توقع ''جيوف بوتر'' وهو محلل في شؤون إفريقيا تراجع التنسيق الأمني الإقليمي بين دول الساحل الإفريقي، خاصة بين الجزائر وموريتانيا ومالي، على خلفية إدارة مالي لأزمة الرهينة الفرنسي ''بيار كامات'' الذي أطلق تنظيم القاعدة بمنطقة الساحل سراحه مقابل إذعان الحكومة المالية لاشتراطات التنظيم الإرهابي بالإفراج عن أربعة إرهابيين، من بينهم جزائري مطلوب من قبل السلطات الأمنية الجزائرية، وهو ما أدى إلى حد استدعاء كل من الجزائر وموريتانيا لسفيريهما في مالي. وقال جيوف بورتر في تصريح لمجلة جينز الدفاعية، إن الخلاف أحدث نوع من انعدام الثقة بين بلدان منطقة الساحل، خاصة بين الجزائر ومالي، مما يقوض عملية التعاون الأمني لمواجهة التنظيمات الإرهابية في المنطقة. ويرى محللون أن تراجع التنسيق قد يعطي التنظيم الإرهابي فرصة لتعميق جذوره في منطقة الساحل، وقدم جيرمي بيني، وهو خبير أمني في واشنطن، مثالا عن تراجع التنسيق، بالانقلاب العسكري الذي تعرضت له النيجر. وعبر الخبير الأمريكي عن تخوفه من تنامي التوترات بين الحكومات في منطقة شمال إفريقيا وتراجع القدرة على التعاون العسكري لمكافحة خلايا تنظيم القاعدة بمنطقة الساحل الإفريقي. وقال جيريمي إن ''الوضع الحالي يقضي على تفاؤل بلدان منطقة الساحل في منتصف 2009 عندما أطلقت حكومات هذه البلدان تصريحات كثيرة حول التعاون الإقليمي''. وتحدث المحللون الأمريكيون عن نقل التنظيم الإرهابي جزءا كبيرا من نشاطه جنوبا إلى منطقة الصحراء و''استغل الاضطراب السياسي في المنطقة وقلة عدد سكانها ليتخذ منها ملاذا آمنا لعمليات خطف وتهريب مخدرات''. وقال مارك شرودر وهو محلل لشؤون إفريقيا في مؤسسة ستراتفور للتوقعات الاستراتيجية ''قد يحاول تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي استغلال مساحة للمناورة نتيجة للإحباطات بين حكومات منطقة الساحل، لكن الخبراء الأمنيين الأمريكيين أكدوا على ''تمسك كل من الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر بالمحاربة الفردية للتنظيمات الإرهابية''. وتحاول الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية تعزيز قدرة دول الصحراء على العمل معا لمواجهة خطر القاعدة الذي قال محللون إنه قد يشكل خطورة على استثمار الموارد على المدى البعيد. وقد يقوض انعدام الثقة الكبير بين الدول الغربية ودول شمال افريقيا قدرة الغرب على ملأ أي اتساع في الفراغ الأمني بمنطقة الصحراء، بسبب التوترات الدبلوماسية الإقليمية. وتتهم الجزائر وهي قوة إقليمية في مكافحة الإرهاب، فرنسا بتنسيق مبادلة إرهابيين في مالي لإطلاق سراح الرهينة الفرنسي بيير كامات. كما أنها ترفض ضغوطا غربية تطالبها بملاحقة التنظيمات الإرهابية خارج حدودها. واعتبرت الجزائر أن عملية الإفراج عن إرهابيين مقابل إطلاق سراح الرهينة الفرنسي انتكاسة خطيرة في العلاقات بين الجزائر ومالي لمكافحة التنظيمات الإرهابية في المنطقة. واعتبر محللون أن زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لمالي هي في حد ذاتها انتصار للقاعدة. وذهب خبرء أمنيون لحد الجزم أن متمردي الطوارف في النيجر ومالي بدأوا في التعاون مع خلايا القاعدة في الشهور القليلة الماضية لأنهم يحققون من الفدى وتهريب المخدرات مكاسب أكبر من نصيبهم في عوائد السياحة.