يكشف تقرير لمديرية المصالح الفلاحية لولاية عنابة مدى الاختلال الموجود بين حاجات السكان للحليب، وحجم المنتوج المحلي من هذه المادة الأساسية التي من الصعب الحصول عليها منذ فترة طويلة. وجه المفارقة بين حاجات السكان وما يتم إنتاجه هو وجود ثروة حيوانية هائلة بأزيد من 50 ألف رأس من الأبقار منها ما يفوق 30 ألف بقرة حلوب من السلالة المحلية أي ما يمثل 68 بالمائة فضلا عن 24 بالمائة من السلالة المحلية المحسنة و7.8 بالمائة من السلالة الأجنبية. وتقدر مديرية المصالح الفلاحية ما يمكن إنتاجه كهدف سطرته على المدى المتوسط بأزيد من 19 مليون لتر من الحليب في السنة، غير أن الإنتاج المتحصل عليه خلال العام الماضي لم يتعد 1.6 مليون لتر لكن الإشكال المطروح هو عدم القدرة على جمع هذه الكمية المعتبرة من حليب البقر والتي بإمكانها تلبية حاجات سكان الولاية بل حتى سكان الولايات المجاورة لو استغل على النحو الإيجابي. وفي هذا الإطار أفاد مسؤول بمديرية الفلاحة بولاية عنابة في تصريح ل"البلاد" بأن فرع إنتاج الحليب ومعالجته سطر أهدافا لجمع ما يقارب 19 مليون لتر من الحليب الطازج سنويا وذلك في إطار مخطط النجاعة الذي يمتد الى غاية سنة 2014. ويعتبر مسؤولو القطاع هذه الأهداف بالتحدي بالنظر إلى المستوى الحالي لجمع الحليب الطازج عبر الولاية والذي لم يتعد خلال السنة المنصرمة 1 مليون و600 ألف لتر من هذه المادة الحيوية. كما أوضح المتحدث أن الإنتاج الإجمالي لمادة الحليب الطازج بولاية عنابة يقدر بنحو 30 مليون لتر سنويا. ويفسر الفارق الملحوظ بين مستويي إنتاج وجمع مادة الحليب ومعالجته بتسرب ما يفوق 90 بالمائة من إجمالي المنتوج المحقق نحو شبكة التوزيع المباشر ليسوق عبر الملبنات دون الخضوع لمراقبة المصالح المعنية. وتحصي في هذا الإطار مصلحة فرع الحليب بمديرية المصالح الفلاحية بولاية عنابة أزيد من 180 ملبنة تنشط في تسويق الحليب الطازج بتراب الولاية. وتوزع هذه الملبنات حسب تقديرات مديرية المصالح الفلاحية بالولاية حوالي 21 مليون لتر من الحليب الطازج سنويا. وإلى جانب ضبط نشاط فرع الحليب وترقيته يحمل الهدف الأساسي لفرع الحليب بعنابة المتمثل في امتصاص التباين بين مستويي الإنتاج وجمع الحليب أبعادا صحية بحيث يعتبر المسؤولون بهذا الفرع التحكم في مراقبة الحليب الطازج المنتج شرطا أساسيا لحماية المستهلك من الأخطار الصحية التي قد ترتبط باستهلاك مادة الحليب الطازج غير المراقب. وترتقب مديرية المصالح الفلاحية بعنابة للسنة الجارية جمع حوالي 5 مليون لتر من الحليب الطازج لترتقي بذلك نسبة تغطية احتياجات سكان الولاية من هذه المادة والمقدرة حسب المعايير الاستهلاكية الصحية ب 152 لترا سنويا للساكن الواحد إلى أزيد من 40 بالمائة بعد أن كانت لا تتعدى ال30 بالمائة خلال السنة المنصرمة. وينشط بفرع الحليب بعنابة أزيد من 510 مربين منخرطين ومقيدين بسلسلة جمع الحليب التابعة لمديرية المصالح الفلاحية بالإضافة إلى مربين غير مقيدين يوجه منتوجهم من الحليب الطازج للتسويق عبر الملبنات والاستهلاك الذاتي. ويحصي القطاع مجموع 50 ألف رأس من البقر من بينها 30 ألف رأس من الأبقار الحلوب المقيدة ببرنامج فرع الحليب بعنابة تتوزع عبر مناطق الحجار والعلمة والشرفة وبرحال وعين الباردة. من جهة أخرى ترى مديرية المصالح الفلاحية أن الحل يكمن في توفير بعض الضمانات والامتيازات لأصحاب وحدات جمع الحليب بفتح ملبنات جديدة وتمكينها من الحصول على مسحوق الحليب لإنتاج حليب الأكياس المبستر والذي غاب عن محلات البيع بمدن ولاية عنابة منذ فترة طويلة نتيجة تقلص انتاج الملبنات بنسبة 90 بالمائة بسبب نفاد المادة الأولية لديهما مقابل التذبذب الحاصل في عملية تزويدهما بحليب البقر لعدم قدرة وحدات الجمع، وبذلك سيظل المواطنون الباحثون عن حليب الأكياس المبستر ملزمين بل مضطرين للنهوض مبكرا من أجل الحصول على كيس في أحسن الأحوال أو اللجوء لاستهلاك حليب البودرة.