في الوقت الذي استبشر الكثير من الفلاحين خيرا بنزول الأمطار خلال ال48 ساعة الأخيرة بولاية الشلف بسبب تأخر حملة الحرث والبذر، فإنّ مواطنين كثيرين أصبحوا يتوجّسون خيفة من هذه الأمطار، لأنها تعمّق هشاشة البنيات التحتية، باعتبار أن التساقطات الأخيرة على قلتها حولت مجموعة من أحياء وشوارع عاصمة الولاية إلى "مستنقعات" مائية بسبب الكثير من الحُفر التي توجد في هذه الأحياء، وبروز برك مائية في مناطق تعتبر واجهة قلب المدينة خصوصا في المناطق الغارقة في المشاريع المتأخرة والتي لم تعرف طريقا للاستلام، وهو ما تسبب في وقوع ارتباك ملحوظ على مستوى حركة السير، على غرار عاصمة الولاية، أم الدروع، الشطية وبوقادير ومراكز حضرية أخرى مرشحة أن تعرف حالة من الغبن بسبب تأخر مشاريع التهيئة وجمود مبادرة الفرق التقنية التي غالبا ما تمر مرور الكرام على وضعيات أشبه بالكارثة وتواطؤ أخرى مع مقاولات مقابل حصولها على مزايا كما يردده الوسط الجمعوي في الشلف الذي أبدى تذمره الواسع حيال تملص السلطات من أداء دور الرقابة والوقوف على مشاريع كلفت خزينة الدولة الملايير. على هذا النحو، يخشى عديد المواطنين في مدن كثيرة بالشلف من أمطار الخريف المرتقبة في أي لحظة والتي ستزيد الوضع تدهورا وتحيل كثيرين على العالم الداخلي، كما هو الحال لسكان بلدية أم الدروع التي تغرق في مشاريع تهيئة شبه متوقفة على الرغم من حصولها على مشاريع إعادة الاعتبار للشوارع والأرصفة كما هو الشأن لحي عزون الواقع وسط المدينة، الذي استفاد منذ 10 أشهر من مشروع تهيئة بغلاف مالي قوامه 24 مليار سنتيم، غير أن أشغاله تسير بوتيرة "السلحفاة" حسب مصدر من مديرية البناء والتعمير صاحبة المشروع الذي توقف تكرارا ومرارا بسبب قيود تقنية حالت دون إتمام المشروع في آجاله. وبرأي عديد من الجمعيات المحلية، فإن الوضع السيئ الذي تعيشه بعض الأحياء في عاصمة الولاية أو تجمعات حضرية أخرى، يرجع إلى خمول المنتخبين وعدم تقديرهم للمسؤوليات الملقاة على عاقهم، وإلا كيف نفسر يقول أحد رؤساء الجمعيات بمدينة الشلف، خروج مواطنين بحي الحمادية غرب عاصمة الولاية إلى الشارع في كثير من المرات وقطعهم الطريق الوطني رقم 04 تنديدا بالحالة الخطيرة التي تعرفها طرقات الحي، غير أن هذه الوقفات قابلتها ردود أفعال باهتة من قبل السلطات المحلية، وهو ما ضاعف من قلق السكان خوفا من الآثار السلبية التي ستترتب على الأمطار الخريفية القادمة، وهو الحال نفسه الذي يعيشه حي بن سونة بسبب عدم إتمام مشروع النفق المروري الذي تم تدشين جزء منه من قبل الوالي الجديد في انتظار الجزء المتبقي، فيما تشهد طرقات الحي وضعية غير قليلة من الخطورة، ويرجع ذلك إلى ما خلفته أشغال النفق والطريقة التي تم بها تعبيد الحي قديما والتي طغت عليها العشوائية في العمل. وقال المصدر إن عديد من المواطنين يفكرون في الخروج إلى الشارع تعبيرا عن غضبهم الشديد من تقصير السلطات في تهيئة أحيائهم وعدم اهتمامهم بعرائضهم خاصة في الجوانب المتعلقة بانتشار الحفر وعدم مرور مياه الأمطار بشكل سلس في قنوات الصرف، ويعتبر بعض المراقبين للشأن المحلي أنّ من بين الأمور التي تجعل الشلف تغرق في الفيضانات عدم بذل مجهود كبير لتنقية الصرف الصحي قبيل بداية موسم الأمطار، لأن وجود النفايات في بعض القنوات يعمّق من حدة المشكل. واعتبر مصدر جمعوي أن الملايير التي حصلت عليها الولاية لإنجاز مشاريع التهيئة الحضرية ومنع وقوع كوارث الماضي على غرار فيضانات 2001 و2007، لا يمكن أن تترجم إلى واقع بسبب ضعف المصالح التقنية وانخراط معظمها في الفساد وانسياقها وراء مزايا المقاولات الفاسدة التي تبقى تحتكر معظم مشاريع مديرية البناء والتعمير، وهو ما يشكل تحديا كبيرا أمام الوالي الجديد الذي ينتظر منه تطهير سوق المقاولات من المفسدين والمتلاعبين بأرواح المواطنين.