لم يكن الأمر تحيزا ولا مداهنة لأحد فوق كل شبر من مدينتي الصخر العتيق وبونة، فكل جهة تصدح بمساندتها للمترشح الحر بوتفليقة. مشاهد تعبر عن واقع الحال والذي سنسعى إلى نقله كما هو ولن نبالغ إن قلنا إن قسنطينة عاصمة الشرق وعنابة جوهرته قد اختارتا مرشحهما سلفا ولا يمكن الجزم أن الاختيار نابع من قوة أنصار بوتفليقة فقط وإنما لأن بقية المترشحين أضعف من أن تهتز لهم مدينة ابن باديس ولا مدينة العلامة أحمد البوني. الكل يحتمي بالعمل الجواري اهتمام القسنطينيين بالانتخابات يمكن تتبع مساره من خلال حركية الحملة الانتخابية التي يقودها أنصار الرئيس والتجمعات التي نشطتها وجوه وقيادات في التحالف الرئاسي بدءا بالوزير الأول أحمد أويحيى وانتهاء برئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري، في انتظار حضور المترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من أفريل القادم، والتي ركز فيها المعنيون على حصيلة ضخمة من الانجازات تحققت بالمدينة خلال عهدتي الرئيس السابقتين قال بشأنها مدير الحملة الانتخابية إن ما تم انجازه بين 9991 و9002 بقسنطينة لم يتحقق منذ 2691 الفاعلون السياسيون ركزوا جل اهتمامهم على الدفع بالمواطنين إلى الذهاب بكثافة إلى صناديق الاقتراع من خلال عمل جواري بحت، بعد أن فضل جل فرسان الحملة الانتخابية إرجاء تنظيم تجمعات بالمدينة إلى الأيام الأخيرة، في محاولة منهم لترك انطباع اللحظة الأخيرة والذي غالبا ما يكون له الأثر الأكبر في تحديد توجهات الناخبين ويعد تجمع أحمد أويحيى بمدينة الخروب الاستثناء الوحيد لحد الساعة. أما دون ذلك فقد خلت الفضاءات المخصصة لتنشيط الحملة الانتخابية والبالغة 73 قاعة ومكان عمومي من روادها وحتى السيد موسى تواتي مرشح الجبهة الوطنية الجزائرية رفض المغامرة بدخول المدينة وتنشيط مهرجانا انتخابيا بها مفضلا دائرة الخروب التي التقى فيها بفئات مختلفة من ساكنيها دعاهم إلى التصويت والتغيير دون أن يتمكن من محو آثار أحمد أويحيى، كما عرج في عجالة على المدينةالجديدة علي منجلي ودائرة عين استمارة فيما فضل محمد السعيد اختزال حملته الانتخابية في زيارة قبر رائد النهضة الحديثة بالجزائر ابن باديس. أنصار جهيد يونسي.. نحن متواجدون وبقوة باقي المترشحين سجلوا غيابا شبه تام فلا ملصقات ولا تجمعات وربما الذي فأجا القسنطينيين أكثر هو غياب الإصلاح وحزب لويزة حنون عن الساحة على اعتبار أنهما حزبان متواجدان منذ مدة طويلة ولهما بعض الأنصار، هذا الانطباع الأولي دحضه السيد عبد المالك شرشاري مدير مداومة المترشح جهيد يونسي الذي أكد في اتصال هاتفي مع البلاد أن العمل الذي يقوم به أنصار يونسي بقسنطينة لا يستهان به ورفض التسليم بالقول إن المدينة حسمت اختيارها سلفا، مشددا على أن رهان الإصلاح إنما يكمن في إقناع المتعاطفين مع التيار الإسلامي بالعزوف عن المقاطعة والذهاب في التاسع أفريل القادم إلى صناديق الاقتراع وهو الهدف الذي نسعى إلى تحقيقه من خلال عمل جواري مدروس''، بالاتصال بكافة الشرائح الاجتماعية وعلى عكس ما يشاع فإن الحركة نظمت عدة تجمعات وستنظم أخرى في الأيام القليلة القادمة منها تجمع للفرع النسوى قبل المهرجان لانتخابي الذي سيشرف عليه أمين عام الحركة والمترشح للانتخابات الرئاسية جهيد يونسي الخميس القادم. كما أن مقر المداومة أمام المركز الثقافي العيد آل خليفة يشهد حركة دؤوبة. وأوضح المصدر نفسه أن بعض مديريات حملة المترشحين تستعمل الوسائل العامة وإمكانيات الدولة، وهذا هو الفرق بيننا وبينهم. وبولاية عنابة، تعيش مداومات المترشحين حركية استثنائية بعد دخول الحملة الانتخابية أسبوعها الثاني، غير أن أداء أنصار المتنافسين متباين من حيث برامج التنشيط والخرجات الجوارية بل حتى من حيت الأوزان الثقيلة المكلفة بحشد الناخبين لصالح هذا المرشح أو ذاك. غير أن الثابت هو النشاط اللافت لمديرية حملة المترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة وقدرتها على إنعاش المشهد السياسي في الشارع العنابي. وإلى حد الآن لم تستقبل ولاية عنابة سوى مرشح وحيد وهو رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي الذي دشن حملته الانتخابية