"لست ضد الإسلاميين" "سأفرض نفسي في 100 يوم إذا ما فزت في الرئاسيات" "لن أكون وزيرا للدفاع وسأكتفي بالرئاسة" يقدم رئيس الحكومة الأسبق، والمرشح لرئاسة الجمهورية، رؤيته لملامح سيناريو الانتخابات الرئاسية المقررة سنة .2014 كما يؤكّد في مقابلة مع "البلاد" بمكتبه، أنّه لا خيار الآن أمام السلطة سوى التغيير والقبول بالتغيير. ويعتبر أنّ التغيير السلمي والتداول السلمي على السلطة سيكون في صالح الحكام والمسؤولين قبل أن يكون في صالح البلاد والشعب. أعلنتم عن ترشحكم للانتخابات الرئاسية المرتقبة في 2014، بشكل مبكر جعل البعض يتساءل، لماذا يصرّ الدكتور أحمد بن بيتور على خوض الرئاسيات المقبلة خلافا لسنة 2009 و2004، حيث لم يبدي حتى الرغبة في الترشح؟ لأن الظروف كانت مغايرة تماما فيما يخص 2004 و2009، ففي 2014 حدث تغيير شامل فيما يخص السياسة العالمية أو ما يسمى بالصحوة السياسية العالمية، حيث في أول مرة في تاريخنا المعاصر نجد الناس ناشطة سياسيا وواعية سياسيا وهذا شيء جديد حول العالم، وهذا ما من شأنه أن يفرض التغيير على العالم، خصوصا في المنطقة العربية، وهي الأحداث التي رأيناها في 2011، وسمحت بتحول موازين القوى من الحكام والسلطة إلى المواطنين وعامة الشعب، وبالتالي كل هذه الظروف تسمح لنا بالقول إننا في تحدٍّ من أجل جعل انتخابات 2014 انتخابات مفتوحة، لفائدة البلاد أولا وقبل كل شيء، وبالتالي أظن أنه لأول مرة في تاريخ الجزائر بعد الاستقلال تتهيأ الظروف وتتلاقى المصلحتان، مصلحة الحكام ومصلحة البلاد والمواطنين في أن يكون هناك تغيير حقيقي ولتكون انتخابات 2014 الباب المفتوح لتغيير سلمي بعيدا عن العنف، بحيث يراهن الناس على برنامج بمقدوره أن يحقق تطلعات الشعب. هل يفهم من كلامكم أنّ الانتخابات الرئاسية في 2014 ستكون نزيهة؟ أنا لم أقل إنّها ستكون نزيهة، أنا قلت إن فيه تحديا وفرصة يجب أن نستغلها من أجل التغيير، إذ لأول مرة نجد أنّه في صالح الحكام، كما في صالح الشعب والوطن أن تكون الانتخابات مفتوحة في 2014، والرهان حاليا هو قدرتنا على تجنيد المواطنين حول البرنامج، وفي حالة استطعنا تجنيد المواطنين سيصعب على صناع القرار تزوير الانتخابات. هل تستطيعون تحقيق التغيير دون امتلاك حزب سياسي؟ نحن قلنا إننا نريد التغيير، ونبحث عن التغيير والإصلاح، ومن يبحث عن تغيير الأوضاع يجب أن يبتكر وينتهج سياسة الابتكار فيما يخص منهجية العمل السياسي، وفيما يخص وسائل التغيير والرهان على قوى جديدة، ونحن نعمل على ما يسمى تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية، والتغيير لن يأتي عن طريق الأحزاب وأنا مؤمن ومقتنع بأنّ التغيير لا يمكن أن يأتي من أي شيء يمت بصلة إلى السلطة. فمثلا عندما يمنحونك ترخيصا لتأسيس حزب، قد أعدوا كل الشروط للسيطرة على هذا الحزب. أنتم تعوّلون على المتغيرات التي شهدتها المنطقة العربية فيما اصطلح عليه ب"الربيع العربي" من أجل الضغط لفتح اللعبة السياسية، ألاّ تظنون أنّ الفوضى التي تشهدها حاليا دول الربيع العربي وخاصة ما يحدث الآن بمصر ليس في صالحكم؟ أن تستمر السلطة وفق السيناريوهات السابقة، فهذا غير ممكن بتاتا اليوم، كل عوامل الانفجار متواجدة مثلما كانت متواجدة في البلدان الأخرى، صحيح أن الجزائر تتمتع بالريع البترولي، الأمر الذي مكّن من تغطية الأمور ولكن لن يبقى هذا للأبد، فانخفاض الريع سيؤدي إلى انخفاض التصدير وقدرة تمويل ميزانية الدولة. فلو انخفض سعر البترول أقل من 70 دولارا، فلا يبقى ولا دينار واحد من ميزانية التجهيز وتحدث مشاكل كبيرة في ميزانية التسيير وتمويل أجور الموظفين والتحويلات المستحقة، وأيضا البطالة كبيرة، ففي الجامعة مثلا يوجد حوالي مليوم و500 ألف طالب ما يعني أن في كل سنة يتخرج حوالي 300 ألف حاصل على شهادة جامعية وبطبيعة الحال سيطالبون بالشغل، يعني فيه عوامل انفجار محتمل، تؤكّد أنه من فائدة الجميع أن نجعل من انتخابات 2014 بوابة نحو التغيير السلمي الذي يجنب الجزائر سيناريوهات العنف والفوضى. كيف تتوقعون الجزائر من دون محروقات؟ لا يمكن أبدا تصور الجزائر من دون محروقات في الوضع الحالي، ف 75 بالمائة من مداخيل الميزانية تأتي من تصدير المحروقات، و98 في المائة من العملة الصعبة مصدرها المحروقات، إضافة إلى أنّ التصدير خارج المحروقات لا يغطي إلا 5 في المائة، وهذا معناه أنّه في حالة ما إذا انتهى البترول لا قدر الله، يجب أن يتم تخفيض الاستيراد ب 95 في المائة، ومع الأسف الشديد نحن نستورد 75 في المائة الكالوريات التي تستهلكها، هذا فقط من الجانب الاستهلاكي، ولهذا أقول أنّه لا يمكن تصور الجزائر من دون محروقات، فإذا ظل الوضع على حاله مع انقضاء البترول تتحول الدولة الجزائرية إلى دول مميعة. ماذا تقصدون بالدولة المميعة؟ الدولة المميعة تعني أن الدولة مسجلة في الأممالمتحدة كدولة، ولها تواجد في هذه المنظمة، ولكنها غائبة في البلاد. مث الصومال ودولة ليبيريا في الثمانينيات. ولهذا يجب أن يكون هناك برنامج اقتصادي للتحضير لمرحلة ما بعد البترول، وهو البرنامج الذي أطرحه حاليا، حيث يتم بناء 15 قطبا للتنمية، لتحقيق تنمية نوعية خارج مجال المحروقات كالفلاحة والزراعة والصناعة والخدمات.. هل تمت اتصالات بينكم وبين مرشحين محتملين للرئاسيات أو أحزاب سياسية؟ نعم فيه اتصالات ولكن من طرف أشخاص منخرطين في أحزاب سياسية، وليس كأحزاب وتنظيمات حزبية، وتصلني اتصالات عديدة وكثيرة من سياسيين بصفتهم الشخصية، مبدين رغبتهم في التعاون حول البرنامج، ونحن عندنا برنامج وكل من يرأى الفائدة في هذا البرنامج فمرحبا به. ولكن سبق أن صرحتم بأنكم لا تحتاجون للإسلاميين؟ هل هذا صحيح؟ أنا لم أقل هذا، أنا قلت أنا ضد من يستغل الدين للوصول إلى السلطة، وعند الوصول إلى السلطة يسيطر على الناس والله عز وجل يقول "إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر" وأنا أؤكد أن أي إنسان رأى في برنامجي صالح البلاد فمرحبا به، سواء كان إسلاميا أو ديمقراطيا أو غير ذلك، لأن أي مرشح في حاجة لأغلبية، والأغلبية التي أنشدها أنا هي الأغلبية والوحدة في التعددية. وهل ستقبلون بشروط مقابل الدعم والمساندة؟ نحن لسنا في مفاوضات، إذا كانت الشروط اقتراحات من أجل تحسين مردود البرنامج فأهلا وسهلا، أما إذا كانت هذه الاقتراحات تمشي عكس البرنامج فهذا غير مقبول بتاتا وغير ممكن. أنتم طالبتم في السابق بانتخابات رئاسية مسبقة؟ هل لازلتم تطالبون بذلك؟ أنا لم أطالب بانتخابات مسبقة، قلت إنّه إذا ما كانت هناك انتخابات مسبقة، فلا بد أن تتم قبل نوفمبر. لماذا؟ لأننا عمليين وتصوراتنا كلها عملية، عندما تأتي حكومة جديدة فالأحسن أن تأتي معها بقانون المالية الذي يخدم برنامجها، وليس قانون مالية حكومة سابقة. ولكن في حالة ما إذا تمّ تنظيم الانتخابات في أفريل 2014 فليس لدي مشكلة مع موعد أفريل 2014. هنالك حديث عن دعم أمريكي لبن بيتور؟ هل هذا صحيح؟ ما هوالدعم الذي أتلقاه من أمريكا، أنا لدي برنامج وأتجول حول مناطق وولايات الوطن من أجل عرضه على المواطنين الذين سينتخبون عليّ، أمّا هذه الأحدايث فمجرد كلام وافتراء لا معنى له ولا أساس له من الصحة. هل تعتقدون أن فرضية العهدة الرابعة ما تزال قائمة؟ أنا طرحت مبادرة اللاءات الأربعة، وهي: لا للعهدة الرابعة للرئيس الحالي، ولا لتمديد عهدته الرئاسية الحالية، ولا لمراجعة الدستور، ولا للتلاعب بالانتخابات. وقد تحققت الأولى، فلا مجال الآن للحديث عن عهدة رابعة وأعتبر أنّ فرضية العهدة الرابعة انتهت اليوم، وأيضا تمديد العهدة الحالية لسنة 2016 غير ممكنة التطبيق، أمّا تعديل الدستور فلا معنى له حاليا، وبقيت "لا للتلاعب وتزوير الانتخابات"، ونحن الآن نعمل على تجنيد الناس من أجل منع تزوير نتائج الانتخابات. ما هو تقييمكم للأوضاع التي تعيشها الدول العربية التي شهدت ثورات شعبية؟ لعل تونس ومصر أوضاعها أفضل بكثير من ليبيا وسوريا، ونستطيع أن نستنتج مما حدث ويحدث بهذه الدول ثلاثة دروس ابتكارية جديدة، أولا: عندما يستطيع المواطنون النزول بقوة لمكان استراتيجي من العاصمة، بإمكانهم ترحيل المسؤول الأول عن البلاد، ولكن مع الأسف إذا لم يكن هناك برنامج سياسي ورؤية واضحة وقيادة موحدة، لن يكون بمقدورهم تجسيد التغيير، وإن تمّ ترحيل المسؤول الأول عن البلاد، وبالتالي تدخل البلاد في دوامة من المشاكل. وأيضا استخلصنا من أحداث 2011 أنّ جميع الأنظمة العربية كان لديها وسائل قمع من شرطة وجيش ودرك وغيره، ولكن تلك القوى الأمنية، رأيناها في مصر وتونس، حيث انحازت للمتظاهرين، مما يعني أن الحكام حاليا ليس بمقدورهم التحكم في الوسائل التي يقمعون بها شعوبهم. كما أنّ العامل الذي يستند إليه الحاكم كعامل نجدة يستنجد به في آخر اللحظة وهي أمواله المخزنة في الخارج، أصبحت أيضا غير ممكنة، فقد شاهدنا في هذه الدول كيف تمّ تجميد أموال الحكام المخلوعين ومنعهم هم وأفراد أسرهم من استغلالها. وهنا نستنتج أن التغيير السلمي والتداول السلمي على السلطة سيكون في صالح الحكام قبل أن يكون في صالح الوطن والمواطنين وما دام عندنا موعد دستوري قادم متمثل في رئاسيات 2014 فليكن هو المحطة نحو تحقيق هذا التغيير الذي سيكون أولا وقبل كل شيء في صالح الحكام والمسؤوليين الحاليين. ما هي الإجراءات أوالقرارات العاجلة التي تنوون مباشرتها لو فزتم في الانتخابات؟ سأتخذ خلال ال100 يوم الأولى التي تلي الانتخابات الرئاسية، في حال فوزي فيها، كل القرارات والإجراءات العاجلة والحاسمة لتجسيد البرنامج السياسي والاقتصادي الذي دخلت به الانتخابات، تنظيم العمل الحكومي، وإنشاء أربع محافظات سامية برئاسة الجمهورية، للتفكير في مستقبل البلاد في كافة المجالات خاصة الاستشراف للسياسيات الطاقوية وتشجيع الكفاءات الوطنية، وإعادة بناء المواطنة وكتابة خرائط الطريق لكل الإصلاحات. هل سيحمل بن بيتور في حال فوزه في الانتخابات حقيبة وزير الدفاع؟ أنا طرحت خطة كاملة لعصرنة الجيش، وبما أني أود فعلا عصرنة الجيش الجزائري، فلا بد أن يكون وزير الدفاع واحدا غيري، لأنّ خدمة وزير الدفاع تتطلب وقتا وجهدا، وأيضا الرئاسة، وعصرنة الجيش تتطلب وزيرا مدنيا لوزارة الدفاع. حاوره/ نسيم عبدالوهاب