يعتقد ضيوف "ندوة البلاد" أن مختلف الأعمال والمسلسلات التي يعرضها التلفزيون الجزائري والقنوات الخاصة هذا الموسم، لم تخرج من دائرة الرداءة التي تأخذ عدة أشكال وأسباب من بينها غياب إرادة من المسؤولين لترقية الفن والثقافة في الجزائر، بالإضافة إلى ظهور انتهازيين وجدوا الفرصة الملائمة لنهب المال العام وتقديم الرداءة للمشاهد دون حسيب أو رقيب. كاتب "الجمعي فاميلي" و"دار البهجة" السيناريست محمد شرشال: القنوات الخاصة تكرر أخطاء التلفزيون باعتمادها على وجوه صنعت الرداءة يرى "السيناريست" والفنان المسرحي محمد شرشال أن مشكل "الدراما" التلفزيونية الجزائرية يمكن في أننا نعيد ونكرر نفس الخطاب مع كل موسم، فرغم ظهور قنوات خاصة، ما يفرض الرقي بمستوى أعمال رمضان، لازلنا نقول نفس الأشياء ونتطرق إلى المواضيع ذاتها. ويؤكد ضيف "ندوة البلاد" أن القنوات الخاصة سقطت في نفس الفخ الذي سقط فيه التلفزيون الجزائري، حيث أنها اعتمدت على نفس الوجوه التي صنعت الرداءة في التلفزيون العمومي، موضحا أن "الوجوه التي صنعت الرداءة في التلفزيون العمومي هاجرت إلى القنوات الخاصة". وقال إن التلفزيون واقع تحت رحمة وسطوة المنتجين الخواص، مضيفا "نعرف كلنا الطريقة التي ينتج بها التلفزيون، فهو لا ينتج المسلسلات والسيت كوم مباشرة، حيث يمنح الأموال لأصحاب المشاريع أو وكالات الإنتاج الخاصة التي تنجز تلك الأعمال.. وفي البداية تظهر المشاريع في شكلها المكتوب على أنها جيدة وتستحق التمويل، لكن الأمر يتغير في مرحلة التنفيذ، فلما يصل الأمر إلى المنتج يتم رمي السيناريو وتغيير كل شيء، وهنا يوضع التلفزيون أمام الأمر الواقع، وقليل جدا من المخرجين من يعتمد على كتاب السيناريو.. وهم قلة أيضا لأن ثقافة الاعتماد على السيناريو غائبة، إلى جانب ضعف التكوين في هذا المجال". ويعتقد شرشال أن صناعة السمعي البصري لا تعتمد على كتابة "السيناريو" بالقدر الذي تعتمد فيه على المؤثرات الصوتية والمرئية و"التكنولوجيات" الحديثة المستعملة"، مستدركا "لكننا في الجزائر لازلنا بعيدين عن هذا المستوى من العمل، فليس لدينا استوديوهات التصوير أو مدينة إنتاج إعلامي، وكل ما هو موجود أنهم يؤثثون فيلا أو دارا جميلة مثلا ويتم تحويلها إلى مكان تصوير، وهذا مشكل كبير؛ فلا يمكننا الارتقاء بالدراما في غياب هذه المنشآت الهامة والضرورية.. تونس أو مصر مثلا لديها مدينة إنتاج إعلامي، فأن تصور مسلسلا من 30 حلقة مشكلة كبيرة في الجزائر وأمر صعب جدا، وغياب الهياكل من بين أسباب الرداءة"، على حد تعبيره. رابية يستغرب ظهور نفس الوجوه على شاشة رمضان في كل موسم التلفزيون والساحة الفنية تعيش في فوضى.. مثل الأحزاب السياسية يعتقد الممثل التلفزيوني والفنان المسرحي عبد الحميد رابية أن الأعمال الدرامية والفكاهية التي يقدمها التلفزيون الجزائري والقنوات الخاصة التي ظهرت في السنتين الأخيرتين، لم تكن في المستوى وسقطت مجددا في الرداءة التي يشتكي منها المشاهد والمراقبون في كل موسم. وتساءل في النقاش الذي فتحته "البلاد" حول الموضوع "لماذا تمت برمجة كل هذه الأعمال على كل القنوات، العمومية والخاصة، في وقت واحد، مما يشتت