الجزائر ترحب بقرارات محكمة العدل الأوروبية المؤكدة لعدم شرعية الاتفاقيات التجارية المبرمة مع المغرب    اجتماع وزراء الداخلية لمجموعة ال7 بإيطاليا: مراد يتحادث مع المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 41825 شهيدا    لن يغفر لنا أهل غزّة    على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته في غزة    انطلاق الطبعة الثانية لحملة التنظيف الكبرى بالجزائر العاصمة    حوادث المرور: وفاة 4 أشخاص وإصابة 414 آخرين بجروح خلال ال48 ساعة الأخيرة    مرسوم رئاسي يحدّد تشكيلة الهيئة    تنظيم مسابقة وطنية لأحسن مرافعة في الدفع بعدم الدستورية    بلمهدي يشرف على إطلاق بوابة الخدمات الإلكترونية    لبنان تحت قصف العُدوان    3 لاعبين بقميص الخضر لأول مرّة    البنك الدولي يشيد بالتحسّن الكبير    شنقريحة يلتقي وزير الدفاع الإيطالي    يوم إعلامي لمرافقة المرأة الماكثة في البيت    إحداث جائزة الرئيس للباحث المُبتكر    أسماء بنت يزيد.. الصحابية المجاهدة    دفتيريا وملاريا سايحي يشدد على ضرورة تلقيح كل القاطنين    بلمهدي يبرز بتيميمون امتداد الإشعاع العلمي لعلماء الجزائر في العمق الإفريقي والعالم    مجلس الأمن : الجزائر تعرب عن "قلقها العميق" إزاء التدمير المتعمد لخطي أنابيب الغاز نورد ستريم 1 و 2    افتتاح الطبعة ال12 لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي    العدوان الصهيوني على لبنان: الاستجابة الإنسانية في لبنان تحتاج لجهود "جبارة"    الأمم المتحدة: نعمل "بشكل ثابت" لتهدئة الأوضاع الراهنة في لبنان وفلسطين    سايحي: الشروع قريبا في تجهيز مستشفى 60 سرير بولاية إن قزام    الجزائر حاضرة في مؤتمر عمان    استئناف نشاط محطة الحامة    طبّي يؤكّد أهمية التكوين    بوغالي يشارك في تنصيب رئيسة المكسيك    السيد بلمهدي يبرز بتيميمون امتداد الإشعاع العلمي لعلماء الجزائر في العمق الإفريقي والعالم    افتتاح الطبعة ال12 لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي    الرابطة الثانية هواة (مجموعة وسط-شرق): مستقبل الرويسات يواصل الزحف, مولودية قسنطينة و نجم التلاغمة في المطاردة    صحة: تزويد المستشفيات بمخزون كبير من أدوية الملاريا تحسبا لأي طارئ    رابطة أبطال إفريقيا (مرحلة المجموعات-القرعة): مولودية الجزائر في المستوى الرابع و شباب بلوزداد في الثاني    إيطاليا: اختتام أشغال اجتماع وزراء الداخلية لمجموعة ال7    الجزائر-البنك الدولي: الجزائر ملتزمة ببرنامج إصلاحات لتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة والشاملة    وهران: انطلاق الأشغال الاستعجالية لترميم قصر الباي    ديدوش يدعو المتعاملين المحليين للمساهمة في إنجاح موسم السياحة الصحراوية 2025/2024    طاقات متجددة : إنتاج حوالي 4 جيغاوات بحلول 2025    مجمع سونطراك يؤكد استئناف نشاط محطة تحلية مياه البحر بالحامة بشكل كامل    اجتماع وزراء الداخلية لمجموعة ال7 بإيطاليا: مراد يلتقي بنظيره الليبي    سايحي يشدد على ضرورة تلقيح كل قاطني المناطق التي شهدت حالات دفتيريا وملاريا بالجنوب    عدد كبير من السكنات سيُوزّع في نوفمبر    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    يوم إعلامي حول تحسيس المرأة الماكثة في البيت بأهمية التكوين لإنشاء مؤسسات مصغرة    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب: الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    الحكومة تعمل على القضاء على التجارة الالكترونية الفوضوية    حوادث المرور: وفاة 14 شخصا وإصابة 455 آخرين بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    كأس افريقيا 2025: بيتكوفيتش يكشف عن قائمة ال26 لاعبا تحسبا للمواجهة المزدوجة مع الطوغو    هل الشعر ديوان العرب..؟!    توافد جمهور شبابي متعطش لمشاهدة نجوم المهرجان    وزير السياحة وعلى مستوى ساحة البريد المركزي بالعاصمة    بيتكوفيتش يكشف عن قائمة اللاعبين اليوم    منتخب الكيك بوكسينغ يتألق    هذا جديد سلطة حماية المعطيات    خطيب المسجد النبوي: احفظوا ألسنتكم وأحسنوا الرفق    مونديال الكيك بوكسينغ : منتخب الجزائر يحرز 17 ميدالية    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة العشرين ألف ميل.. و24 ساعة طيران : أرض ماليزيا.. وبأي آلاء ربكما تكذبان..
نشر في البلاد أون لاين يوم 15 - 07 - 2013

لا يمكن الحديث عن دولة بسمعة ماليزيا إلا وينتابك الشعور بالفخر لما وصل له هذا البلد الإسلامي من تطور وحضارة جعلته يسبق الزمن بأشواط وسنون نحو عولمة، خارج التوقعات، لبلد شهد ميلاده ذات التسعينيات، حينما قرر مهاتير محمد لحظة عزّة أن يجعل من وطنه جنة على الأرض. رحلتنا انطلقت من "مطار هواري بومدين" على الساعة الواحدة ظهرا، كلنا تساؤلات، كيف سنجد هذا البلد الذي طالما سمعنا عن عظمته، وعن إنجازاته وعما حققه من نجاحات في القطاعات، الإقتصادية، السياسية، الإجتماعية وغيرها، أردنا أن ندوس هذه الأرض المسلمة التي كسرت القاعدة الرائجة حاليا عن الدول المسلمة، هذه القاعدة التي صنعتها دولنا العربية، والتي لا حديث فيها إلا عن التّخلف، عن الدّيون المتراكمة، عن الأزمات اللاّمتناهية، هذا ما نسمعه عن معظم بلداننا الإسلامية، وعكس ذلك تماما ما نسمعه عن ماليزيا.. بلد الأحلام.
كانت الرحلة منقسمة إلى ثلاثة مراحل، أولاها إلى مصر، حينما توقفنا في مطار القاهرة ل6 ساعات، لا تكاد تجد في تلك الرحلة مقعدا واحدا شاغرا، وقتها موسم العمرة، كل الطائرة تقريبا بالأبيض، إنهم معتمرون، وعادتهم التي لا تنضب في التوسم بالأبيض لإيلاء الوجه قبل البيت الحرام، لا حديث في تلك الطائرة سوى عن الأزمة المصرية، ليلة ال29 إلى ال30 جوان.. إنه الاستعداد "للتّمرد"، على نظام "الإخوان".
مصر يوم التمرد .. أهبة أمنية عالية
حال وطأتنا مطار القاهرة الدولي على حوالي الساعة السادسة، مساء بتوقيت القاهرة، حتى بدأت التفتيشات، والأسئلة، حملت معي من الطائرة بعض العناوين الصحفية المصرية، كانت كلها برائحة الدم المصري، لغة الإعلام يومها لم تخلو من التهديد والوعيد، من الفتنة أيضا، ترقبا "لليوم الموعود"، الذي ينتظره الشارع المصري بالكثير من الخوف، والترقب، لما سيكون مصير مصر بعد مليونية "التّمرد". تساؤلات عديدة تبادرت في ذهن اللذين رافقونا في الطائرة، هذه الرحلة التي اختلفت عن باقي الرحلات التي قادتنا قبلا إلى مصر في ظروف لا تختلف كثيرا عن هذه، إلا أن الأخيرة ارتبط ذكرها بالحديث عن ورود فكرة الحرب الأهلية، هذا الموضوع الذي كان حديث ركاب الرحلة، حتى معتمرينا لم يفوتوا الفرصة بالدعاء والصلاة من أجل أن تخرج مصر من محنتها.
