أثار موقف موظفي غلام الله من أئمة المساجد الذين امتنعوا عن الوقوف للسلام الوطني، موجة من الاحتجاج لدى أوساط إعلامية وسياسية في الجزائر وقبلهم لدى إطارات الوزارة الذين تفاجأوا بموقف هؤلاء الأئمة، والحقيقة ما كان لهذه الإطارات أن تفاجأ باعتبار أن جهل مسؤولي الوزارة وعلى رأسهم مدير الشؤون الدينية في العاصمة بعقلية هؤلاء الأئمة الممتنعين عن الوقوف للنشيد الوطني، مدعاة للتساؤل عما يعرف هؤلاء الإطارات عن الأئمة وما يعرفون عن واقع المساجد·والمتتبع للشأن الإسلامي في الجزائر يدرك بالضرورة أن تصرف هؤلاء الأئمة لم يكن للأسف سلوكا معزولا وإنما هو محصلة مسار معروف في مساجد الجزائر التي كانت خلال ما يقارب العشريتين، ضحية حسابات سياسوية دفع فيها الإسلام الوسطي الضريبة غاليا، مما أسفر عن ذلك تسلل أئمة من طينة أولائك الرافضين لتحية السلام الوطني لاعتلاء المنابر ناشرين معهم خطابا يحمل من الآثار الخطيرة على المجتمع ما يحمل· ومن خلال محاولة تتبع مسار هذا النموذج من الأئمة، يتبين بجلاء أن ما حدث هو قمة الجليد لتيار لم تبذل الجهات المسؤولة في وزارة الشؤون الدينية، الجهد لترشيده برغم وجود مؤشرات وإرهاصات خطيرة تحمل أفكارا وقناعات وتوجهات قد تجني على أصحابها أول ماتجني·إن زيارة قصيرة إلى معهد الشريعة بالخروبة تكفي للوقوف على نماذج التمرد الحاصل على البرامج المسطرة من قبل عمادة الكلية وهي عملية التمرد التي تلقن فيها الأفكار والقناعات المنتجة لمثل مواقف التمرد على النشيد الوطني· أما معاهد تخريج الأئمة فهي تخرج أئمة يحملون من ''التحصيل العلمي والشرعي'' كل شيء إلا ما يمكنهم من الصمود في وجه فتن واستفزازات مذهب ''البيترو- دولار'' وفي وجه حملات التقزيم والتعقيد التي تطالهم بسبب كل ما هو جزائري أمام كل ما يأتي من الخارج وهم في كل هذا أيضا ضحايا منظومة أفررت فراغا في مساجد الجزائر فسارع إلى ملئها جيل جريء لازال لا يرى في نفسه أنه استغنى واستحكم ولما يتأتى له ذلك لن يتردد في ممارسة أفكاره وتمثل قناعاته·