البعض يعتقد أن الجزائر عاصمة لنيجيريا والآخر لم يسمع بها أبدا "الشاب خالد" يغزو قاعات الحلاقة بكوالالامبور ويظنه كثيرون مغربيا فضائح "سوناطراك" ساهمت في التعريف بالجزائر في ماليزيا ينتاب الزائر الجزائري إلى دولة في بعد الفيدرالية الماليزية تساؤل حول مدى معرفة شعب هذا البلد بالجزائر، وهل صحيح أن العولمة كسرت الحدود الجغرافية؟ كما يحبذ البعض الإشارة، في أول جولة لنا بشارع العرب بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، بالإضافة إلى السوق الشعبي "تشاينة تاون" وبرج المنارة وغيرها من شوارع المدينة.. حاولنا التقرب من عدد من الماليزيين وسكان المنطقة، من مختلف الشرائح والمستويات الثقافية، لنطرح عليهم سؤالا حول ما الذي يعرفونه عن الجزائر، خاصة أن بلدهم مميز بتفتحه على العالم، لتعدد جنسيات قاطنيه ولاعتبارات أخرى أهمها نجاح "عاصمة الفتوحات" ماليزيا، في النهضة والخروج نحو الدول المتطورة في ظرف عشرين سنة أو أقل، بعد أن كانت بلد فقير، لا يصل صداه حد جارته اندونيسيا!. وتصدم، كمواطن جزائري، حينما يفوق عدد اللذين يجهلون بلدك في استطلاع تقوم به في عاصمة تعج بالسياح والمطلعين على الخريطة العالمية، لا بل يجهلون وجود أرض على المجرة اسمها الجزائر.. كدنا نفقد الأمل في وجود ماليزي واحد يعرف أي معلومة صغيرة كانت أو كبيرة عن الجزائر بعد يوم كامل من السؤال في الشوارع، فبعد أن كان سؤالنا ماذا تعرف عن الجزائر، اضطررنا لتغييره والتنازل إلى هل تعرف بلدا اسمه الجزائر على الخريطة العالمية، فتضاربت الأجوبة وصبت في مجملها في القالب السلبي، للأمور، مما جعلنا نتساءل، أين هي العولمة هنا؟ أو أن السبب الرئيسي هو الإعلام، أو النظام، أو الفساد؟ الجزائر "فاست فود" وأكلة شعبية بدا الطالب سلام محمد، متعجبا حينما توجهنا إليه بالسؤال المتعلق بدولة اسمها الجزائر، فأشار إلى أنه لم يسمع بهذا الاسم قط في حياته. التصرف الذي بدر منه لم يدهشنا، لأننا توقعناه بحكم حديثنا مع عدد لابأس به من مواطنيه، وبعد لحظات قال سلام، بلهجة إنجليزية متقطعة "هل تقصدون الفاست فود الجزاير؟ أو أكلة الجزاير؟"، الأمر الذي جعلنا نغير الوجهة، نحو أحد الشرطيات الجالسة بمكتبها على الرصيف بشارع "بوكيت بينتونغ"، لنتحجج بالضياع كي ترشدنا، وننتهز الفرصة لسؤالها على ضالتنا، فحالما سمعت "آلجيريا"، قالت "نعم أعرفها"، الأمر الذي أشعرنا بالانفراج، فإذا بها تشير لنا بيدها إلى القطار وتوجهنا نحوه ليقلنا إلى شارع بكوالالمبور اسمه مشابه لكلمة الجزائر بالإنجليزية. لم يتردد التاجر الهندي محي الدين شعيب، في سؤالنا عن البلد الذي ننتمي إليه، الأمر الذي كسر روتين ذلك اليوم، وعكس المعادلة، فبدل أن نسأل نحن، بادر التاجر بذلك، وكانت فرصتنا "نحن من الجزائر هل تعرفها؟" قال "نعم أكيد، هو مطعم بشارع العرب، اسمه طاجين الجزائر، ماعلاقة هذا ببلدكم؟" عدنا لنؤكد له أننا من بلد يقع بشمال إفريقيا اسمه الجزائر، فقال "أليست الجزائر عاصمة نيجيريا؟" فكانت المصيبة أن يسمع بنيجيريا ولا يعرف شيئا عن "بلد الشمس"، أو على الأقل كما كنا نظنها نحن، فالأمر بات مثيرا للشك بعد كل هذه الغشاوة المشكلة عليه، فإضافة إلى هؤلاء الذين ذكرناهم، يوجد أضعافهم المضاعفة ممن استغربوا الاسم أصلا وأكدوا أنهم يسمعون به لتوهم، فلأول مرة يعرف 70 بالمائة ممن التقيناهم أن هناك بلدا في العالم اسمه الجزائر؟ "رأسية زيدان" ساهمت في تعريف الجزائر لبعض الماليزيين! وجهتنا الموالية كانت شارع "تشاينة تاون" الذي يعج بسكان قارة آسيا بشكل عام، خاصة الصينيين والماليزيين، حيث أنه يتميز باختلاط الأجناس الصفراء. وقال أحد تجار المكسرات، ممن التقيناهم هناك إنه يسمع عن الجزائر، "كيف لا وهي بلد اللاعب العالمي زيزو الذي أقدم على ضرب نظيره الإيطالي ماتيرازي في كأس العالم منذ سنوات"، فتوجهنا له بالسؤال "ولم لا تقول زين الدين زيدان الذي صنع أمجاد الكرة الفرنسية والأندية الإسبانية في فترة ما؟" فرد محدثنا قائلا "نحن لم نعرف أن زيدان من بلد إفريقي إلا بعد تلك الحادثة التي شوهت نوعا ما صورته، لكن رغم ذلك سيبقى لاعبنا المفضل مهما