لم يخل مطار القاهرة من التفتيشات والتعزيزات الأمنية عالية الوتيرة، فلا تكاد تتجاوز حاجز تفتيش حتى يعترضك الآخر، أهبة لأي طارئ في ظل ماكانت تعيشه مصر ذلك اليوم من توتر في الشارع، استعدادا للمليونية للإطاحة بنظام الإخوان، هذا الفعل الذي يسميه بعض المصريين ثورة مضادة، أو تصحيح مسار ثورة 25 يناير. كما يراها الفريق الآخر من الموالين لمرسي، مقتلا لمصر كلها، فما كدنا نسأل أحد أعوان الأمن بمطار القاهرة، أين نجد قاعة "الترانزيت"، حتى باشر بسؤالنا، ما رأيك فيما تمر به بلادنا، وهل تعلمين أن الوضع في مصر صعب جدا، وكأنه كان يحتاج لدفعة بسيطة كي يفرغ ما بجوفه من تخوفات على وطنه، في ظل الإختناق الذي يمر به الشارع الذي وحسب الأخبار "امتلأ على آخره"، مليونية ب"ميدان التحرير"، ونظيرتها ب"رابعة العدوية"، أحداهما ضد مرسي، والأخرى مع نظام الإخوان.. مطار يعج بمن حملو حقائبهم "فرارا" من الوضع الغامض الذي دخلت فيه بلدهم بعدما كانت قبلة الملايين، ذات استقرار ما.
تسع ساعات للوصول إلى بانكوك.. بوابة العولمة
مطار بحجم العاصمة الجزائرية، هكذا ينتابك الشعور، حينما تلج مطار سوفارنابومي الدولي الجديد في العاصمة التايلندية بانكوك، الذي هبطت فيه الطائرة المتوجهة إلى العاصمة الماليزية كوالالمبور والتي أقلتنا، للتوقف ساعتين "ترانزيت"، محلات تجارية على مد البصر، ومراكز للعلاجات الفيزيائية، قاعات للرياضة، وأخرى "للتدليك"، خدمات بلا حدود، للزّبون، الذي ينسى تعب السفر والوصول إلى هنا بعد ساعات طوال من الطيران. كل ما تحتاجه وما يمكن أن يخطر في بالك متوفر في ذلك المطار، الذي- رغم كل التطور المجسد في مختلف الهياكل التي يحويها-، إلاّ أنه حرص على الترويج للتراث التايلندي بكل تفاصيله، ومراحله، بدءا بالموسيقى وصولا إلى محلات لا متناهية للألبسة والأكلات وأخرى للتعريف بالعادات و التقاليد التايلندية، وقد صنف هذا المطار الذي يبعد عن المدينة بحوالي 23 كلم، في المرتبة الثامنة عشر عالميا من ناحية عدد الرّكاب المسافرين بما يقارب 37 مليون مسافرا سنويا. ويعتبر المطار قاعدة العمليات الرئيسية للعاصمة بانكوك.
ماليزيا أرض الابتسامة والسلام
بعد حوالي 16 ساعة من الطيران، و24 ساعة من السفر، وصلنا أخيرا إلى مطار كوالالمبور الدولي، ووطأنا أخيرا أرض الابتسامة والسلام ماليزيا، هذا البلد الذي يفاجئك أهله في الوهلة الأولى بالبشاشة التي لا حدود لها. أنت مرحب بك في بلد الفتوحات، دون الإطلاع على هويتك، على دينك، أو عرقك، دون التحقق من لون بشرتك، الكل سواسية في بلد القانون، والملائكة. توجهنا في أول يوم إلى إقامة الجامعة العالمية الإسلامية، التي تبعد حوالي ساعة أو أزيد بقليل عن المطار، وفي طريقنا استطعنا أخذ فكرة مبسطة عن أسلوب العيش هناك من خلال ما شرحه لنا مرافقنا في ماليزيا من بنغلاديش عبد المنعم، حيث أعطانا فكرة عن التعايش الذي تشهده البلاد، وكيف أنه لا فرق بين مالوي، ولا صيني ولا هندي في المواطنة بماليزيا، كلهم ماليزيون، يحملون جواز سفر موحد، تحت حماية الفدرالية التي صنعت لنفسها مكانا في الخارطة العالمية في ظرف قياسي.
هذا البلد الذي لقن العالم درسا في التعايش وفي الإحتضان، كونه الصّدر الذي يسع الجميع، والوعاء الذي يتماشى مع كل الأزمنة والأمكنة، لا يمكنك التجول في ماليزيا في غياب الدهشة، والإنبهار والسؤال، بما أنهم استطاعوا، لما لا نفعل نحن؟، لماذا نظن دائما أننا دولة فتية بحكم أنه مر 50 سنة على استرجاع استقلالنا، ولا تظن ماليزيا نفسها كذلك رغم أنها وليدة العشرين سنة الماضية فقط. استطاعت هذه البلاد أن تفرض نفسها متعاملا إقتصاديا هاما لأكبر الدول في العالم، حتى أن عملتها قاربت أن تساوي الدولار الأمريكي الأمر الذي يؤكد قوتها على كل الأصعدة.
