دخلت التعديلات الجديدة المدرجة على قانون الصفقات العمومية حيّز التطبيق أمس مع صدور المرسوم الرئاسي المتضمن لها في الجريدة الرسمية، والذي عزز من خلال ال26 مادة التي حملها إجراءات تنفيذ الصفقات وأضفى مرونة أكبر على سير المشاريع وتسريع وتيرة إنجازها، مع تخصيص حيز هام لدعم نشاط المؤسسات المصغرة. وتمثلت أهم الأحكام الجديدة التي شملها هذا المرسوم الرئاسي رقم 23-12 المؤرخ في 18 جانفي 2012 والمعدل للمرسوم الرئاسي الصادر في7 أكتوبر 2010 والمتضمن تنظيم الصفقات العمومية، تحديد الحالات التي تسمح لمسؤولي المصلحة المتعاقدة في الانطلاق في تنفيد الخدمات قبل إبرام الصفقة، وكذا الحالات التي تسمح لهم بإبرام الصفقات عن طريق التراضي، مع إقرار إنشاء لجان قطاعية للصفقات العمومية على مستوى الوزارات، ولا سيما منها تلك المكلفة بإنجاز المشاريع العمومية الضخمة وتلك المندرجة في إطار البرامج التنموية الكبرى التي اقرها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، مع الإشارة إلى أن مجمل هذه التعديلات ترمي أساسا إلى إضفاء مرونة على عمل اللجنة الوطنية للصفقات العمومية، وإحداث حركية أكبر على سير المشاريع العمومية، ورفع العراقيل التي تعترض انطلاقها. وفي هذا الإطار فقد تضمنت المادة 4 من المرسوم الرئاسي تعديلا لأحكام المادة 7 من القانون الصادر في ,2010 يسمح للهيئة المتعاقدة بإبرام الصفقات العمومية قبل أي شروع في تنفيذ الخدمات، في حالة وجود ''خطر يهدد استثمارا أو ملكا للمصلحة المتعاقدة أو الأمن العمومي'' كما يمكن نفس التعديل مسؤول الهيئة الوطنية المستقلة أو الوزير أو الوالي المعني أن يرخص بموجب مقرر معلل بالشروع في بداية تنفيذ الخدمات قبل إبرام الصفقة''، على أن ترسل نسخة من المقرر المذكور إلى الوزير المكلف بالمالية وإلى مجلس المحاسبة. من جهتها توضح المادة السادسة من المرسوم الحالات الاستثنائية للجوء إلى التعاقد بالتراضي البسيط، حيث ينص التعديل المدرج بموجب هذه المادة على المادتين 43 و44 من قانون الصفقات العمومية على أنه يمكن للمصلحة المتعاقدة اللجوء إلى التراضي البسيط في الحالات محصورة تشمل تنفيذ خدمات بصفة استعجالية لا تتلاءم طبيعتها مع آجال إجراءات إبرام الصفقات، مع اشتراط ''عدم توقع الظروف المسببة لحالات الاستعجال هذه وأن لا تكون نتيجة مناورات للمماطلة من طرفها، ووجوب الموافقة المسبقة على اللجوء إلى هذه الطريقة في إبرام الصفقات الاستثنائية أثناء اجتماع الحكومة''. كما يسمح للهيئة المتعاقدة اللجوء إلى التراضي في ''حالات الاستعجال الملح المعلل بخطر داهم يتعرض له ملك أو استثمار قد تجسد في الميدان...''، و في حالة'' تموين مستعجل مخصص لضمان سير الاقتصاد أو توفير حاجات السكان الأساسية..'' وكذا ''عندما يتعلق الأمر بمشروع ذي أولوية وذي أهمية وطنية'' أو يتعلق الأمر ''بترقية الأداة الوطنية العمومية للإنتاج''، على أن يخضع هذين الإجراءين إلى ''الموافقة المسبقة لمجلس الوزراء إذا كان مبلغ الصفقة يساوي أو يفوق عشرة ملايير دينار، ولاجتماع الحكومة إذا كان مبلغ الصفقة يقل عن المبلغ المذكور''. وتحدد المادة 44 من المرسوم حالات لجوء المصلحة المتعاقدة إلى التراضي بعد الاستشارة، وهي تشمل على الخصوص ''عندما تكون الدعوة إلى المنافسة غير مجدية، حيث يسمح للمصلحة المتعاقدة إما بإعادة إجراء المناقصة أو اللجوء لإجراء التراضي بعد الاستشارة. وتتمثل الهيئات التي تقوم المصلحة المتعاقدة باستشارتها طبقا للمرسوم الجديد 3 متعاملين اقتصاديين مؤهلين على الأقل إضافة إلى جميع المتعهدين الذين استجابوا للمناقصة. وبموجب التعديل المدرج على المادة 142 من القانون ترخص الحكومة لكل دائرة وزارية إنشاء لجنة قطاعية للصفقات تكون مختصة في حدود المستويات المحددة في المادة 148 من نفس القانون. ويتم تنصيب اللجنة القطاعية للصفقات حسب المرسوم الرئاسي بموجب قرار من الوزير المعني، على أن تضم ممثلين عن قطاعات أخرى وفي مقدمتها قطاع المالية، ويكون تنصيبها ''مانعا لاختصاص اللجان الوطنية للصفقات''. في حين تحدد المادة 18 من المرسوم الرئاسي من خلال التعديلات التي أدخلتها على أحكام المواد 143 و144 و145 و146 و147 و148 من قانون 2010 صلاحيات اللجان الوطنية واللجان القطاعية للصفقات العمومية، والتي تتضمن بصفة أساسية، مساعدة المصالح المتعاقدة في مجال تحضير الصفقات العمومية وإتمام تراتيبها والمساهمة في إعداد تنظيم الصفقات العمومية ومراقبة صحة إجراءات إبرامها... على صعيد آخر تضمنت التعديلات الجديدة لقانون الصفقات العمومية إجراءات تحفيزية لفائدة المؤسسات المصغرة اتخذها رئيس الجمهورية في إطار تشجيع الإدماج المهني والاجتماعي للشباب طلاب الشغل، حيث يخصص المرسوم الرئاسي لهذه المؤسسات، بموجب المادة 51 مكرر1 من القانون 20 في المائة من الطلبات العمومية في مجال الدراسات والأشغال والخدمات التي لا تتجاوز قيمتها 12 مليون دينار. وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن التعديلات المدرجة على قانون الصفقات العمومية والتي كانت محل حملة تحسيسية واسعة نظمتها وزارة الولاية على مستوى عدة جهات من الوطن، لقت استحسانا وترحابا من العديد من الهيئات الوطنية وكذا المتعاملين والخبراء الاقتصاديين الذين رأوا بأن هذه التعديلات من شأنها توفير شروط ملائمة لتحقيق منافسة سليمة ونزيهة بين مؤسسات الانجاز. وقد جاء هذه التعديلات لتعزز التعديلات التي تم إدخالها على القانون في مارس ,2011 والتي شملت تقسيم اللجنة الوطنية للصفقات إلى ثلاثة هياكل أوكلت لها مهام الدراسات والخدمات والأشغال، ومنح هامش تفضيل بنسبة 25 بالمائة للمؤسسات الوطنية عند الاكتتابات للمناقصات بينما أجبر المستثمرين الأجانب على إبرام اتفاق مع شريك جزائري وفقا لمبدأ 51 / 49 بالمائة.