يوم 02 مارس الماضي بتجمع شعبي بقاعة سينما الباكس وسط المدينة ؛ حيث اجتهد في إقناع الحضور بضرورة التصويت بكثافة يوم التاسع أفريل المقبل لقطع حبال الود مع ممارسات النظام الحالي الذي أنتج -حسبه- ظواهر غاية في السلبية والخطورة وفي مقدمتها ظاهرة الهجرة غير الشرعية وهو الوتر الحساس الذي لعب عليه تواتي، على خلفية أن ولاية عنابة تصدر سنويا أكثر من 005 حراف إلى الضفة الشمالية من المتوسط على متن قوارب الموت انطلاقا من شواطئها الرئيسية. غير أن هذا السبق الذي سجله تواتي لم يواكبه نشاط مماثل في الدفع نحو تسجيل أهداف أخرى من خلال عمليات التحسيس والخرجات الجوارية، حيث لم تنظم مديرية حملته أي تجمع شعبي إلى حد الآن واكتفى القائمون عليها بالاحتكاك بشباب الأحياء والبلديات النائية واستغلال موجة الاحتجاجات بعنابة لأغراض انتخابية مع تكثيف حملات الدعاية عبر الملصقات. إنزال وزاري وبرلماني وبالمقابل يجمع متتبعون للمشهد الانتخابي محليا أن مداومة المترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة والتي يقودها الدكتور محمد الطيب العسكري مدير جامعة عنابة أصبحت الخلية الأكثر نشاطا وحركية منذ انطلاق الحملة، بالرغم من أن الرئيس المترشح لم يزرها إلى حد الآن مفضلا إدراجها ضمن محطات الختام وقد استضافت المداومة سبعة وزراء وورئيسي غرفتي البرلمان أشرفوا جميعهم على نشاطات تحسيسية للدفع بالعملية الانتخابية نحو فاعلية أكبر وكانت البداية بالرجل الثاني في الدولة رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح الذي نشط تجمعا شعبيا بالمسرح الجهوي عز الدين مجوبي باسم التحالف الرئاسي، دعا من خلاله المواطنين إلى التصويت بقوة لصالح المترشح عبد العزيز بوتفليقة الذي وفى بوعوده والتزاماته الانتخابية على مدار عشرية من الحكم ومن ضمن أكبر إنجازاته تحقيق المصالحة الوطنية وطي أوراق الأزمة الأمنية ومباشرة مشاريع ضخمة والتي تحتاج -حسب بن صالح- إلى الاستمرارية باختيار الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة.إلى ذلك أشرفت شخصيات من الطاقم الحكومي على مهرجانات انتخابية وعمل جواري مكثف على غرار رئيس الدبلوماسية مراد مدلسي ووزير الشباب والرياضة الهاشمي جيار ووزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال بصالح ووزير الصناعة وترقية الاستثمار طمار عبد المجيد والوزيرة المنتدبة نوارة جعفر وزهية بن عروس عضو مجلس الأمة الذين اجتهدوا في دعوة العنابيين إلى التصويت لصالح بوتفليقة. هل ستحتضن عنابة أبناءها؟ ولأن من بين الفرسان الستة لرئاسيات التاسع افريل، يوجد ابن المنطقة مرشح حركة الإصلاح الدكتور جهيد يونسي الذي ينحدر من حي سيدي سالم الشعبي ببلدية البوني، إضافة إلى زعيمة حزب العمال لويزة حنون التي ترعرعت بالمدينة القديمة وتخرجت من جامعة باجي مختار فإن المنافسة بها تختلف بالتأكيد عن غيرها. ولو أن هذا العامل لم يشفع لأنصارهما في مباشرة حملة انتخابية مريحة وقوية، حيت يشتكي أنصار لويزة حنون وجهيد يونسي من المبالغة في استغلال أنصار منافسهما للهيئات العمومية وعمالها للإشهار لصالح عبد العزيز بوتفليقة في حين أن المديرية تعتبر تلك التهم مردودة على أصحابها لأن العمال محل الحديث ينشطون في لجان المساندة التي تؤطرها مديرية الحملة الانتخابية للمترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة. وأمام الحضور المكثف لشخصيات من العيار الثقيل في المشهد السياسي بعنابة والعمل الذي قامت به لصالح عبد العزيز بوتفليقة لم يجد ممثلو باقي المترشحين من بد سوى التركيز على العمل الجواري والنزول إلى الشارع والحديث مباشرة مع المواطنين لشرح برامجهم مع الإلحاح على ضرورة المشاركة الشعبية الواسعة في هذا الحدث وهو القاسم المشترك الوحيد بين كل المتنافسين لكسر شوكة دعاة المقاطعة. ورغم ذلك، أكدت اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات بعنابة أنها لم تتلق إلى حد الآن أي شكوى تضع مصداقية الحملة على المحك، باستثناء بعض التحفظات حول فوضى الجانب الاشهاري والدعائي الذي ينم عن جهل بعض الأنصار بالتدابير التي جاء بها القانون العضوي المتعلق بالانتخابات..