فتحت أمس، محكمة سيدي امحمد، قضية العصابة التي استأجرت سيارات من مختلف الوكالات الخاصة بالعاصمة وأعادت بيعها بطرق احتيالية بتواطؤ مع موظف بمصلحة الحالة المدنية لبلدية المرادية وشخصين بطالين بعد شطب بطاقاتها الرمادية والمصادقة على التصريح ببيعها. وقد مثل أمس أمام هيئة المحكمة، 16 متهما منهم 7 موقوفين نسبت إليهم جنح تكوين جمعية أشرار، خيانة الأمانة، النصب والاحتيال، التزوير واستعمال المزور في محررات إدارية، سوء استغلال الوظيفة، وقد راح ضحية هذه القضية 34 شخصا حشرت الجلسة من أجلها حوالي 70 شاهدا. تعود وقائع قضية الحال التي راح ضحيتها أصحاب وكالات كراء سيارات تقع مقراتها عبر مختلف بلديات العاصمة على غرار المرادية، الشراڤة، الجزائر الوسطى، الأبيار، الدرارية وبلوزداد، وطالت حسب تقدير أولي 33 سيارة، تم استرجاع 27 منها فيما يجري البحث لاسترجاع البقية، تم بناء على الشكوى التي قيدها المدعو "ب. ش. ر" وهو مسير وكالة لكراء السيارات كائن مقرها بشارع كلود فاير بحي الينابيع في بلدية بئر مراد رايس، يوم 16 أوت 2012، أمام مصالح رئيس فصيلة مكافحة تهريب السيارات بالفرقة الجنائية لمقاطعة الشرطة القضائية وسط التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية لأمن ولاية الجزائر، مفادها أنه وقع ضحية خيانة أمانة من قبل المسمى "ش. ش" الذي تعرف عليه عن طريق أحد معارفه المسمى "س. ز" الذي يعد من أحد زبائنه، حيث سلم الضحية مصالح الأمن المعلومات المدونة عنه وفقا لنسخة رخصة السياقة المسلمة له لدى كرائه من الوكالة 9 مركبات من طراز "بيجو 206 و207"، "تويوتا ياريس" و"نيسان سوني" لمدة شهر كامل دون أن يسدد مستحقاتها، وبعد هذه المدة أخبرهُ أنه قام ببيع 6 منها لشخص يدعى "خ" وهو صاحب حانة برياض الفتح، كما أخبره أنه إن كان يرغب في استرجاع مركباته أن يضغط على الوسيط المدعو "س. ز" وبناء على هذه الشكوى تم تمديد الاختصاص بأمر من محكمة بئر مراد رايس إلى محكمة سيدي امحمد، أين مكنت عملية تفتيش مسكن المشتكى منه الكائن بالمرادية من توقيفه. وخلال استجواب موظف مصلحة الحالة المدنية لبلدية المرادية المدعو "أ. ب" أكد أنه يعمل بذات المصلحة منذ سنة 2008، إذ تكمن مهمته في المصادقة على الوثائق المقدمة له، وعن قضية الحال، أكد أن المدعو "ش. ش" تقدم منه وأخبره أن السيارة ملك لزوجته المتواجدة في فرنسا وبطلب منه بطاقة الهوية سلمه ورقة مدون عليها رقم رخصة السياقة وتاريخ صدورها ورخصة السياقة الخاصة بالمشتري ليقوم هو بالمصادقة على التصريح بالبيع وشطب البطاقة الرمادية، قبل أن يعود إليه مرة أخرى ويطلب منه القيام بنفس الإجراء لسيارة أخرى دون أن يشك في الأمر لكون العارض، حسب موظف الحالة المدنية لبلدية المرادية، محل ثقة ويعرفه منذ مدة، معترفا أنه قام كذلك بنفس الخطوات على باقي السيارات التي قدمها له المدعو "ش. ش" دون أن يتقاضى نظيرها أي مقابل مادي، بل إنه قام بالعمليات بحسن نية جاهلا تحايله عليه، حيث أوهمه بأن تلك المركبات ملك لأقاربه الذين لم يتمكنوا من الحضور إلى مصالح البلدية للتصريح ببيعها، غير أن التحقيقات الأمنية كشفت، تواطؤ موظف الحالة المدنية مع المتهمين الآخرين، إذ إنهم يشكلون عصابة منظمة تختار ضحاياها من أصحاب وكالات كراء السيارات مقابل إيهامهم بصفقات كراء سياراتهم لمدة سنة مقابل مبالغ مالية معتبرة، مستغلين تلك الفترة لإعادة بيعها بشطب بطاقاتها الرمادية بعد المصادقة على التصريح بالبيع دون حضور الأطراف المعنية. وقد اعترف المتهم "ش.ش" خلال التحقيق معه بكل ما نسب إليه من وقائع، مؤكدا مشاركة جاره المدعو "س. ز" في العمليات، حيث قال إن الأخير أخبره قبل فترة أنه وقع في ورطة ببيعه سيارة من نوع "بيجو 206+"، دون إتمام إجراءات البيع ونقل الملكية، حيث طلب منه التحدث هاتفيا مع المشتري على أساس أنه صاحب المركبة طالبا منه التريث إلى حين عودته من الجنوب الجزائري. ولم يتوقف طلبه عند ذلك الحد بل راح يستنجد للبحث له عن شخص يعمل بالبلدية يمكنه المصادقة على التصريح بالبيع وشطب البطاقة الرمادية لفائدة المشتري دون حضور مالكها نظير منحه مبلغ 20 مليون سنتيم وقد تم الاتصال بالمدعو "أ. ب" وهو موظف بمصلحة الحالة المدنية لبلدية المرادية الذي وافق على العملية وقام بالمصادقة على التصريح بالبيع وشطب البطاقة الرمادية. ولم تكن هذه العملية الوحيدة بعد دفع تحقيقها المتهمين لشطب المزيد من البطاقات الرمادية، حيث عرض الجاران المتهمان على موظف البلدية شطب وثائق سيارة أخرى من نفس الطراز لفائدة المكنى "الرونشو" مقابل منحه 30 مليون سنتيم، تلاها شطب بطاقة رمادية لسيارة أخرى مقابل 15 مليون سنتيم، إلى أن بلغ عددهما الست مركبات ليجد المستأجر نفسه في ورطة أمام الضغوطات التي مارسها ضده المؤجر من أجل استرجاع مركباته وإجباره على دفع مستحقات كرائها، وهناك خطرت بباله فكرة استئجار سيارات من وكالات أخرى لتسديد مستحقات المركبات الستة الأولى، ليتوجه إلى وكالة كراء كائن مقرها بالمرادية، حيث استأجر أربع مركبات من طراز "رونو سامبول" سوداء اللون وباع اثنتين منها للمدعو "إ. ع" مقابل ما قيمته 150 مليون سنتيم دون القيام بإجراءات المكاتبة بحكم أن السيارتين قيد الرهن، واستمرت العملية إلى غاية أن بلغ العدد 33 سيارة من مختلف الأصناف منها "سكودا فابيا" رمادية اللون، وأخريات من صنف "شوفرولي سايل" و"هيونداي أكسنت"، بعدما تم شطب بطاقاتها الرمادية ببلدية المرادية بالطريقة نفسها التي تم من خلالها شطب بطاقات السيارات الأخرى، حيث أعيد بيعها للمدعو "إ. ع" وآخر يكنى "نونو" وهو صاحب وكالة لكراء السيارات بالسكالة اللذين أعادا بيعها لأشخاص آخرين.