالة من هول ما رأى، بعد الخمور ولهذا فضل إبقاءه مغلقا إلى أن جاء رئيس المخابرات سابقا بوتين إلى سدة الحكم. فالرجل الذي وجد أمامه أكبر مافيا في العالم غنمت من الاشتراكية وطبقت الرأسمالية لم ترحمه تلك المافيا، ولم يستثن منها شركات البترول والغاز، وهي الأكبر في العالم ولهذا يشكل المثل الروسي نموذجا في مواجهة فساد عام ومنظم بغض النظر كما قاله الآخرون. وطالما أن نقابات العمال عندنا كما هو حال سونطراك تميل إلى التكتم في مسألة الصفقات بالتراضي وربما السكوت عن بيع البترول للحساب الخاص في سوق روتردام، فإن ذلك يورطها ويزيد الشكوك في كونها طرفا متحالفا ومساعدا على تعفن أم الشركات، وقد ينطبق هذا على معظم نقابات سيدي السعيد الحكومية أيضا، وهذه مصيبة أخرى في مجال التسيير!؟