كشف وزير الدفاع الفرنسي ايرفيه موران، أمس، أن الحكومة الفرنسية تعتزم تعويض ضحايا التجارب النووية السابقة وأنها خصصت لذلك مبدئيا عشرة ملايين يورو، أي ما يعادل 6.31 مليون دولار. وصرح موران لمصادر إعلامية فرنسية أن الحكومات الفرنسية اعتقدت لمدة طويلة أن فتح باب التعويض سيشكل خطرا على الجهود الهامة التي بذلتها فرنسا في سبيل امتلاك قوة ردع نووية، لكن الوقت قد حان لأن تكون فرنسا صادقة مع ضميرها. ونقلت المصادر الإعلامية الفرنسية عن موران، أنه تأثر كثيرا بالتجارب النووية التي قامت بها فرنسا في تلك الحقبة، ولعل أهمها وأعنفها هي تلك التي أجرتها في الجزائر في الفترة الممتدة من 0691 إلى غاية 6691 والتي أصفرت عن عدد من الضحايا والمعطوبين، إضافة إلى تجاربها النووية في المحيط الهادي، حيث بلغ العدد الإجمالي للتجارب النووية الفرنسية 021 تجربة. وصرح وزير الدفاع الفرنسي بأن لجنة مستقلة من الأطباء برئاسة قاض ستقوم بتفحص ملفات الضحايا حالة بحالة، وفي حال ما ثبت وجود أضرار صحية لها صلة بالتجارب النووية ستقوم الدولة بتعويض الأفراد بشكل كامل. وذكر موران أن الحكومة الفرنسية نشرت سجلاتها التي تضمنت الظروف التي أجريت فيها التجارب وتأثيرها على البيئة ويقوم أطباء بارزون بدراسة هذه الوثائق، حيث أكد أنه خصص كدفعة أولى عشرة ملايين يورو للعام الأول من برنامج التعويضات في ميزانية وزارة الدفاع. وشكى جزائريون منذ عقود من المضاعفات الخطيرة للتجارب النووية، غير أن شكواهم ظلت دون رد، إلى أن كشف فرنسيون شاركوا في التجارب النووية عن العواقب الصحية منها الإصابة بسرطان الدم وأنواع أخرى من السرطان، ما جعل الإدارة الفرنسية تتحرك على استحياء، غير أنها قررت أمام الضغط عدم التفريق بين الضحايا، بعدما كان الأمر واردا عندما طفى على السطح الحديث عن تعويض الضحايا. وشهدت ساحات المحاكم الفرنسية العديد من القضايا المماثلة من قبل ضحايا هذا الجرم النووي الفرنسي، حيث رفضت الدولة الفرنسية طويلا الاعتراف رسميا بالعلاقة بين التجارب النووية التي أنهتها عام 6991 والمشاكل الصحية التي اشتكى منها أفراد مدنيون وعسكريون كانوا فئران تجارب فرنسا النووية. وفي انظار ذروة صحوة الضمير الفرنسي ولحظة الصدق -كما قال الوزير الفرنسي- فإن قضية التعويضات التي أشار إليها الوزير لازال يكتنفها الكثير من الغموض وتطرح حولها الكثير من التساؤلات خاصة فيما تعلق بالضحايا الجزائريين تحديدا مهما كان موقعهم من الإستعمار الفرنسي أنذاك كما أن ملف جرائم فرنسا الاستعمارية لازال عالقا متشعبا وأكبر من حصره في جرائم تجارب نووية أو جرائم مادية ومعنوية أخرى، أقلها الاعتذار ثم التعويض مهما كان رمزيا.