حذر صندوق النقد الدولي، الجزائر من أن الاستمرار في سياسة الإنفاق العمومي الحالية سيؤدي إلى تسجيل الاقتصاد الوطني تبعات سلبية على المدى الطويل في ظل تراجع مداخيل المحروقات، مؤكدا أن استمرار ارتفاع فاتورة النفقات العمومية وتمويل الاقتصاد من مداخيل المحروقات التي تسجل تراجعا سنة بعد أخرى سيؤدي إلى اختلالات خطيرة على مستوى الميزانية العامة خلال مدة أقصاها 20 سنة. وأكد رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى الجزائر زين زيدان، أن الجزائر حققت نتائج اقتصادية "حسنة" خلال سنة 2014، حيث تمكنت من تقليص معدل التضخم إلى 2 % وهو ما رده إلى السياسة النقدية الحذرة من قبل بنك الجزائر، كما ثمّن زيدان الطريقة التي تنتهجها السلطات الجزائرية في مجال ضبط الميزانية، مؤكدا أن صندوق ضبط الإيرادات يتمتع بتراكمات مالية وقائية معتبرة رغم وجود توقعات بانخفاضها للعام الثاني على التوالي وتوقع المتحدث أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي الخام 4 بالمائة بعد نمو قدره 2.8 بالمائة سنة 2013، كما أن النمو خارج المحروقات سيواصل تحسنه ليصل 7,1 بالمائة من الناتج المحلي الخام تأثرا بارتفاع مردودية قطاعي البناء والخدمات. وأوضح ممثل الأفامي أنه على الرغم من متانة الوضعية المالية الخارجية للجزائر بالنظر إلى مستوى احتياطاتها من الصرف وانحسار مديونيتها الخارجية على نسبة ضئيلة "2 بالمائة"، إلا أنها أصبحت تكشف عن مؤشرات ضعف خاصة بعد تسجيلها لعجز متوقع على مستوى الحساب الجاري لأول مرة منذ 20 سنة، بسبب انخفاض إنتاج قطاع المحروقات وارتفاع محسوس للاستهلاك الطاقوي الداخلي. وتوقع الأفامي أن يتسع عجر الميزانية ليسجل 6 بالمائة خلال 2014. ودعا وفد صندوق النقد الدولي الحكومة الجزائرية إلى الاستعجال في إيجاد تدابير لتطوير قطاع المحروقات وتدعيم صادرات الجزائر من النفط وضرورة التحكم في الاستهلاك الداخلي، إلى جانب تنويع صادرات البلاد خارج قطاع المحروقات. وأشار الوفد في تقريره إلى أنه من الضروري تطبيق استراتيجية طموحة لضبط الأوضاع المالية العامة .... واحتواء الإنفاق الجاري. وانتقد رئيس وفد الأفامي ضمنيا إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل، حيث تبقى كتلة الأجور في الجزائر الأكثر ارتفاعا في المنطقة وتحمل كاهل الميزانية أعباء ثقيلة دون مردودية تذكر على اعتبار أن أغلب مناصب الوظيف العمومي في قطاع الخدمات. وذكر زين زيدان أن التوصيات الأخيرة التي وضعها على مستوى الحكومة حذرت من التناقض الموجود بين مستوى الأجور وقيمة إنتاجية العامل الجزائري، داعيا إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد المحلي عبر خلق مزيد من الوظائف في القطاعات الإنتاجية. واستغرب زين زيدان المرتبة 153 التي تحتلها الجزائر في ترتيب "دوينج بيزنيس" قياسا على المؤهلات التي تمتلكها داعيا السلطات إلى تحسين ظروف النمو للقطاع الخاص وإلغاء القاعدة المحددة للاستثمارات الأجنبية 51/49 وحصرها في القطاعات غير الاستراتيجية.