لا يلاحظ المتجول في شوراع الجزائر العاصمة أوأي واحدة من المدن الكبرى في البلاد أنها قد دخلت في حملة انتخابية يحاول فيها المتنافسون إقناع المواطنين بالانتخاب عليهم لتولي منصب رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة وووزير الدفاع والقاضي الأول في البلاد. فباستثناء وسائل الإعلام الرسمية من إذاعة وتلفزيون الذين كيفا برامجهما تزامنا مع هذا الموعد، من خلال بث تدخلات المترشحين أو ممثليهم في مواعيد مخصصة، أو في نشرات الأخبار، لا يبدو أن حملة الرئاسيات استطاعت أن تفرض نفسها على الشارع الجزائري، الذي يبدو أن اهتماماته أبعد ما تكون عنها، فقد دفعتها مشاغلهم الحياتية إلى آخر قائمة تطلعاتهم. وحتى مظاهر الحملة الانتخابية من ملصقات غابت عن الشوارع بصورة ملحوظة، باستثناء تلك التي تروج لرئيس الجمهورية المترشح لعهدة رئاسية رابعة عبد العزيز بوتفليقة، في حين بقيت المساحات المخصصة لبقية المتسابقين فارغة في أغلب الأحيان. ويربط الكثير من المراقبين هذا العزوف الشعبي عن الحملة الانتخابية بسوء أداء المترشحين في الترويج لمشاريعهم، وتوجيه خطابات بعيدة كل البعد عن واقع حياة المواطن البسيط، والاكتفاء بالظهور الإعلامي، وعبر تجمعات يتم الإعداد لها بعناية، وجمع عدد من الحاضرين بوسائل ملتوية من أجل الايحاء بشعبية هي في معظم الأحيان مفقودة. فيما يميل بعض المحللين في تفسير هذا "البرود الشعبي" عن حملة انتخابات 17 أفريل المقبل بما يراه الشارع حسما مسبقا لنتائجها، مع إعادة ترشح الرئيس بوتقليقة للعهدة الرابعة الذي هو بمثابة الغلق للعبة، خاصة لما يتوفر عليه من وسائل كبيرة للدعاية وتجند طاقم كبير من الأحزاب الكبيرة والشخصيات المستقلة، إضافة إلى العرف السياسي الذي درجت عليه الساحة السياسية الوطنية وهو أن لا أحد يستطيع منافسة الرئيس المترشح، أما البقية فهم مجرد ديكور انتخابي لا غير، وهو الأمر الذي أفقد السباق روح المنافسة الحقيقية مما انعكس على الاهتمام الشعبي بها. هذه البرودة التي تميز الشارع الجزائري إزاء الحملة الانتخابية في يوميها الأولين ستكون إحدى الأوراق التي ستستخدمها الأطراف السياسية الداعية لمقاطعة رئاسيات أفريل، عبر الإشارة إلى أنها "تمثل الصوت الغالب في الشارع الذي لا يرى في الانتخابات حدثا يستحق الاهتمام". أما حملات المترشحين الستة فهي أمام استحقاق لاستقطاب الشريحة الواسعة البعيدة عن جو الرئاسيات، واستدراك البرودة التي شهدتها الأيام الأولى للحملة الانتخابية، وإقناعها بالتصويت على مرشحيهم قبل انقضاء مدة الحملة والمرور نحو امتحان الصندوق الذي يحسم التنافس. وبخصوص الحملة الانتخابية" الموازية" التي تجري أطوارها على شبكات التواصل الاجتماعي التي بدأت منذ أسابيع من انطلاقة الحملة الرسمية في الميدان، فهي الأخرى عرفت نفس الوتيرة المتواضعة، حيث غلب عليها جانب السخرية، من خلال رصد تصريحات المترشحين والوعود الوردية التي يطلقونها ومقارنتها بالواقع المعاش، في حين تحاول صفحات المترشحين عبثا الدعاية لهم، إذ تصطدم بلامبالاة واضحة، مما يشير إلى أن اللغة والأسلوب المتبع قد أثبت فشله، ويتحول النقاش في العديد من الأحيان إلى سيل من الهجمات وحتى الشتائم التي تتضمنها تعليقات مستخدمي الانترنت.