المشاهد فيبقى يتنقل من قناة إلى أخرى دون أن يجد ما يبحث عنه ويرضيه". وأكد ضيفنا أن كل المواضيع التي تطرحها تلك المسلسلات، حتى لا نقول تعالجها، متشابهة تماما وغير مبنية أو مؤسسة من ناحية المضمون لأن الجمهور الجزائري متعود على الحكاية التي تكون لها بداية ونهاية، وعلى الإنتاج الذي يعكس ويواكب ما يجري في مجتمعه، وإذا كان لا يجد نفسه في ما تعرضه القنوات، فإنه يغادرها ولا يتهم بها مطلقا. وقال محدثنا إن الفنانين الجزائريين ظلوا يطرحون قضية تحضير الأعمال الرمضانية في آخر لحظة، غير أن شيئا لم يتغير"، مضيفا "يفترض أن تسطر كل قناة برنامجا طويل أو قصير المدى تحسبا لشهر رمضان، لا أن تنتظر قدومه وتشرع في استدعاء الفنانين للعمل". ويعتقد الفنان أن التلفزيون الجزائري والساحة الفنية عموما تعيش في فوضى، شأنها في ذلك شأن الأحزاب السياسية، مضيفا "نحن كفنانين لم نجد أنفسنا من ناحية الإنتاج.. وحتى التلفزيون العمومي الذي كنا نعتبره كالقناة الأم والأب، تقهقر إلى أسفل السافلين.. خلال هذا الشهر لم أشاهده، واتجهت نحو القنوات الجديدة التي اجتهدت نوعا ما، ورغم ذلك وجدت أن كل ما تقدمه، هو برامج متشابهة". من ناحية أخرى، استغرب عبد الحميد رابية ظهور نفس الوجوه في أعمال رمضان، فقال "نؤكد دوما أن الشعب الجزائري كله فنان، لكننا لا نشاهد سوى وجوها مكررة في كل مرة.. صحيح أن بعض الوجوه الشابة الجديدة ظهرت هذا الموسم، وهذا شيء جميل ومستحب، لكنها غير مكونة لأن الموهبة وحدها لا تكفي ويجب أن تغذى بالعلم والمعرفة حتى يذهب الفنان بعيدا في مساره، أما إن كانت الموهبة فقط فإنها تصل إلى سقف معين وتتوقف وتسقط حينها في التكرار". أيمن. س رابية يتقاضى 18 ألف دينار من المسرح الوطني بعد 50 عاما من الخدمة ويؤكد: نحن مجبرون دوما على قبول الأعمال الرديئة لإعالة عائلاتنا أبدى الفنان عبد الحميد رابية تذمره مما وصفه بالمهازل التي تمارس في حق الفن والفنان ببلادنا، مشيرا إلى أن الأجر الذي يتقاضاه بالمسرح الوطني، بعد خدمة خمسين سنة، لا يتجاوز الحد الأدنى من الأجر القاعدي المضمون والذي يقدر ب 18 ألف دينار، في حين أكد أنه لا يملك أجرة ثابتة تعينه وعائلته على العيش الكريم. وقال هنا "ما يجبرني على تقبل أداء الأدوار التي يعرضها علي التلفزيون الجزائري أو حتى القنوات الخاصة، هو حاجتي لدخل يعينني على أعباء الحياة، فالفنان في بلادنا إن لم يشتغل في شهر رمضان، لن يجد قوت يومه". ولهذا يضطر الكثير من الممثلين، حسب محدثنا؛ لقبول أعمال تتنافى مع مبادئهم الفنية مقابل الظهور على الشاشة ولو مرة واحدة في السنة. وحمل رابية وزارة الثقافة والمنتجين بالتلفزيون الجزائري مسؤولية تلك الرداءة التي يرى أنها تستهزئ وتستخف بعقل المشاهد الذي أصبح ذكيا يعي ويميز جيدا بين الإبداع والمهازل، مضيفا "نحن كمبعدين بطالون طيلة السنة، ولو لدي أجر محترم في المسرح لما شاركت في أي عمل مع التلفزيون الجزائري أو القنوات الخاصة، وأنا بعد خمسين سنة من العطاء، وخريج معهد الفنون الدرامية في برج الكيفان، وخريج مدرسة عسكرية وكنت ضابطا، والمفروض أني الآن عقيد متقاعد، أتقاضى الحد الأدنى من الأجر