أصدرت أمس الغرفة الجزائية لدى مجلس قضاء عنابة أحكامها ضد المتورطين في فضيحة صيد وتهريب 210 أطنان من سمك التونة الحمراء من المياه الإقليمية الجزائرية، حيث أدانت الأمين العام السابق لوزارة الصيد البحري والموارد الصيدية، ومدير مركزي بنفس الدائرة الوزارية مكلف بالصيد في المحيطات، بسنتين حبسا نافذا وغرامة مالية ب 20 مليون سنتيم بتهمة المشاركة في التهريب وإساءة استغلال الوظيفة وطلب مزية غير مستحقة وتبرئتهما من تهمة استعمال السلطة والنفوذ· وسلطت الهيئة القضائية نفس الحكم ضد ست (06) بحارة أتراك وعلى رأسهم رجل الأعمال ،حسين شريف أوغلو، صاحب شركة ''أكواي داي'' المتخصصة في صيد التونة، بتهمة الصيد غير الشرعي والتهريب وإلزامهم بدفع تعويضات مالية للخزينة العمومية ومصالح الجمارك تقدر قيمتها بعشرة أضعاف قيمة التونة المصطادة، أي ما يعادل مبلغ 832 مليار سنتيم ومصادرة كامل محتويات الأسطول التركي المتكون من الباخرة '' أكواي دام 2 '' والساحبتين '' أحمد سارتر1 '' وعبدي بابا 2 ''· في حين قضت الغرفة الجزائية بإدانة مجهزي السفينتين الجزائريتين، ''الشهيد حسني'' و'' الجزائر''2 بعقوبة الحبس النافذ لمدة سنة و3 سنوات لكل واحد منهما، بتهمة المشاركة في التهريب والصيد غير الشرعي مع أجانب وحجز سفينتيهما· وكانت النيابة العامة قد التمست خلال مجريات المحاكمة الأسبوع الماضي تسليط عقوبة 3 سنوات حبسا نافذا في حق المتهمين العشرة والزامهم بدفع غرامات مالية تقدر ب 20 مليون سنتيم لكل متهم ودفع تعويضات للخزينة العمومية ومصالح الجمارك تقدر ب832 مليار سنتيم· بحاران إيطالي وتونسي ''نهبا'' 790 طنا من التونة الحمراء ولاذا بالفراروتعود وقائع هذه القضية التي أسالت الكثير من الحبر إلى شهر جوان من السنة المنصرمة، عندما تمكنت وحدات حراس السواحل التابعة للمجموعة الإقليمية بعنابة في الثاني عشر من الشهر ذاته من ضبط سفينة تركية مجهزة بكاميرات رقمية تستعمل في صيد ''التونة'' وكذا أقفاص كبيرة للإبقاء على السمك المصطاد حيا أطول فترة ممكنة، إضافة إلى اكتشاف مجموعة من شباك الصيد غير مشمعة، ولم يصرح بها طاقم الباخرة سواء على مستوى مصالح الجمارك أو بمديرية ميناء عنابة· وقد أمرت الجهات القضائية، بالموازاة مع ذلك، بإجراء تحقيق تكميلي على ذمة التحقيق الابتدائي، خاصة بعد التصريحات التي كان قد أدلى بها الأمين العام للوزارة والتي فجر من خلالها فضيحتين جديدتين تندرجان في إطار استنزاف الثروة السمكية من السواحل الجزائرية دون ترخيص قانوني من الوزارة، الأولى نفذها بحار إيطالي اصطاد أزيد من 550 طنا من التونة الحمراء ولاذ بالفرار نحو مالطا، والثانية قام بها بحار تونسي استولى على نحو 240 طن من التونة قبل أن يعود إلى بلده· وكان الأمين العام للوزارة قد صرح أثناء المحاكمة أن اصطياد أزيد من 210 أطنان في ظرف زمني لا يتجاوز 24 ساعة يعد أمرا مستحيلا، وأن البحار الجزائري سعدون معمر حظي بدعم البحارة الأتراك في العملية التي قام بها على مستوى سواحل عنابة والقالة في جوان من سنة 2009 لأن البواخر العملاقة لا تصطاد سوى 100 طن من التونة الحمراء في ظرف يومين، والبواخر الجزائرية تفتقر للتجهيزات الكفيلة باصطياد كمية معتبرة في يوم واحد· كما أنه أرجع الإشكال القائم إلى التناقض المسجل في المراسيم، ولو أنه اعترف أن البحار التركي شريف حسين أوغلو، صاحب المزرعة المائية ''أكواي دام'' لتربية الأسماك، كان قد اتصل به في منتصف شهر ماي من العام الماضي وطلب منه الحصول على ترخيص لاصطياد التونة الحمراء من السواحل الجزائرية، لكنه رفض منحه أي رخصة طبقا لتعليمات الوزارة، فاقترح عليه إبرام اتفاق مع البحار الجزائري معمر سعدون صاحب باخرة ''الجزائر ''2 يتم بموجبه تحويل الكمية المصطادة من سمك التونة إلى إسطمبول ومالطا· ورغم هذا كله فقد أشار الأمين العام للوزارة في معرض تصريحاته خلال المحاكمة إلى أن الإشكال الذي طرح يبقى سببه التناقض في القوانين المعمول بها، خاصة المرسوم الوزاري رقم 48103 الصادر في ديسمبر 2003 والمحدد لشروط ممارسة نشاط الصيد في مواده 16 ,15 و24 وكذا المرسوم رقم 367/06 المؤرخ في 19 أكتوبر2006 والمحدد لشروط حصول الأجانب على الرخص، من دون التمييز بين التراخيص التي تمنح للبحارين الجزائريين والرخص الواجب الحصول عليها بالنسبة للصيادين الأجانب، وشروط تسليمها·