تجددت المواجهات في مدينة غرداية، وبلغت أوّجها أول أمس، حيث سادت حالة الرعب والخراب بسبب مواجهات دامية بين مئات الأشخاص، لتتدخل مصالح مكافحة الشغب للأمن والدرك الوطني معا لمحاولة إعادة فرض النظام العام وشكلت درعا وسط هذه الحشود، واحتمى مئات المواطنين والسكان بهم، لا سيما بعد تسجيل عشرات الإصابات في صفوف المواطنين ومصالح الأمن بعد استعمال مختلف الأسلحة البيضاء وقارورات "المولوتوف" و«السينيال" والرشق بالحجارة وحتى قارورات غاز البوتان. فيما تنقلت نساء وأعيان المنطقة من "قصر غرداية" والأحياء المجاورة له نهاية الأسبوع إلى والي ولاية غرداية، يُطالبون بتعزيزات أمنية أو تدخل الجيش لوضع حدّ للعصابات التي أشعلت نار الفتنة منذ يوم الأحد المُنصرم. ورغم الاجتماعات المراطونية وتشكيل خلية أزمة على مستوى ولاية غرداية لإعادة الهدوء لأحياء مدينة غرداية التي تعرف منذ يوم الأحد حالة الفوضى واللااستقرار بسبب مواجهات بين مواطنين من "قصر غرداية" لأسباب تبقى مجهولة، لكن حسب ما أكده العديد من الشهود، فإن هذه المواجهات تجري بين شباب الميزابيين والعرب رغم أن هذا التوصيف يزيد من تعزيز الفتنة في المجتمع بغرداية، وهو ما رفضه أعيان المنطقة الذين أطلقوا دعوات إلى تكثيف الجهود لإطفاء نار الفتنة المشتعلة وأصدروا بيانات تدعو للتهدئة لأن الأوضاع عرفت انزلاقا خطيرا. وأفاد شهود عيان من المنطقة أن المواجهات بدأت ليلة الأحد بحي المجاهدين بقصر غرداية، حيث يروي السكان "قبل صلاة العشاء سمعنا صراخ الشباب يقولون "نحن نحترق" وعندما خرجنا تفاجأنا بقارورات "المولوتوف" يقذف بها أشخاص من هنا وهناك، والنساء والأطفال بدأوا في الصراخ، فاتصلنا بمصالح الأمن الذين التحقوا بالمكان، وحاولوا وضع حدّ لهذه المواجهات باستعمال الغاز المسيل للدموع خاصة أن هؤلاء الأشخاص كانوا يتنقلون بين أسطح المنازل. مع العلم أن الهندسة المعمارية لقصر غرداية تُشبه قصبة العاصمة على شكل هرم مشكل من أزقة ضيّقة يصعب في بعض الأحيان الولوج إليها، ليسود الهدوء مع الحذر والترقب وقضى الشباب ورجال الحيّ ليلتهم في الحراسة إلى غاية يوم الاثنين. وتجددت المواجهات مجددا بعد خروج قوات الأمن من الحيّ واندلعت مواجهات بالرشق بالحجارة والسينيال والمولوتوف، ثم تدخلت مصالح مكافحة الشغب مجددا لتهدأ الأمور بين الفينة والأخرى. وعلى إثر هذا الانزلاق الخطير، خرج الشعب من منتخبين ومواطنين يُطالبون بتدخل عناصر الدرك لتحصين الحيّ والقبض على العصابات والأشخاص الذين يقفون وراء هذه الأحداث، وبالموازاة تنقل مواطنون وأعيان المنطقة لمقابلة والي الولاية من أجل تسخير أكبر عدد من قوات الأمن وبقائها في الحيّ إلى غاية عودة الهدوء التام، لتشهد صبيحة الخميس هدوءا حذرا لم يستمر طويلا، حتى اندلعت المواجهات لتتدخل قوات مكافحة الشغب للدرك الوطني في إحدى زوايا القصر وتواصلت أعمال العنف إلى غاية الساعة السادسة مساء، إلى أن تمكنت قوات الأمن والدرك من السيطرة على الوضع بملاحقة المتسببين في تلك الأعمال، وهو ما جعلهم يعودون أدراجهم. وبالموازاة وضع رجال الشرطة خط تماس بين أطراف المواجهات، وبدأ كل السكان يعدّون العدة لمغادرة الحيّ، حيث غادرت عشرات العائلات التي تقطن مدينة غرداية هروبا من أعمال الشغب والعنف خوفا على أرواحهم، والتجار بدورهم أقفلوا محلاتهم وأخرجوا ما يُمكن من السلع خوفا من الخسائر. كما أفاد شهود عيان ل "البلاد" أن مجموعة من الأشخاص تهجموا على أحد البيوت وأضرموا النيران فيه صباح يوم الخميس مما تسبب في إصابة سبعة أشخاص بجروح بعضها خطيرة، كما أضرموا النيران في إحدى العيادات ولم يتركُ شيئا آمنا في المنطقة، إذ تحوّلت مختلف أحياء قصر غرداية إلى بركان وبؤرة نيران.