جاء الكبار من بعده". وفي خضم حديثنا إلى التاجر تدخل أحد الزبائن الذي من الواضح كان يسترق السمع "رغم زحمة المكان"، فقال "أنا أعرف الجزائر، ومن لا يعرف هذه القناة التي نتابع من خلالها الأخبار؟" من الواضح أن لقناة "الجزيرة" الإخبارية، رواج وصيت أكثر من الجزائر التي لم تجد لها محلا في خارطة معلومات الماليزي والشرق الآسيوي بشكل عام، حيث صادفنا في أكثر من مرة من يخلط بين هذه القناة والجزائر كبلد. الجزائر بلد "موقعة تينڤنتورين" يروي أحد عمال المركز التجاري القصة التي تربطه بالجزائر وهذا بعد أن أكد أنه يعرفها حق المعرفة، خاصة أن زوج أخته كان أحد المحتجزين إثر موقعة "تيڤنتورين" بالقاعدة البترولية، لم يكن المتحدث الوحيد من سمع بحادثة "تيڤنتورين"، بل العديد ممن التقيناهم، ومن يربطون صورة الجزائر بالمنظمات الإرهابية، فيقول أحد الطلبة بالجامعة العالمية الإسلامية إن موقعة "تيقنتورين" غزت عناوين النشرات الإخبارية العربية والعالمية وأنها أخذت حيزا من الاهتمام الدولي، خاصة أن المحتجزين وقتها كانوا من مختلف الجنسيات، وهذا لا يمنع أن هناك القلة القليلة ممن يعرفون الجزائر وعاصمتها، لا أكثر ولا أقل، ودون سلبيات مثل سابقيهم. ويعتبر الفرد الماليزي من أكثر الشعوب اطلاعا على ثقافات الآخر، بحكم احتكاكه بمختلف الأجناس، وتفتحه على كل الدول، بحكم طبيعة بلده السياحي الذي يستقطب سنويا زوارا من كل دول العالم "دون استثناء وفي جميع فصول السنة"، بالإضافة إلى طبيعته التي تميل إلى حب الاطلاع على ثقافات الآخر والاطلاع على كل ما هو جديد، الأمر الذي يصعب على الجزائري تقبل، فكرة عدم معرفة معظم الماليزيين للجزائر ككيان وبلد. "الفيسبوك" يفضح "سوناطراك" لم نكل في بحثنا عن المكانة التي تحتلها الجزائر، من دول العالم، وشعوبها، فتقربنا من مجموعة من الفتيات بأحد المراكز التجارية، بشارع العرب، وحاولنا سؤالهم، مدى معرفتهم بالجزائر، فبادرت أحداهن بالجواب، مشيرة إلى أنها تحب الجزائر من خلال تواصلها بعدد من الأصدقاء الجزائريين عبر "الفيسبوك"، مشيرة إلى أن فكرتها محدودة عن بلادنا، خاصة بسبب عدم بروز هذه الأخيرة حسبها على واجهة الأحداث العالمية، وأشارت في هذا السياق إلى أنها تعرف وزير الطاقة والمناجم السابق شكيب خليل وأنها سمعت بفضيحة "سوناطراك" التي فتحت ملف الفساد في الجزائر، إلى جانب ذلك لا تعرف إلا القليل، أما اللاتي رافقنها فقلن إنهن لا يعرفن عن الجزائر سوى انحدار اللاعب زين الدين زيدان من أصول جزائرية. الجزائريون لا يجيدون العربية! يعتقد الكثيرون ممن التقيناهم أن الشعب الجزائري لا يتكلم اللغة العربية وإنما الفرنسية، لغته الأولى، كما تعددت الأطروحات "الماليزية في هذا السياق، فحسب البعض الذين التقيناهم "إن الجزائريين تأثروا باللغة والثقافة الفرنسية، وإن معظم الجزائريين لا يجيدونها ولا حتى يفهمونها"، فحسبهم ما يشاع على الجزائريين أنهم "شعب أمازيغي مفرنس"، يستسهل التواصل بالفرنسية أكثر من تواصله بالعربي، حتى أن البعض استغرب حينما علم أنه لدينا في الجزائر أسماء أدبية كبيرة في مجال الكتابة بالعربية، حتى أن البعض حاز على جوائز، كما أن الكثير من الجزائريين يدرسون الأدب العربي في كبريات الجامعات بالعالم، ولم يتوقف هذا التفكير تجاه مدى اطلاع وإتقان الجزائريين للغتهم الأم على الماليزيين فحسب، وإنما تعداه إلى العديد من الجنسيات، فيرى خالد أمير من الهند أن الجزائريين لا يعرفون العربية، إلا القليل منها، كما استغرب السائق الماليزي الذي يجيد العربية، حينما تحدثنا إليه بالفصحى، مستغربا أنه وجد جزائريا يتكلم بالضاد، فحسبه الجزائر بلد فرانكفوني "الفكر"، واللسان. "الشاب خالد" يغزو قاعات الحلاقة بكوالالمبور جذب انتباهنا بشارع "بينتونغ"، الصوت العالي لموسيقى آخر "ألبومات" الشاب خالد، ما دفعنا إلى التقرب من صاحبة المحل، التي ترى أن موسيقى "الراي" بشكل عام وصلت إلى العالمية، فهي "من هواة ما يقدمه خالد".. إلى هنا كنا نعتقد أنها تعرف الجزائر، ولكن وجدنا أنها تعتقد أن موسيقى "الراي"، والشاب خالد مغربيان، وأنها تعرف تونس والمغرب ولا تعرف الجزائر.