تستطيع أن تكتب كتابا كاملا في أخطاء جماعة الإخوان المسلمين بمصر، كما تستطيع أن تسوّد صحائف كاملة بأخطاء الرئيس "المنتخب" محمد مرسي، وهذه سلوكيات أقرّتها وحمتها واعترفت بها الديمقراطية المصرية في عهد "مرسي الرئيس"، لكن لا يمكن لعاقل أن يبرر هكذا ببساطة تدخل "العسكر" لعزل رئيس "منتخب" بطريقة ديمقراطية، أيا كان هذا الرئيس طالما لم يغتصب السلطة وجاء من خلال الصندوق، ليغادر من خلال الصندوق. الذي جرى ويجري في مصر يؤكّد بما لا يدع مجالا للشك، أنّ مصر تتعرض لمحاولة "تقويض" مكاسب ثورتها المجيدة.. فقط يكفي أن تسجل خلف الأوراق التي حوّت أخطاء جماعة الإخوان والرئيس مرسي ما يلي: أول من بارك "الانقلاب العسكري" ضد مرسي: السعودية، بشار الأسد، إسرائيل، الإمارات العربية، وحتى المخلوع علي عبد الله صالح .. وفي اليوم الموالي ل "الانقلاب" تعلن دول الخليج، السعودية، الكويت، الإمارات، والبحرين عن دعم مصر "السيسي" ب 19 مليار دولار !! .. وركّز على الخبر التالي الذي تداوله الإعلام مباشرة بعد "الانقلاب": "الإمارات ترسل بواخر الوقود والسولار التي قطعتها عن مصر بعد تولي الإخوان الحكم"، لماذا يصرّ البعض على أنّ الذي حدث في مصر في "30 يونيو (30جوان)"، "انقلاب" و"ثورة مضادة" وليس "ثورة شعبية"؟ لماذا؟ لأنه ولأنه ولأنه!!، شواهد كثيرة تؤكّد أنّ ما حدث بمصر ويكاد يحدث في تونس وليبيا والمغرب "خطوة" لشيطنة الإسلاميين ودفعهم نحو الخيار الأسوأ لتصفيتهم سياسيا وشعبيا، فليس هناك من طريق آخر غير ذلك، ما دام الديمقراطيون الذين تشدقوا كثير بالديمقراطية وصلوا لقناعة جديدة بأنّ "الديمقراطية ليست في الصناديق فقط"، الصناديق .. فجأة أصبحت محل تندر لدى "الديمقراطيين"! لماذا أصبح كثير من المصريين وغير المصريين مقتنعون بأنّ الذي حدث مع مرسي"الرئيس" ومرسي "المعزول" مثلا "مؤامرة"؟ -1- كانت معظم أقطاب المعارضة المصرية، بما في ذلك ما يسمى "حركة تمرد"، تتهم مرسي وجماعة الإخوان المسلمين ب "أخونة الدولة المصرية"، وقالوا بأنّه جاء بوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي لأنّه صاحب ميول "اخوانية" واتهموه بقيادة مشروع هدفه "أخونة الجيش"، وقالوا جاء باللواء محمد إبراهيم وزيرا للداخلية لتطبيق مشروع "أخونة الداخلية والشرطة"، فهل حاول مرسي فعلا أن "يأخون الجيش والشرطة" الذين قادا ضده "انقلابا عسكريا" أعقبته مذابح راح ضحيتها عشرات من مؤيديه وأنصاره؟ ! -2- قالوا إنّ حكومة رئيس الوزراء هشام قنديل، "فاشلة" وقادوا هجوما شنيعا على مرسي وقنديل وووصفوهم بأقذر الأوصاف، وفي الأخير جيء "الانقلابيون" بحكومة على رأسها "شيخ معمر" تحوي 7 وزراء كانوا وزراء في حكومة قنديل وفي نفس المناصب، وقالوا المشكل في "وزارة الداخلية" و"وزارة الكهرباء"، فها هو وزير الداخلية نفسه في منصبه بحكومة حازم الببلاوي، يبرر في مؤتمر صحفي أول أمس قتل عشرات من مؤيدي مرسي، وها هو وزير الكهرباء نفسه في منصبه بحكومة "الانقلابيين" وكأنّه لم يكن الرأس المسؤول عن "أزمة الكهرباء". -3- الإعلام المصري الذي قاد حربا هوجاء ضد مرسي بمجرد سقوط أحد الإعلاميين قتيلا برصاص الشرطة، وكال له التهم وراء التهم وانتقده بأشنع وأسوأ الأوصاف، بشكل يوحي ب "ديمقراطية تعدت الحدود"، لكن نفس الإعلام "يزمّر" الآن للانقلابيين ويتحاشى مجرد "وقفة" أو الترحم على المصور المصري أحمد عاصم الذي صور قاتله أثناء تغطيته لمجزرة الحرس الجمهوري، لأنّه "مصور وصحفي إخواني". -4- القضاء المصري هاجم مرسي بكل الطرق، بمجرد إقالته للنائب العام المصري وتنصيب نائب عام جديد، غير أنّه كان "طيّعا مطيعا" للرئيس المؤقت عدلي منصور الذي عيّن نائبا عاما جديدا، مع العلم أنّ مرسي رئيس "منتخب" وعدلي منصور "رئيس معين من طرف جنرال". -5- مرسي أصدر إعلانا دستوريا، أدار عليه هجوما من كل طرف وصوب وعين، وعدلي منصور أصدر إعلانا دستوريا أشنع من الذي أصدره مرسي، وكأنه لم يحدث شيء، مع العلم أيضا أنّ مرسي رئيس "منتخب" وعدلي منصور "رئيس معين من طرف جنرال". لو صدّقنا حكاية أنّ الإطاحة بمرسي جاء نتيجة لمظاهرات مليونية، هل لو خرجت ( وهي خرجت فعلا) مظاهرات مليونية ضد الرئيس المؤقت الحالي عدلي منصور سيُطاح به أيضا؟ لعلها سخافة وسذاجة أن نفكر في هذا الأمر.