^ تحويل كميات معتبرة لملبنات خاصة بدل تسويقها للمواطن كشفت تحقيقات ميدانية أن أزمة الحليب التي شهدتها مؤخرا الجزائر العاصمة في توفير مادة أكياس الحليب المبستر، كانت مفتعلة من قبل أطراف أرادت الزج بمركب "جيبلي كوليتال" ببئر خادم في فهوة الأزمة وتحميله المسؤولية لوحده، ليفسح لها المجال لتحويل هذه المادة المدعمة من قبل الدولة نحو صناعة مشتقاته، مثل الياغورت والأجبان لدى ملبنات خاصة بطرق غير شرعية، ما يعني أن أزمة الحليب التي بلغت درجة الندرة بالعاصمة، كانت مفتعلة، حيث تمكن مركب الحليب ببئر خادم، وفقا لما أكدته لنا مصادر موثوقة، من تسويق 13 مليون لتر من الحليب المبستر فقط خلال شهر جانفي من سنة 2014، بعدما تم توزيع هذه الكمية على مختلف الموزعين المعتمدين بالعاصمة ونواحيها، ليتم تحويل الكمية بطرق احتيالية لفائدة ملبنات خاصة والتي بدورها تقوم بتسويق ذلك الحليب على أساس أنه حليب بقر ويعاد تعليبه في أكياس أخرى تحمل علامة الملبنة المستفيدة بدلا من اقتناء حليب البقر الخالص أو مسحوق الحليب منتهزين غياب الرقابة. وقد كشفت التحريات الميدانية التي قامت بها فرق مختصة عن ضلوع بعض الموزعين ممن تعمدوا تحويل هذه المادة الأكثر استهلاكا بدلا من إيصالها إلى المواطن، حيث أثبتت التحقيقات أن أحد الموزعين تمكن من استخراج ما يصل سعته إلى 700 ألف لتر في اليوم وتحويلها لغير وجهتها وبالتحديد لفائدة إحدى الملبنات الخاصة الواقعة بنواحي منطقة السحاولة بالعاصمة. فيما دعم آخر ملبنة خاصة أخرى تقع بنواحي ولاية البليدة ب 500 ألف لتر، وتشير المعلومات التي بحوزتنا إلى أن كميات الحليب المحولة عن وجهتها الأصلية تتراوح بين 140 و800 ألف لترا من مركب الحليب "جيبلي كوليتال" الذي يعمل بصفة الدوام المستمر 24 ساعة دون توقف بنظام الأفواج، حيث إن عماله لم يتوقفوا عن العمل لمدة قاربت السنة، ومع ذلك شهدت السوق العاصمية تذبذبا ونقصا فادحا في توفير مادة أكياس الحليب المبستر قبل الخرجة الأخيرة المفاجئة للإضراب الذي شنه العمال لأقل من 48 ساعة دون إشعار مسبق والذي لم تكن خسائره اللاحقة بالمركب بالحجم الكبير. وتؤكد الأرقام المحصاة في إطار ما ينتجه مركب حليب بئر خادم، أن الأخير تمكن من إنتاج كمية معتبرة تفوق الطلب الفعلي لهذه المادة مقارنة بالشهر نفسه من السنة الماضية، غير أن التحقيقات كشفت أن جشع بعض الموزعين والمتعاملين معهم ساهم وبشكل كبير في إحداث أزمة لتوفير هذه المادة الحيوية في السوق، لتحقيق أرباح طائلة بطريقة غير شرعية، ما ألحق الضرر بالاقتصاد الوطني وهدد سكينة السوق العاصمية وما جاورها، الأمر الذي يستدعي تدخل الجهات الوصية من وزارتي التجارة والفلاحة وكذا إدارة مركب "جيبلي كوليتال" لوضع آليات مراقبة للقضاء على مثل هذه السلوكات المنافية للقانون، وإلا فإن الأمر سيشهد تفاقما من سيء لأسوء، في ظل سعي الكثيرين للركض وراء الربح السريع من قبل بعض الانتهازيين الذين لا هم لهم سوى الربح السريع ولو كان ذلك على حساب الضعفاء. ويتزامن هذا مع الضوابط الجديدة التي أقرتها وزارة التجارة والتي تقضي بإلزامية المصنّعين لمادة الحليب بشكل معين من أكياس التعليب، لتحديد نوعية المنتوج المسوّق وتسهيل إجراءات التعامل معه من طرف أعوان الرقابة التابعة للمصالح الوزارية، مع ضرورة تعريف المستهلك بمكوّنات المنتوج. وقد تضمنت التعليمة الوزارية المشتركة بين وزارة التجارة ووزارة الفلاحة والتنمية الريفية، إلزامية تمييز المنتوج الذي يستعمل مستحوق الحليب المدعم من خلال كيس أصفر يحمل علامة مؤشر عليها منتوج مدعم باللون الأحمر. بينما تكون الأكياس الأخرى باللون الأخضر تحمل علامة منتوج وطني، وتكون أسعار هذا الأخير مفتوحة، على خلاف السعر المقنّن بالنسبة لأكياس الحليب المدعم التي لا يمكن أن تتعدى سقف 25 دج. وتؤكد الإجراءات المتخذة من طرف وزارتي التجارة والفلاحة عبر التعليمة المشتركة، وجود تجاوزات من طرف مصانع تحويل مسحوق الحليب المدعم وتوجيهها إلى إنتاج مواد أخرى، على غرار الأجبان ومشتقات الحليب التي لا تخضع إلى تسقيف السعر، باعتبارها إحدى النتائج التي توصلت إليها التحقيقات المباشرة من طرف مصالح وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، إثر أزمة الحليب التي استمرت في السوق الوطنية عموما لعدة أشهر.