تنتاب الشركات المتعاقدة مع مؤسسات وإدارات عمومية حالة من القلق، بسبب تعليمة أرسلها الوزير الأول أحمد أويحيى مؤخرا، تطلب من المؤسسات التابعة للدولة مواصلة العمل بقانون الصفقات العمومية القديم إلى غاية انتهاء الحكومة من عمليات تنصيب أجهزة الرقابة. تقول مصادر مؤكدة إن تعليمة أويحيى مددت مهلة عدم تطبيق القانون الجديد إلى غاية 31 مارس القادم، حيث يتوقع تنصيب هيئات الرقابة المالية قبل هذا الأجل. علما بأن الرئيس بوتفليقة كان قد أصدر مرسوما رئاسيا تحت رقم 236/10 ومؤرخا في 7 أكتوبر 2010، يعيد تنظيم الصفقات العمومية بعد الفضائح التي استغل أصحابها فراغات في القانون القديم وأدى لضياع المليارات من الدينارات. وكشفت المصادر ذاتها أن ''إطارات الشركات العمومية والهيئات الوطنية المستقلة علقوا كافة عمليات المشاركة في المناقصة مخافة الوقوع في إشكاليات قانونية في المستقبل''، وذلك بالنظر إلى أن القاعدة القانونية غير محترمة في تعليمة أويحيى. إذ يقول هؤلاء ''إن تعليمة لا تلغي مرسوما رئاسيا''. وكانت تقارير رفعها الوزراء إلى أويحيى طالبوه فيها بصعوبة تطبيق مواد قانون الصفقات الجديد لأنه ''لم يراع خصوصية السوق الوطنية التي تسيطر عليها الشركات الأجنبية مقابل ضعف المؤسسات الوطنية العمومية والخاصة على حد السواء.'' ومعلوم أن هذا المرسوم جاء بعد جهد جهيد قامت السلطات التشريعية بسن قانون للصفقات العمومية مدجج بترسانة من التدابير المانعة للفساد، بهدف تشديد الرقابة على الصفقات بكل أنواعها الداخلية والخارجية وتقييد شكل المناقصة بالتراضي البسيط إلا في الحالات النادرة، وإعطاء الأولوية للمؤسسات الوطنية والشركات المحلية على منافساتها الأجنبية، إلى جانب إدراج ممثل عن الميزانية في لجنة الصفقات العمومية. غير أن النص الجديد لم يأت خاليا من المساوئ، حسب عدد من مدراء الشركات العمومية. ومنها أن سلم مبلغ الصفقة كان 800 مليون سنتيم في القانون السابق، أما الحالي فهو خمسة مليارات سنتيم. وهذا فارق شاسع جدا، لا يسمح للشركات أو المؤسسات المتوسطة والصغيرة من الاكتتاب. وبالتالي الحكم عليها بالموت البطيء، مقابل إطلاق يد الشركات الأجنبية التي لا تتورع عن انتهاج أساليب غير شريفة ل''إغواء'' أصحاب المشاريع. ومن المساوئ، حسب نفس المصادر، أن القانون يعطي أهمية كبيرة للاستشارة الانتقائية أي أن صاحب المصلحة المتعاقدة له حرية كبيرة في انتقاء المشاركين في المناقصات، أو اختيار من يقوم بالأشغال الثانوية، مثلما هو الحال بالنسبة لمشاريع كليات الحقوق والطب، ومواقف السيارات المقرر إنجازها في العاصمة وعددها 14 موقفا. ولا تطبق أحكام المرسوم إلا على الصفقات محل نفقات الإدارات العمومية والهيئات الوطنية المستقلة والولايات والبلديات والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري بالإضافة إلى مراكز البحث والتنمية والمؤسسات العمومية الخصوصية ذات الطابع العلمي والتكنولوجي والمؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني والمؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والتقني والمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري والمؤسسات الاقتصادية العمومية، عندما تكلف بإنجاز عملية ممولة كليا أو جزئيا بمساهمة مؤقتة أو نهائية من الدولة. وكل ذلك تحت عنوان عريض ''المصلحة المتعاقدة''. ومن المعروف أن المرسوم رفع سقف المبلغ الأقصى لعدم اللجوء إلى قانون الصفقات لإبرام العقود، ب800 مليون سنتيم بالنسبة لخدمات الأشغال أو اللوازم و400 مليون سنتيم لخدمات الدراسات أو الخدمات. ولتفادي تهرّب الوزراء عن مسؤولياتهم مثلما حصل في صفقات الطاقة والمناجم أو الأشغال العمومية، فإن المادة الثامنة من المرسوم تؤكد عدم صحة الصفقات ولا تكون نهائية، إلا إذا وافقت عليها السلطات المختصة، وهي الوزير. فيما يخص صفقات الدولة ومسؤولي الهيئات الوطنية المستقلة والولاة بالنسبة للصفقات الولائية، ورئيس البلدية بالنسبة لصفقات المشاريع المنجزة على مستوى البلدية، والمدير العام أو المدير فيما يخص المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري.