من الكلمات المأثورة للأديب الفرنسي فولتير.. (إني أضحك.. لأتقي الجنون).. قالها ضد الأدعياء.. ضد هؤلاء الذين يتسترون خلف عناوين جميلة وملساء.. كالحرية والتسامح.. ليقتلوا الحرية.. ويشنقوا التسامح.. ويغرقونا في بحر من دموع النفاق. صحافة التطبيع في الجزائر.. أعني الصحافة الفرنكوفونية.. لم تكن يوما صحافة تحترم عقول الناس.. أو هوية المجتمع.. يكفي أن بعضها أعاد نشر الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم... بدعوى حرية التعبير.. وبعضها تخصص في تلفيق التهم ضد المتدينين.. وتصويرهم بمظهر المتخلفين.. وبعضها يتحامل باستمرار على قانون الأحوال الشخصية الإسلامي.. والبعض يستنكر بناء مسجد في العاصمة.. لكنه لا يقول شيئا عن بناء مصنع للخمور في تيزي وزو. حتى انتهاك حرمة رمضان.. من قبل مجموعات نزقة ممن لا دين لهم.. أو من الكنسيين الجدد.. يمكن أن يصبح بالنسبة إلى هذه الصحف.. قضية إنسانية كبرى.. فتكتب (تيزي وزو: جزائريون يكسرون حاجز التزمت).. (غداء جماعي ضد التزمت).. (مواطنون يفطرون أمام الملأ..).. (إنجيليون يستهلكون النبيذ)!! *** خلف هذه العناوين.. ذات المسحة الحقوقية.. تبرز محاولات مستميتة.. لتطبيع انتهاك حرمة رمضان.. وهذه ليست المرة الأولى.. ولن تكون الأخيرة.. التي يتحول فيها عدم احترام مشاعر المسلمين.. إلى نوع من ممارسة حرية المعتقد.. التي تروج لها صحافة.. لا تميز بين حرية الاعتقاد الشخصي.. وجريمة ازدراء معتقدات الآخرين! الغرض واضح بالطبع.. إنه حمل الدولة والمجتمع على تقبل هذا الانحراف الأخلاقي.. وافتراض أن ازدراء ركن من أركان الإسلام.. يمكن أن يُسجل في نطاق (الحريات الفردية ، وحرية المعتقد، والتسامح بتعبير إحدى هذه الجرائد .. ولا بأس أن يتعاطى الناس مع هذا الشذوذ في فهم "الحريات" بنوع من التسامح.. وإلا اعتبروا ( راديكاليين ) و( متزمتين ).. ومن مشيعي ( الكراهية ) . *** نحن نعرف أن الكنيسة تحفر في منطقة القبائل منذ زمن بعيد.. وتحاول باستماتة.. تحقيق موطئ قدم لها هنا.. لتكمل ما بدأه لافيجري قبل قرن ونصف القرن.. حين بشر ب "الأسطورة القبائلية " كما كتب المؤرخ الفرنسي روبير أجيرون.. وحين تحولت المراهنة على القبائل باعتبارهم موارنة شمال إفريقيا بتعبير المستعمرين الأوائل .. إلى أكبر تحدي تخوضه فرنسا ضد الجزائر. هذا التحدي.. الذي تتولى الصحف الفرنكوفونية الراهنة.. نقله إلى مستوى خطر من الكراهية.. بإشاعة التعدي على حرمة الدين.. باعتباره حقا من حقوق الإنسان.. متناسية أن الكراهية لا تصنع نهايات سعيدة.. بل تفرض نوعا من الحزن العميق.. فاللعب مع الشياطين.. يحرق الأصابع . لا أدري ماذا ستبتكر هذه الصحافة غدا.. عندما تكتشف فجأة أن شاطئا للعراة.. قد تم تدشينه في إطار ممارسة حرية الاعتقاد.. وهي التي اعتادت تطبيع كل ما هو فرنسي في الجزائر.. حتى تقبيل يد هولاند.