تعتبر المصالحة الوطنية تحديا هائلا فتح الباب لعهد جديد للشعب الجزائري وهيأ له المناخ للإقلاع الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والثقافية المنشودة. وقد استمد قانون 19 جويلية 1999 المتعلق بالوئام المدني أسسه من القرآن الكريم والحديث النبوي ومن العرف الشعبي القديم والحديث بما يحتويه من المعاني السامية المرتبطة بالكرم والتسامح. وقد أدى تطبيق هذا القانون إلى توبة آلاف المسلحين من الشباب الذين غرر بهم. وبعد انتخابه في 8 أفريل 2004 بأكثر من 85 بالمائة من الأصوات تقدم الرئيس بوتفليقة ببرنامج طموح لمواصلة تجسيد المشاريع المصيرية الكبرى التي انطلق فيها، لاسيما تدعيم التنمية الذي خصص له غلافا تجاوز 60 مليار دولار بالإضافة إلى برنامجين مخصصين للجنوب والهضاب العليا. مع سعر برميل البترول الذي بلغ أعلى مستوياته تمكنت الجزائر من ادخار احتياطي صرف يفوق 140 مليار دولار وهو الأهم في العالم العربي. على الصعيد الداخلي يظل طموح الرئيس بوتفليقة استرجاع السلم والأمن وتحسين إطار المعيشة وهو ما أصبح اليوم حقيقة معاشة. أما على الصعيد الخارجي فإن الجزائر قد وجدت مكانتها ودورها الريادي بين الأمم بتجاوز مأساتها مما أهلها لتحظى باحترام وتقدير المجموعة الدولية. بفضل الرئيس بوتفليقة تسترجع الجزائر مكانتها في العالم بفضل حكمته وبعد نظره استعادت الجزائر دورها الريادي الطبيعي في إفريقيا والمغرب والعالم العربي، وهي المكانة المستحقة بفضل التقدير الذي يحظى به وجهوده المكثفة. فبعد 10 سنوات من الغياب بفعل العشرية السوداء تعود الجزائر إلى دورها القاري في إطار الاتحاد الإفريقي والنيباد الذي يعتبر الرئيس بوتفليقة أحد مؤسسيه، على المستوى المتوسطي أبرمت الجزائر اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي وأصبحت شريكا لمجموعة الثماني حيث أصبحت تشارك في قممها منذ عام 2000. وبالموازاة لم يدخر الرئيس بوتفليقة جهدا لإتاحة الفرصة لاستكمال البناء المغاربي. وكانت عودة السلم فرصة للرئيس بوتفليقة للشروع في برنامج واسع من الإصلاحات التي تجعل الجزائر تدخل بقوة في اقتصاد السوق والعودة إلى النمو والتنمية وتقليص المديونية الخارجية التي بلغت عام 2005 حوالي 19 مليار دولار بينما بلغت 40 مليار دولار عام 2000. وبعد الدفع المسبق لهذه الديون أصبحت تقارب 6 ملايير دولار عام 2006 قبل أن تتجه نحو الصفر عام 2008. عهدة ثالثة لإتمام الأشغال المنطلقة في عام 2008 لجأ الرئيس بوتفليقة إلى تعديل طفيف للدستور وفي 7 فبراير يستدعي الهيئة الناخبة قبل أن يعلن في 12 فبراير عن قرار الترشح للعهدة الثالثة في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 9 أفريل 2009. وبالرغم من الصعوبات التي اعترضت الجزائر إلا أن كل الأهداف المتوخاة من العهدتين السابقتين قد تحققت فقد كانت أولى تحديات الرئيس جمع الجزائريين وتثبيتهم في طريق السلم والأمن وإرساء أسس الإقلاع الاقتصادي وهو ما تم بالفعل وأصبح واقعا تعبر عنه المباني والطرقات والفوارق التي محيت بين الأرياف والمدن مما جعل الرئيس يظفر بعهدة ثالثة بأغلبية فاقت 95 بالمائة.