أكد وزير المالية السيد كريم جودي أول أمس بالعاصمة التركية اسطنبول أن الأزمة الاقتصادية العالمية تستوقف الهيئات الدولية حول أهمية وأشكال عودة النمو وكيفيات الحفاظ على استقراره، داعيا هذه الهيئات إلى مساعدة الدول على تحديد الأخطار المحتملة والسياسات المناسبة لمواجهة الأزمة. وأشار الوزير في تدخله خلال أشغال مجموعة ال24 الحكومية المشتركة، التي انتظمت في إطار الاجتماعات السنوية الخريفية لمجموعة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، إلى أن الأزمة الإقتصادية العالمية أظهرت هشاشة الأنظمة المالية الدولية، والتبعية الكبيرة للاقتصاديات والأسواق وضعف البلدان النامية والفقيرة أمام الظواهر الخارجية غير المتحكم فيها ومحدودية الأعمال المباشرة، الأمر الذي يستوقف حسبه الهيئات الدولية حول أهمية وأشكال عودة النمو وكيفيات توزيعه والحفاظ على استقراره. كما أوضح بأن هذه الأزمة تتطلب ان تقوم هذه الهيئات بمساعدة الدول على تحديد الأخطار المحتملة المتعلقة بالسياسات المنتهجة لمواجهة الأزمة المالية الحالية، وتحديد آليات وسياسات مناسبة. وحسب بيان وزارة المالية فقد تناولت النقاشات التي ميزت هذا الإجتماع، المسائل المتعلقة بأثر الأزمة على اقتصاديات البلدان النامية والإجراءات المتخذة من قبل هيئات "بروتن وودس" لمواجهتها إضافة إلى مسألة الإصلاح المباشر في البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، في الجانب المتعلق بالأصوات والتمثيل. وقد حضر السيد جودي أمس الاثنين عشية انعقاد الجمعيات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي في أشغال لجنة التنمية التابعة لهاتين المؤسستين، التي تتمثل مهمتها في إعطاء مجالس المحافظين آراء حول مشاكل التنمية الكبرى والموارد المالية المطلوبة لإنعاش اقتصادات البلدان النامية. وعلى هامش الاجتماعات تحادث السيد جودي مع السيدة شمشاد اختار نائبة رئيس منطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا بالبنك العالمي، كما التقى كل من وزير الاستثمار المصري ووزير مالية السيشل، وتطرق في المحادثات التي جمعته مع كل منهما على حدى إلى آفاق التعاون الثنائي، وإلى أهمية التنسيق بين مجموعة ال24. وفي إطار الاجتماع المغاربي مع المدير العام بالبنك العالمي أشار السيد جودي إلى ضرورة إجراء تقييم لأعمال التعاون الإقليمي التي بوشرت والتأكد من الإنصاف في توزيع أرباح الأعمال الجديدة الممكنة. كما حضر الوزير بالمناسبة أشغال اللجنة النقدية والمالية الدولية، التي تناولت آفاق التنمية الشاملة للاقتصاد العالمي والأسواق المالية، ودور صندوق النقد الدولي في مراقبة الأزمات، وشارك بصفته محافظ الجزائر لدى البنك العالمي في اجتماع محافظي مجموعة الدول التي تنتمي إليها الجزائر والتي تضم أيضا أفغانستان وغانا والمغرب وإيران والباكستان وتونس. وخلال هذا الإجتماع تدخل محافظ بنك الجزائر السيد محمد لكصاسي، باسم مجموعة الدول المذكورة والتي يمثلها لدى اللجنة الوزارية، مشيدا في كلمته ببداية التحسن الاقتصادي العالمي، بالنظر إلى التطورات الايجابية المسجلة مؤخرا والظروف المالية الدولية التي أثمرتها الأعمال القوية في مجال السياسة العمومية المعتمدة من قبل العديد من البلدان المتقدمة والنامية. وأكد السيد لكصاسي في هذا الصدد أن صندوق النقد الدولي بذل جهودا فريدة لمساعدة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمة، ولا سيما من خلال تسهيل تنسيق السياسات وتقديم دعم مالي معتبر وحقن السيولة في الاقتصاد العالمي، داعيا في المقابل إلى توخي الحذر قصد ضمان نجاح سياسة بعث النمو التي تم تنفيذها على الصعيد العالمي من أجل تجاوز الأزمة الاقتصادية. واعتبر المتحدث أن التطورات الايجابية المسجلة لا ينبغي أن تؤدي إلى التساهل، باعتبار أن عودة النمو الشامل لم تترسخ كلية، ولذلك من الضروري حسبه، تفادي وقف الدعم قبل أوانه، والاستعداد لتوقف منسق وفي الوقت المناسب لسياسات الدعم الاسثنائية. كما دعا إلى العمل على تعزيز ضبط المنظومة المالية وتسييرها والتعجيل بالجهود لمساعدة الدول ذات الدخل الضعيف على تجاوز أثر الأزمة وتحقيق أهدافها في مجال النمو وتقليص الفقر، وناشد بالمناسبة الدول والهيئات المانحة إلى التنفيذ العاجل لالتزاماتها، بما فيها تلك التي تم التعهد بها في إطار قمة ال20 الأخيرة. كما شدد السيد لكصاسي على أهمية دور صندوق النقد الدولي في الرقابة من أجل إدماج الاستقرار المالي الكلي، مؤكدا في سياق متصل ضرورة بذل المزيد من الجهود لتحقيق إعادة التوازن على مستوى تمثيل الأعضاء داخل هذه المؤسسة، مع القيام بإصلاح جوهري في الحصص، ولا سيما من خلال إعداد صيغة لحساب الحصص يتم مراجعتها لتراعي حاجيات الدول المقترضة. وأبرز المتدخل ضرورة مراعاة هذا الإصلاح لتحويل معنوي لحصص التصويت للبلدان المتقدمة نحو الدول النامية، دون أن يتم ذلك على حساب دول نامية أخرى، مشيرا في الأخير إلى أن المجموعة التي يمثلها تتطلع باهتمام لأعمال ومحادثات أكثر حول العناصر الأخرى المتعلقة بالإصلاح الشامل لتسيير الصندوق، مع تفتحها على الاقتراحات الحالية لتعزيز دور اللجنة النقدية والمالية الدولية، ومساندتها على وجه اخص لمقترح إنشاء رئاسة على شكل ترويكا مع مدة مقلصة لعهدة رئيس اللجنة.