القاعدي المضمون من المسرح الوطني، ووصل بي الحال إلى أنه لولا عملي بالتلفزيون بالدراما الرمضانية لما استطعت العيش بكرامة أنا وعائلتي". فاطمة حمدي رابية يطالب بتطهير القطاع من "اللوبيات" و"المافيا" مسلسلات رمضان رديئة لأنهم يستدعوننا في آخر لحظة أرجع الفنان عبد الحميد رابية الرّكود الثقافي، وتقهقر مستوى الأعمال الدرامية الرّمضانية، على وجه الخصوص، رغم انفتاح مبدئي لقطاع السمعي البصري متمثلا في ظهور قنوات خاصة، إلى وجود "لوبيات" تتحكم في الإنتاج الدرامي على الساحة الفنية. ودعا في هذا الإطار إلى ضرورة تضافر الجهود لتطهير المجال من "مافيا" السوق الفنية التي احتكرت الأعمال والتي لا علاقة لها حسب محدثنا بالفن الرّاقي، والجاد، مضيفا أن "هذه المافيا تطمح إلى الرّبح السريع من الومضات الإشهارية، على حساب جودة العمل وتقديم الأفضل للمشاهد الجزائري الذي أصبح لا يثق في مستوى الدراما الجزائرية التي تتراجع إلى أدنى المستويات من سنة لأخرى لعدم وجود قانون يضبط معايير السوق الفنية". واتهم رابية المنتجين الخواص بالجزائر، بالتحريض على الرداءة، من خلال جهلهم بالمعايير الحقيقية للعمل الفني المتكامل، مشيرا إلى أنه دائما يتم استدعاء الممثلين في آخر لحظة لتصوير الأعمال والمسلسلات الخاصة بشهر رمضان، وأن النّصوص التي تقدم لهم "ناقصة"، وتجبرهم على الارتجال في كل مرة خلال التصوير؛ الأمر الذي يفسر المستوى الهابط للدراما الجزائرية الحالية. وشرح ضيف "ندوة البلاد" هذا الأمر بالقول "حين يتم استدعاؤنا للمشاركة في أعمال فكاهية مثلا لا يتم إعطاؤنا سيناريو مكتوب وواضح نشتغل بناء عليه، وإنما يشرحون لنا الفكرة التي يقوم عليها العمل بصفة عامة، فنبدأ ترتجل.. وفي الارتجال يظهر التكرار والإعادة فتظهر لاحقا الرداءة". فاطمة. ح رابية يتهم وزيرة الثقافة بمحاولة تحطيم "معهد برج الكيفان" ويؤكد: ميزانية مهرجان "تيمقاد" تكفي لتمويل قطاع المسرح لخمس سنوات استغرب الفنان المسرحي عبد الحميد رابية تصريحات مدير الديوان الوطني للثقافة والإعلام لخضر بن تركي الأخيرة التي قال فيها إن 15 مليار سنتيم هي ميزانية مهرجان "تيمقاد" الدولي وأنها ليست كافية على الإطلاق لإنجاح التظاهرة كما يجب. وأشار رابية إلى أنه لو خصصت هذه الميزانية للمسرح لأنتجت أعمال فنية حقيقية وضخمة تكفي لتنشيط المسرح لمدة خمس سنوات، في إشارة منه إلى أن ميزانية المسرح ليست كافية في الوقت الراهن. وتحدث رابية عن المعهد الوطني لمهن العرض وفنون السمعي البصري الشهير ب"معهد برج الكيفان" أو "إيسماس"، فقال إنه "كذبة العصر"، متهما وزارة الثقافة بمحاولة قتل فن المسرح بإدخال السمعي البصري على المعهد العالي للفنون الدرامية، وهو اسمه السابق، متسائلا "وهل وزارة الثقافة لا تملك الميزانية الكافية لإنشاء معهد مستقل خاص بالسمعي البصري، بعيدا عن معهد برج الكيفان الذي تخرج منه عمالقة الفن الرابع"، وفي هذا الصدد طالب رابية الجهات المعنية، بمنح اسم مصطفى كاتب للمعهد بحكم أنه مؤسسه. فاطمة. ح توجد 1020 وكالة إنتاج خاصة وأصحاب أغلبها "بزناسية" قدر ضيفا "ندوة البلاد" عدد وكالات الإنتاج الخاصة التي ظهرت