شارع العرب و"تشاينة تاون".. التناقض يصنع الحدث
شارع العرب كان وجهتنا الأولى في اليوم الموالي بعد ساعات الارهاق والتعب خلال السفر الذي دام 24 ساعة، فلا يمكن لعربي كان أو أجنبي زيارة ماليزيا دون المرور على "بيكيت بينتونغ"، الذي يمثل مركز كوالالمبور، في التجارة الراقية والتبادلات. يحوي هذا الشارع عددا هائلا من المراكز التجارية، والمحلات وأكبر المطاعم المصنّفة الأجمل والأرقى في القارة الآسيوية، وقد سمي بيكيت بينتونغ بإسم شارع العرب، لكثرة مرتاديه العرب، ولكنه في الواقع هو الشارع الذي يحتضن كل الجنسيات في العالم، لما فيه من ماركات العالمية. من الجانب الآخر لهذا الشارع وغير بعيد عنه، تجد السوق الشعبية تشاينة تاون، التي تباع فيها مختلف الأغراض والمنتوجات المصنعة في الصين، هذه السوق التي يلجأ إليها التجار الجزائريون لإقتناء السلع وإعادة بيعها بأضعاف أسعارها المضاعفة وهذا موضوع آخر.
التناقض بين ماهو موجود في شارع العرب وتشاينة تاون يكمن، في أن بيكيت بينتونغ يبهرك في تصاميمه وعماره والتكنولوجيات الحديثة المستخدمة في الأبنية المجاورة له، في حين أن "تاون" سوق لا تخضع للتكنلوجيا بل حرة، مفتوحة على مصراعيها، في الهواء الطلق بشكل نظامي، وفي نفس الوقت فوضوي، يحرص السياح على زيارة هذه السوق لتنوع السلع ولأسعارها المعقولة مقارنة بمراكز بينتونغ التجارية التي تخضع للمقاييس العالمية والتي تعتبر الأسعار فيها جد باهضة نظرا للماركات التي تعرض فيها.
مهاتير محمد.. معجزة ماليزيا وقائد النهضة
لا يمكن الحديث عن أمجاد الإقتصاد الماليزي، والنهضة الإسلامية هناك، دون الخوض في تفاصيل "معشوق الشعب" الذي لايزال وفيا لعهد رئيس الوزراء الماليزي السابق، الدكتور مهاتير محمد، هذا الأخير الذي قطع وعدا فوفى، وأخرج ماليزيا "من الظلمات إلى النور"، خلال سنوات بسيطة، يكنّ الشعب الماليزي لحاكمه السابق الذي ترك منصبه وهو في عز عطاءاته ومجده، هذا الرجل الذي حفر في الذاكرة الجماعية لشعبه كل الإحترام والمودة، ولاتزال تفاصيل ولايته وشخصيته تدرس في المناهج التربوية، في المنظومة الأسرية الماليزية فيكبر المواطن الماليزي على حب هذا الرجل الذي علا ببلده وشعبه أعطى العالم صفعة، وأصبح مضرب المثل، وكم هم قلائل نظراءه.
ويفتخر الشاب الماليزي بالدكتور ماهاتير محمد، الأمر الذي أكده لنا عدد من طلبة الجامعة العالمية الإسلامية، الذين يرون أن رئيس وزراءهم السابق صاحب المبادرة في فتح الباب أمام ماليزيا لتطل على العالم المتقدم، من أوسع الأبواب، وأنه باهتمامه بقطاع التعليم بهذا الشكل اللافت هو من جعل خطته ناجحة في ضم إسم بلدهم إلى قائمة الدول المتقدمة في العالم ، حينما خصص أكبر قسم في ميزانية الدولة ليضخها في التدريب والتأهيل للحرفيين، كما حرص على إرسال عشرات الآلاف من الطلبة كبعثات للدراسة في أفضل الجامعات الأجنبية ليحرص بعدها على استرجاع الأدمغة التي كونت في الخارج إلى أرض الوطن، لإستثمارها، وهكذا أصبح مهاتير رجل التاريخ الذي لا يمحى في ذاكرة كل مواطن ماليزي، هذا الأخير الذي تضاعف دخله السنوي إلى 16 مرة، كما تضاعف احتياطي الصرف إلى عشرات المرات منذ عشرين سنة، وغيرها من العوامل التي جعلته يخرج ببلده من أسفل السافلين إلى أعظم دولة إسلامية في العالم.
