تضمّنت التعديلات الجديدة التي أقرّها رئيس الجمهورية على قانون الصفقات العمومية تدابير صارمة من شأنها وضع حدّ للتلاعب في منح الصفقات في إطار ما يسمى ب «التعاقد بالتراضي» الذي أصبح مقرونا بالكثير من الشروط والحالات الاستثنائية التي تمنع حدوث تجاوزات مثلما حصل في الكثير من القطاعات في وقت سابق، وتقرّر كذلك استحداث لجان قطاعية للصفقات في كل وزارة. شملت الأحكام التي تمّ إدراجها على المرسوم الرئاسي رقم 12/23 المؤرخ في 18 جانفي 2012 والمعدل للمرسوم الرئاسي الصادر في 7 أكتوبر 2010 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية، الكثير من الجوانب ذات الصلة بتحديد الحالات التي تسمح لمسؤولي المصلحة المتعاقدة في الانطلاق في تنفيذ الخدمات قبل إبرام الصفقة، وكذا الحالات التي تسمح لهم بإبرام الصفقات عن طريق التراضي. وبحسب التعديلات الجديدة التي وردت في المرسوم الرئاسي الصادر في آخر عدد من الجريدة الرسمية، فإن رئيس الجمهورية حدّد معايير دقيقة من أجل اعتماد نظام التعاقد التراضي البسيط في قانون الصفقات العمومية دون اللجوء إلى فتح مناقصات، وعليه فإن هذا النصّ أزال اللبس الذي كان قائما بخصوص «الحالات الاستثنائية»، وينصّ التعديل المدرج على المادتين 43 و44 على أنه «يمكن للمصلحة المتعاقدة اللجوء إلى التراضي البسيط في الحالات محصورة تشمل تنفيذ خدمات بصفة استعجالية لا تتلاءم طبيعتها مع آجال إجراءات إبرام الصفقات». وفي هذه الحالة جاء في المادة الجديدة أنه يتم اشتراط «عدم توقع الظروف المسببة لحالات الاستعجال هذه، وأن لا تكون نتيجة مناورات للمماطلة من طرفها» مع «وجوب الموافقة المسبقة على اللجوء إلى هذه الطريقة في إبرام الصفقات الاستثنائية أثناء اجتماع الحكومة»، كما يسمح للهيئة المتعاقدة اللجوء إلى التراضي في «حالات الاستعجال الملح المعلل بخطر داهم يتعرض له ملك أو استثمار قد تجسد في الميدان». ويضاف إلى ذلك «في حالة تموين مستعجل مخصّص لضمان سير الاقتصاد أو توفير حاجات السكان الأساسية»، إلى جانب حالة أخرى تتعلق ب «مشروع ذي أولوية وذي أهمية وطنية» أو حينما يتعلق الأمر بترقية الأداة الوطنية العمومية للإنتاج، على أن يخضع هذان الإجراءان إلى «الموافقة المسبقة من طرف مجلس الوزراء إذا كان مبلغ الصفقة يساوي أو يفوق عشرة ملايير دينار، ولاجتماع الحكومة إذا كان مبلغ الصفقة يقل عن المبلغ المذكور». وفي هذا السياق أوضحت المادة 44 من المرسوم الرئاسي حالات لجوء المصلحة المتعاقدة إلى التراضي بعد الاستشارة، وهي تشمل بالأساس عندما تكون الدعوة إلى المنافسة غير مجدية، حيث يسمح للمصلحة المتعاقدة إما بإعادة إجراء المناقصة أو اللجوء لإجراء التراضي بعد الاستشارة، وتتمثل الهيئات التي تقوم المصلحة المتعاقدة باستشارتها طبقا للمرسوم الجديد 3 متعاملين اقتصاديين مؤهلين على الأقل إضافة إلى جميع المتعهدين الذين استجابوا للمناقصة. ومن بين التعديلات الهامة التي أدخلتها الحكومة، بتوجيه مباشر من رئيس الجمهورية، ما شمل المادة 142 من القانون على اعتبار أن الحكومة رخّصت لكل دائرة وزارية إنشاء لجنة قطاعية للصفقات تكون مختصة في حدود المستويات المحددة في المادة 148 من القانون، فيما يتمّ تنصيب اللجنة القطاعية للصفقات بموجب قرار من الوزير المعني على أن تتشكّل من ممثلين عن قطاعات أخرى وفي مقدمتها قطاع المالية، ويكون تنصيبها «مانعا لاختصاص اللجان الوطنية للصفقات». ومن جهة أخرى تضمنت المادة 4 تعديلا لأحكام المادة 7 من القانون الصادر في 2010، يسمح للهيئة المتعاقدة بإبرام الصفقات العمومية قبل أي شروع في تنفيذ الخدمات، وذلك في حالة وجود خطر يهدد استثمارا أو ملكا للمصلحة المتعاقدة أو الأمن العمومي، كما يُمكّن هذا التعديل «مسؤول الهيئة الوطنية المستقلة أو الوزير أو الوالي المعني أن يرخص بموجب مقرّر معلل بالشروع في بداية تنفيذ الخدمات قبل إبرام الصفقة» شريطة أن «ترسل نسخة من المقرر المذكور إلى الوزير المكلف بالمالية وإلى مجلس المحاسبة».