منذ بداية التسعينات إلى غاية الآن ب 1020 وكالة على الأقل، مؤكدين أن أصحابها ومن يقفون وراءها، أغلبهم، وفق التعبير الشعبي الجزائري، "بزناسية" و"بقارة"، أي انتهازيون، ويبحثون فقط عن الكسب السريع ولا يهمهم مستوى ما يقدم للمشاهد وليست لهم خبرة بالمجال. وأوضح "السيناريست" محمد شرشال خلال النقاش، أن التلفزيونات الخاصة حرة في عرض كل الأعمال حتى لو كان مستواها رديئا لأنها تبقى خاصة، غير أن الفنان عبد الحميد رابية قاطعه بالقول إن "تلك القنوات ليست حرة لأنها لا تنتج بأموالها الخاصة، فهي تعتمد على إمكانيات وأموال الدولة والشعب ويجب محاسبتها ومراقبتها". من ناحية أخرى، اتهم ضيوف "ندوة البلاد" غالبية المنتجين الخواص بالاستهتار بالمشاهد الجزائري وعدم احترام ذوقه، ذاكرين مثالا لتصوير مشهد واحد في سلسلة "عمارة الحاج لخضر" يمتد على مدار نصف ساعة يظهر بطل السلسلة أمام حائط و"الكاميرا" مصوبة نحوه، ما يعتبر، حسبهم، إهانة واضحة للمشاهد واستخفافا به. وقال الضيوف في معرض حديثهم عن كيفية صناعة الدراما الجزائرية عموما، إن كثيرا من المنتجين والمخرجين يحبون الاستيلاء على مختلف المناصب الإنتاجية، أو ما يعرف في الساحة الفنية ب"ظاهرة المنتج المخرج"، فتجد أن المخرج هو كاتب النص والمقتبس في ذات الوقت، وذلك للحصول على أكبر قدر من الأموال. فاطمة. ح حاولنا إنشاء نقابة تدافع عنا لكن المسؤولين رموا قشور الموز في طريقنا يؤكد ضيوف "ندوة البلاد" أن الدولة لا تفكر في تثمين وإصلاح القطاع الثقافي لأن قضية المثقفين والفنانين تزعج السياسيينن ولهذا فإن الأمور باقية على حالها، الأمور، مضيفين "صحيح لا توجد رقابة على الأعمال الفنية، لكنها موجودة بشكل آخر بمعنى المقص عبر المال. وعدد عبد الحميد رابية ومحمد شرشال أسباب تشتت الفنانين وغياب هيكل أو نقابة تدافع عن مصالحهم، فقالا إن الفنانين حاولوا طيلة مرارا تأسيس نقابة مستقلة، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك لأن المسؤولين يرمون دوما قشور الموز في طريقهم لعرقلتهم وإسقاطهم. وفسر الضيفان هذا الأمر بأن الثقافة تزعج السياسيين، والحل هو دعوة الفنانين والمثقفين للمشاركة في الحياة السياسية وتقرير مصيرهم بأيديهم. فاطمة. ح قالوا - يجب أن يكون الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة مستقلا وبعيدا عن وصاية وزارة الثقافة أو تابعا لرئاسة الجمهورية. - إذا كان لحكاية العمل التلفزيوني بداية ونهاية، فلماذا يتم إنجاز أجزاء ثانية وثالثة ورابعة.. هذا الأمر هو الذي يسقطنا في الرداءة كل مرة. - الدولة تمنح أموال للمنتجين ولا تراقب وجهتها، وحتى المسلسلات والأعمال التي يقدمها هؤلاء لا تتماشى مع الواقع المعاش، فهي عبارة عن تهريج. - الجزائر الدولة الكبيرة لا زالت لم تتمكن من تقديم أعمال راقية، فالإخوة التونسيون تعلموا المسرح والسينما عندنا وتفوقوا علينا ونحن تقهقرنا وسقطنا في الحضيض. - التلفزيون لا يستطيع فرض الرقابة المنع لأن الفنان يمرر رسائله بطرق خاصة من بينها الرمزية. - يجب مراعاة خصوصيات المجتمع الجزائري حينما نتحدث عن الحب، ونخاطب الجمهور بناء على مقومات المجتمع.