قبل أقل من خمسة أيام عن موعد الانتخابات الرئاسية، تعكف الولايات والإدارات المحلية عبر الوطن على الانتهاء من الأمور التقنية المتعلقة بالانتخابات، لاسيما قضية وجبات الإطعام للمؤطرين والمراقبين وأعوان الأمن، وهي النقطة التي تمر في كل مرة بصمت دون التطرق إليها ومعرفة الميزانية المخصصة لها وما إذا تتماشي وقيمة الوجبة المقدمة خلال يوم الاقتراع، خاصة أن التقارير الميدانية تؤكد صرف الملايير في وجبة غداء لا تتعدى ال400 دينار جزائري، من خلال صفقات تتم بين أصحاب مطاعم تكون لهم الحضوة كل موعد انتخابي من أجل كسب الملايين إن لم نقل الملايير.. تتكفل الدولة بميزانية توفير وجبات الإطعام للمؤطرين وأعضاء اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات إلى جانب ممثلي الأحزاب السياسية وإذا قمنا بمعادلة حساب معدل 30 عضوا في كل لجنة بلدية من البلديات ال1541 التي تضمها الجزائر، تكون فاتورة التكفل بوجبات أعضاء هذه اللجان قد بلغت أكثر من 277 مليار سنتيم، إذا احتسبت قيمة الوجبات اليومية لكل عضو بألفي دينار، في 48 ولاية، وأكثر من مليار سنتيم فاتورة التكفل بوجبات أعضاء اللجنة الوطنية ليصل إجمالي فاتورة التكفل بوجبات أعضاء اللجان المستقلة من الأحزاب على المستوى الوطني إلى 306 مليار سنتيم، دون حساب تكاليف أعضاء اللجان المنتشرة في الخارج، من مجموع التكلفة الإجمالية للانتخابات. وتشير التقارير إلى أن قيام بعض الدوائر بعقد صفقات مع أصحاب المطاعم بأموال باهظة، حيث تم احتساب وجبة مكونة من قطعة دجاج وتفاحة وعصير "رويبة" ب120 ألف دينار، في حين أن سعره الحقيقي لا يتجاوز ال400 دينار جزائري؟ بزيادة ضعف السعر الحقيقي للوجبة الواحدة، في حين ستتراوح وجبة المؤطرين ومراقبي الانتخابات مابين ألفين وثلاثة ألاف دينار جزائري للوجبة الواحدة، فمن المستفيد من تضخيم فاتورة وجبات الإطعام التي تتكفل الدولة بدفعها خلال كل موسم انتخابات ؟ لاسيما أن كل وال منتدب يستطيع تمرير مبلغ 600 مليون سنتيم ومنحه للمطعم المتفق معه على توفير الوجبة دون المرور إلى المناقصة مثلما ينص عليه القانون. وإذا كانت اللجان المستقلة لم تستفد هذه المرة من التعويضات المالية التي كان يستفيد منها أعضاؤها في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، فإن أعضاءها، مركزيا وولائيا ومحليا، استفادوا من التكفل بالإطعام والإيواء، ومن امتياز الانتداب من وظائفهم، إلا أن الملاحظ أن غالبية أعضاء هذه اللجان لم يكونوا يتقيدون بالحضور اليومي والمتابعة الحثيثة للعملية الانتخابية، والمساهمة الفعلية في مراقبة الحملة الانتخابية، وهو نفس الانطباع الذي ساد معظم المواعيد الانتخابية، أين سبق أن وقع جدل واسع حول وجبات الإطعام مشفوعا ببيانات رسمية حول الموضوع من طرف اللجان المستقلة، أكثر من طرحهم لقضايا جوهرية تمس العملية الانتخابية في صميمها، خاصة أن أغلبهم لا صلة لهم بالأحزاب التي يمثلونها في هذه اللجان. حيث سبق لأحد اللجان بالمدية أن أصدرت بيانا متعلقا بوجبات الإطعام والمضاربة في الأسعار "مضاربة مزدوجة" بين الإدارة وأصحاب المطاعم على حساب المال العام، فيما فضل بعض أعضاء اللجان تقاضي تعويضات مالية من المطاعم المتعاقدة، مقابل تخليهم عن تناول وجباتهم حتى ولو كانت قيمة تلك التعويضات لا تزيد عن نصف قيمة مبلغ الوجبة. وهو ما يفسر التكالب الحاصل من طرف جميع الجهات حول قيمة الوجبات الغذائية الموفرة خلال الاستحقاقات الرئاسية القادمة للظفر بصفقة مربحة على طول الخط وسط غياب رقيب والرقابة على الميزانية المخصصة لوجبات الإطعام المقدرة بالملايير.