"الوضعية الاقتصادية الخارجية للجزائر بدأت تضعف"، كانت هذه أهم نتيجة دونها وفد صندوق النقد الدولي خلال مهمة تقييم الوضع الاقتصادي والمالي للجزائر. وحذر الوفد الجزائر من الاستمرار في سياسة الإنفاق العمومي الحالية والتي يمكن أن تحول الجزائر إلى بلد قد يسجل ذروة في الاستدانة الخارجية تصل إلى معدل 100% من الناتج الداخلي الخام على المدى الطويل. أكد رئيس بعثة الأفامي للجزائر زين زيدان التي انتهت مهمتها أمس بعد لقاء العديد من الوزراء والمسؤولين أن الجزائر التي حققت نتائج اقتصادية “مرضية” خلال سنة 2013 حيث تمكنت من تقليص معدل التضخم إلى 4% خلال الاثني عشر شهرا الأخيرة، ستسجل تباطؤا في معدل نموها الاقتصادي إلى حوالي 2,7% مقابل 3,3% سنة 2012. بالمقابل، ثمن السياسة المنتهجة من طرف السلطات الجزائرية في مجال ضبط الميزانية. وأوضح ممثل الأفامي أنه رغم متانة الوضعية المالية الخارجية للجزائر بالنظر إلى مستوى احتياطاتها من الصرف وانعدام مديونيتها الخارجية، إلا أنها أصبحت تكشف عن مؤشرات ضعف خاصة بعد تسجيلها لعجز على مستوى الحساب الجاري للثلاثي الثاني على التوالي، بسبب انخفاض إنتاج قطاع المحروقات وارتفاع محسوس للاستهلاك الطاقوي الداخلي. وتوقع الأفامي أن ينخفض الفائض في الحساب الجاري بنسبة 1,1% من الإنتاج الداخلي الخام. ودعا وفد صندوق النقد الدولي الحكومة الجزائرية إلى الاستعجال في إيجاد تدابير لتطوير قطاع المحروقات وتدعيم صادرات الجزائر من النفط وضرورة التحكم في الاستهلاك الداخلي، إلى جانب تنويع صادرات البلاد خارج قطاع المحروقات. وأشار الوفد في تقريره إلى أنه “رغم أن الجزائر تتمتع بالاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلي، فلا يزال أداؤها الاقتصادي أقل من المستوى الممكن، ما يستدعي التسريع في وتيرة النمو بقيادة القطاع الخاص”. وثمن ممثل الأفامي القرار الصادر مؤخرا عن بنك الجزائر لمراجعة تسعيرة الدينار، مشيرا إلى أن قيمته الحالية تبقى تفوق قيمته الفعلية. وكشف في نفس الإطار عن تعاون يجمع ممثلين عن الأفامي وبنك الجزائر لمحاولة إيجاد آليات لتحديد قيمة الدينار الجزائري الحقيقية. وأكد وفد الأفامي أنه على الجزائر أن تستمر في اتباع سياسة لسعر الصرف تتجنب أي اختلال في سعر الدينار. على صعيد متصل، أكد زيدان أن سياسة الموازنة المنتهجة حاليا من طرف الحكومة الجزائرية لن “تكون مطاقة على المدى الطويل”، مشيرا إلى ضرورة إدارج قاعدة لتسقيف العجز في الميزانية عند تحضيرها. وأكد ذات المسؤول أنه في حالة استمرار الجزائر في وتيرة الإنفاق العام الحالية، فإنها ستسجل على المدى الطويل مشاكل خطيرة على مستوى ميزانيتها قد تجعلها تسجل معدل استدانة خارجي في آفاق 2050 يفوق معدل 100% من ناتجها الداخلي الخام. ورغم أن تقرير وفد الأفامي أشار إلى متانة القطاع المالي في الجزائر، إلا أن رئيس الوفد أكد بأنه يبقى “قليل التطور”، موصيا الحكومة الجزائرية بضرورة تكثيف القروض الممنوحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتسهيل منح القروض الخاصة بالأسر. في هذا الإطار، دعا الحكومة إلى توجيه الإنفاق نحو الاستثمار المنتج وتفادي الزيادة في النفقات الأخرى ملمحا لنفقات التسيير الخاصة برفع الأجور. وعن سؤال حول عزم الحكومة على مراجعة المادة 87 مكرر من قانون العمل، أوضح ذات المسؤول أن كتلة الأجور في الجزائر تبقى المرتفعة في المنطقة، محذرا من زيادات أخرى ترهن النمو الاقتصادي والإنتاجية. وعن عودة القرض الاستهلاكي، أكد ممثل البعثة أن الصندوق لا يبدي قلقا من إعادة بعثه، مؤكدا على ضرورة وضع آليات للتحكم في منحه لتجنب رفع مستوى استدانة العائلات. على صعيد آخر، قال زين زيدان إن هيئته لم تقم بعد بتوظيف قرض الجزائر الذي منحته للصندوق بقيمة 5 ملايير دولار، مؤكدا أن ذلك سيعزز من احتياطاتها للصرف. وفي نفس الإطار، أشار إلى أنه يجب تحقيق عدالة في توزيع الثروة وزيادة الضرائب المفروضة على الأغنياء.