كان أول خطاب له بعد توليه مهام رئيس الجمهورية خلال استحقاقات 15 أفريل 1999، بتاريخ 29 ماي وخاطب الجزائريين بلسان حال الوضع السائد آنذاك "عمق الأزمة التي آلت إليها البلاد"، بعد أن كان عبد العزيز بوتفليقة قد وعد خلال حملته الانتخابية بأنه سيكون الرجل الذي سيُطفئ نار الفتنة والقضاء على الإرهاب وإيجاد حلول فعالة لإعادة السلم والأمن للبلاد، واستطاع تشخيص داء الأمة الناجم عن "فظاعة الإرهاب" الذي قتل وخلّف مئات آلاف الضحايا ودمّر الاقتصاد وتدهور الوضع الاجتماعي و«التدني الذي أصاب الوطن في مكانته وسمعته في حظيرة البلدان بسبب ما ابتلينا به من شتات وانقسامات"، وفتح الطريق "للتسابق على طلب التدخلات الأجنبية"، وهي عوامل هددت الدولة بالانهيار. وقد ركّز الرئيس في عهدته الأولى على تجسيد الوعود التي قطعها على الجزائريين وهي إطفاء نار الفتنة وإعادة لمّ شمل الجزائريين، وكان أول مشروع له هو إصدار قانون الوئام المدني وعرضه على الشعب للاستفتاء يوم 16 سبتمبر 1999، حيث تمت المصادقة عليه "بنعم" بنسبة 98.6 بالمائة، ثم وعد بأن تستعيد الجزائر صورتها في المحافل الدولية، وبدأ يتجسد ذلك من خلال استعادتها دورها القيادي، لا سيما على الساحة القارية في إطار الاتحاد الإفريقي والشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا "نيباد" التي كان بوتفليقة أحد المبادرين بها. وعلى المستوى المتوسطي، أبرمت الجزائر اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي في 22 أفريل 2001. كما شاركت الجزائر التي أصبحت شريكا مرموقا لمجموعة الثمانية في قمم هذه المجموعة بانتظام منذ سنة 2000. على الصعيد الداخلي، أخذ الأمن يستتب تدريجيا، وشرع بوتفليقة في برنامج واسع واتخاذ جملة من الإجراءات الاقتصادية شملت على وجه الخصوص إصلاح المنظومة المصرفية قصد تحسين أداء الاقتصاد الجزائري مما مكن الجزائر من دخول اقتصاد السوق واستعادة النمو ورفع نسبة النمو الاقتصادي، ثم بتاريخ 22 فيفري 2004، أعلن عبد العزيز بوتفليقة ترشحه لعهدة ثانية، فقاد حملته الانتخابية مشجعا بالنتائج الإيجابية التي حققتها عهدته الأولى ومدافعا عن الأفكار والآراء الكامنة في مشروع المجتمع الذي يؤمن به، لاسيما المصالحة الوطنية، ومراجعة قانون الأسرة ومحاربة الفساد ومواصلة الإصلاحات، فأعاد الجزائريون انتخابه في منصب رئيس الدولة يوم 8 أفريل 2004، وخلال هذه العهدة وعد بتعزيز مختلف الخطوات التي باشرها أثناء العهدة الأولى له على رأسها تعزيز استعادة الامن والاستقرار، فأعلن عن مشروع المصالحة الوطنية وإجراء استفتاء حوله بتاريخ 29 سبتمبر 2005، وحصد نسبة أزيد من 98 بالمائة من الأصوات المعبرة بنعم، وفي نفس الفترة الرئاسية أقرّ برنامجا خماسيا 2005/ 2009 لدعم النمو الاقتصادي بغلاف مالي قدره 60 مليار دولار، والذي عزز ببرنامجي الجنوب والهضاب العليا. وموازاة مع ذلك، تمكنت الجزائر بفضل انتهاجها سياسة متجانسة من بلوغ احتياطي صرف يتجاوز 140 مليار دولار وهو ما يضعها ضمن أولى المراتب على صعيد الدول العربية، وانخفضت المديونية الخارجية إؤى أقل من 5 مليار دولار وتوفير الدولة في صندوق ضبط الإيرادات لاحتياطي يقدر ب 4000 مليار دينار. كما عرف مسار إصلاح هياكل الدولة المزيد من التعزيز، مع استعادة هيبة الدولة. على الصعيد الدولي، استعادت الجزائر دورها البارز على الساحة العربية والافريقية والأمة الإسلامية وكذا في مجال العلاقات المتعددة الأطراف، وفي أواخر سنة 2008 أعلن الرئيس إجراء تغيير جزئي ومحدود للدستور أبرز ما تضمنه هو ترك العهدات الرئاسية مفتوحة. وفي 12 فيفري 2009، أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ترشحه للانتخابات الرئاسية كمترشح حر لعهدة رئاسية ثالثة وعد فيها بمواصلة مسار الإصلاحات التي باشرها منذ 1999، في كل المجالات وأرسى إجراءات مخطط خماسي جديد 2010/ 2014 لدعم النمو الاقتصادي وإطلاق مختلف المشاريع الكبرى في قطاعات كبرى على غرار النقل والطرقات والمياه والسكن، لم تُجن ثمارها بعد. وتحمل مختلف الرسائل التي بعث بها رئيس الجمهورية مؤخرا، المحاور الكبرى لبرنامج ترشحه للعهدة الرابعة، حيث في هذا أجمع محللون سياسيون واقتصاديون ل "البلاد" على أن ترشح بوتفليقة للعهدة الرابعة سوف سيكون بشعار "الاستمرارية واستكمال الاصلاحات"، حيث سيكون التركيز قائما على ثلاثة محاور رئيسية هي استكمال المحاور الكبرى على غرار تعزيز مشروع المصالحة الوطنية باعتباره "خيار لا رجعة فيه"، والمحور الثاني يتعلق بالبرنامج التنموي قد يكون على شكل مخطط آخر يكون بمثابة استكمال للمشاريع التنموية الكبرى التي انطلقت خلال المخطط السابق. أما الحور الثالث فيتمثل في مواصلة تعزيز مكانة الجزائر على الصعيد الدولي. بمعنى حسب متحدثينا يريد الرئيس أن تكون المرحلة المقبلة "مرحلة التتويج لجملة من الأحداث والمشاريع التي انطلقت سابقا ولم تنته على غرار مشاريع السكن. ويرى آخرون أن المرحلة القادمة تتطلب التركيز على مشاريع ومسائل لم تتحقق منذ 15 سنة، على غرار تحقيق العدالة والقضاء على البطالة والبحث عن جذور مشاكل الصحة، وكذا الحلول لإصلاح التعليم في بلادنا.