بوتراجايا المدينة الفاضلة.. ومسجد بكت على أبوابه الملائكة
توجهنا إلى مقاطعة بوتراجايا، التي تعتبر العاصمة الإدارية لماليزيا، حيث ترى أعينك الإبداع البشري في العمار، تحف معمارية على الهواء الطلق، متحف على مد البصر، يضم أضخم الأبنية، حيث تتمركزبمنطقة سيلانجور والتي تتكون من ثمان بحيرات ومساحات شاسعة من الغابات الطبيعية الخلابة وقد صممت الحكومة الماليزية هذه المنطقة لتكون العاصمة الإدارية والسياسيه لها بدلا من كوالالمبور العاصمة التجارية لماليزيا.
لا يمكن أن تمر بمدينة بوتراجايا دون دخولك إلى المسجد الأزرق، أو مسجد بوتراجايا، هذا المبنى الروحاني "بيت الله" الذي تسكنه الملائكة، والذي لا يدخله إلا المطهرون، يشعرك الوقوف أمام مدخله بعظمته، حتى تكاد تسمع أزيز الملائكة خشوعا، فهم يحبون الجمال، وما أجل أن تقف أمام هذا المسجد المطل على البحيرة التي تخرج بك نحو عالم الطبيعة والتي تزيدك تأملا في عظمة الخالق، واحتراما لمن أرادو لبلدهم أن تصبح بهذا المنظر في هذا الظرف الوجيز. ويعتبر مسجد بوتراجايا أحد أجمل المساجد في ماليزيا حيث يتسع لأكثر من 15 ألف مصل، وقد تم الانتهاء من بنائه قبل 14 سنة. وبمقابل ذلك تحوي بوتراجايا المدينة النموذجية في آسيا على ثمان جسور فوق البحيرة الإصطناعية.
بيوتهم الفوضوية.. وشوارعنا الراقية
تتعجب، حينما تعرف أن أحد التجمعات السكانية، المبنية بطريقة فنية عالية، ترمز للتراث المالوي، بالكثير من النظافة، والترتيب، هي عبارة عن أبنية "فوضية"، تفاجأت وأنا أحمل كاميرا التصوير لأخذ صور لهذا العمار المميّز وهذا التجمع المبهر، فإذا بأحد المرافقين يؤكد لي أن ما أنا متحمسة لإلتقاط صور له ما هو إلاّ أبنية "فوضوية"، أوّل ما تبادر في ذهني هو أحياء "العاصمة الرّاقية"، لو أسقطت في شوارع ماليزيا إذن أكيد لأعتبرت فوضوية، خاصة وأن ما يسمونه بالبيوت الفوضوية، أجمل بكثير من عماراتنا المبنية عشوائيا. لا جماعات محلية تبادر ولا مواطن يهتم.
تمثيل الجزائر.. ورفض التدخل في الأراضي السورية
أن تجد نفسك في محل تمثيل بلدك، في مؤتمر عينة منظمة التعاون الإسلامي، هذا يعني أنك أمام مسؤولية عدم الخطأ، ومسؤولية الإطلاع على كل المواقف، التي اتخذتها الجزائر في الفترة السابقة، حيث ناقش، هذا المؤتمر عددا من القضايا التي صوتنا عليها باسم الجزائر، على غرار تحديد سن الزواج لدى المرأة في بلدان المنظمة، إلى جانب التدخل العسكري في سوريا، الأمر الذي لم رفضناه باسم الجزائر في عملية التصويت إلى جانب الوفد التونسي، والمغربي والعراقي، كما تم خلال المؤتمر الخوض في جملة من النقاط ومحاولة حل عدد من الأزمات. أما عن التدخل، فقد قدمنا باسم الجزائر مداخلة تحكي عن التعايش السلمي في بلادنا، خاصة أن المواقف التي اتخذتها الجزائر والمبادرات لتعزيز السلم والأمن الدوليين واضحة ويشهد لها التاريخ، كما جاء في البرنامج كلمة عن الأمازيغ في الجزائر، حيث شرحنا لممثلي الوفود التنوع الذي تربى في رحم بلادنا إلى جانب التحديات التي اتخذتها المرأة الجزائرية طيلة السنوات الماضية، حينما خاضت في كل مجالات الحياة وكسرت كل القيود.
