قدم صندوق النقد الدولي تقريرا إيجابيا حول واقع وآفاق الاقتصاد الوطني، حيث جاءت مؤشراته في مجملها متفائلة بالوضعية الجيدة التي تمر بها المنظومة الاقتصادية في الجزائر خلال هذه السنة، دون أن يمنع ذلك مجلس إدارة المؤسسة العالمية النقدية من تقديم اقتراحاتها للجزائر تتويجا للقاءات الاستشارية الدورية مع المؤسسة النقدية العالمية، وتنبيه الجهات المعنية بجملة التحديات الراهنة والمستقبلية التي تواجه مسيرة هذا الاقتصاد النامي. وذكر التقرير على رأس تلك التحديات تجاوز إشكالية تحقيق النمو خارج الريع البترولي، إذ اعتبر أن المؤشرات المستقبلية توحي بأنها ستكون إيجابية على المستوى القريب فقط. وفي هذا الشأن دعا صندوق النقد إلى التعجيل بوتيرة الإصلاحات الهيكلية، فيما أبدى تحفظه على سياسة دعم الدولة للتشغيل، وملف القضاء على البطالة الذي يبقى أحد تلك الرهانات الصعبة. من جهة ثانية، طالب تقرير ''الأفيمي'' برفع الحظر المضروب على القروض الاستهلاكية معتبرا الإجراء عائقا كبيرا لنمو القطاع المالي في الجزائر، فيما دعا الصندوق إلى التعجيل بخوصصة البنوك العمومية وفتح رأسمالها على القطاع الخاص دعما للإصلاحات المصرفية في البلاد. كما انتقد تعزيز إجراءات الحماية التي أقرتها الحكومة في قانون مالية السنة الجارية والقانون التكميلي للسنة الماضية بشأن الاستثمار الأجنبي، واعتبر الصندوق أن ذلك من شأنه ثني المستثمر الأجنبي عن القدوم للجزائر، كما أنه لن يشجع على إرساء مناخ جيد للاستثمار الأجنبي ويحول دون تنويع النشاط الاقتصادي بما يكرس واقع التبعية للريع البترولي. في حين دعا التقرير إلى تسخير المدخرات الأجنبية من العملة الصعبة في دعم نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. بالمحصلة فإن صندوق النقد الدولي المعروف بتوجهاته السياسية الخادمة للرأسمالية العالمية، وصف الجزائر بالتلميذ النجيب بإشادته بالنتائج الاقتصادية المحققة، دون أن يفوت خبراء الصندوق الإشارة إلى أن تعنى الجزائر بالمزيد من التفتح على رأس المال الخارجي انسجاما مع العقيدة الاقتصادية والمالية لصندوق النقد، وهو ما يفسر إلى حد بعيد اعتراضه على إلغاء قروض الاستهلاك طالما أن الإجراء سيحول دون تحول الجزائر إلى أسواق استهلاك للسلع الأجنبية من خلال الخدمات التي تقدمها بنوك أجنبية ترفض رفضا قاطعا تحمل أعباء التنمية في الجزائر وركوب مخاطرها على غرار البنوك الوطنية.