الدوريان.. رائحة جهنم وطعم من الجنة
الدوريان الفاكهة المحرمة، كما يحب البعض تسميتها، هذه الثمرة التي تتميز بها الأرض الماليزية عن باقي دول عالم، لا يمكن أن تلج سوقا شعبيا دون أن تشتم رائحة قوية، إنه عطر الدوريان، هذه الفاكهة الممنوعة في الأماكن العمومية، لرائحتها، وحتى في المطارات، فيسميها عشاقها طعم الجنة، ويسميها من لا يستصيغها "رائحة جهنم"، كل حسب مزاجه، إنها الأشهر على الإطلاق في ماليزيا، هي فاكهة استوائية والدوريان تأتي من لغة الملايو الأربع وتعني "شوكة" وتسمى بملكة الفواكه وتنمو بمناطق جنوب شرق آسيا خاصة في ماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة وتايوان وتايلاند ويطلقون عليها اسم "طعم الجنة ورائحة جهنم" لكون رائحتها قوية وكريهة جدا ولكنها تتميز بمذاق مميز وحلو. وبالإضافة إلى لونها الأصفر الذي يتواجد داخلها على شكل فصوص كبيرة بحجم الموز فان بذورها تحمص وتؤكل مثل البندق كما يمكن تخزين هذه الفاكهة مثلجة أو تجفف لتباع في غير مواسمها.
كما تعتبر الرامبوتان من أطيب الفواكه، غريبة الشكل طيبة المذاق، بسبب الطبيعة الاستوائية التي تتموقع عليها ماليزيا، يشبه لبه حبة البصل، وهو حلو الطعم، وغيرها من الفواكه التي تميز ماليزيا عن غيرها.
العودة إلى الجزائر.. مع الفارين من جحيم إدلب
بعد عشرة أيام قضيناها بمدينة السلام ماليزيا، حان موعد العودة إلى أرض الوطن، التي نأمل دائما أن نراها الأجمل في العالم، وننتظر دائما أن تحوي أحلامنا كما تفعل تلك البلدان مع أبناءها، رغم كل النقائص التي تسجلها الجزائر، في الوقت الذي لا مقارنة مع ثرائنا الطبيعي كان أو الاقتصادي، الا أنني لا أجد هذا الثراء مجسدا على أرض الواقع، عكس باقي الدول التي تخوض معركة التطور، والعولمة مع كل لحظة. عج المطار الجزائري يوما قبل الشهر الفضيل، بالفارين من جحيم الأزمة السورية، من سكان منطقة إدلب الحدودية، بين سوريا وتركيا، وكم هي كثيرة العائلات التي حزمت أمتعتها من سوريا، لإستقبال شهر رمضان في هدوء.
تقربت منا الفتاة أحلام، التي لا تتجاوز 12 ربيعا، وهي لا تتكلم العربية لا تجيد إلّا لهجتها الكردية، أشارت لي بأن أساعدها في تعبئة إستمارة الدخول إلى الجزائر، وذلك في مطار هواري بومدين، لم أتردد في سؤال أخاها الأكبر محمد، عن سبب مجيئهم إلى الجزائر في هذا التوقيت بالذات، فقال إنهم تعبوا من الحرب والجوع والتشرد، في النقاط الحدودية. يقول العم خالد إن التقاليد والعادات الجزائرية تشبه نظيرتها السورية، وهذا حسب ما سمعوه من أهاليهم الذين سبقوهم في السنوات الماضية إلى الجزائر، الأمر الذي شجعهم على اختيار الجزائر للجوء.
كما لم يخل المطار ممن جاؤوا إلى الجزائر من مصر تخوفا مما ستحمله الأيام القادمة؛ فالجزائر المستقر لهؤلاء، وغيرهم، والجزائر التي تتجاوز مساحتها المليوني كيلومتر مربعا، وتتموقع على آبار النفط والبترول، وعلى البحر المتوسط، والتي تحوي على المرجان والثروات. والجزائر التي أنجبت العمالقة، وحاربت ضد الاستعمار أزيد من قرن وثلث، لم تستطع إلى يومنا هذا أن تجد لنفسها مكانة يستحقها تاريخها، ويستحقها شعبها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.