الأفامي يحذر من هشاشة الميزانية في الجزائر و يتوقع نموا يصل إلى 3.5 بالمائة اعتبر صندوق النقد الدولي ( الأفامي )، أن الاقتصاد الجزائري في وضع "جيد نسبيا" بالرغم من مناخ الشك الذي يميز الاقتصاد العالمي و توقع أن يحقق نموا يتراوح بين 3 إلى3.5بالمائة خلال السنة الجارية 2012. و بدا الصندوق أكثر تفاؤلا في هذا الجانب مقارنة مع البنك العالمي الذي قال في وقت سابق أنه يتوقع نسبة نمو لا تتجاوز 2.7 بالمائة.غير أن الأفامي حذر من هشاشة الميزانية للجزائر التي قال أنها توسعت بشكل كبير على مدى السنوات الأخيرة بسبب تزايد النفقات و التحويلات الاجتماعية، مشيرا إلى أن هذه الهشاشة قد تصبح مدعاة للقلق في حال حدوث تراجع معتبر لأسعار البترول، ما قد يقود إلى انخفاض إجباري للاستثمارات العمومية و تزايد البطالة. و أشار مجلس إدارة صندوق النقد الدولي مساء أول أمس في عرضه للوضعية الاقتصادية الجزائرية إلى أن نمو الجزائر بقي متينا سنة 2011 كما أن ارتفاع سعر البترول عزز الرصيد الخارجي و عائدات ميزانية الجزائر. و أضاف أن برنامج الاستثمارات العمومية من شأنه الإبقاء على نسبة النمو خارج مجال المحروقات في حدود 5 بالمائة و رفع نمو إجمالي الناتج الداخلي الخام إلى حوالي 5.2 بالمائة خلال سنة 2011. و يرى "الأفامي" أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق الدولية و الزيادات الملموسة في أجور الوظيف العمومي لم تنعكس حتى الآن في ارتفاع محسوس للتضخم و ذلك بسبب الدعم المتواصل للمواد الغذائية الأساسية و الزيادة في ادخار العائلات و طلب متزايد على الاستيراد و سياسة نقدية يقظة. و يعتبر الصندوق أن نسبة التضخم قد استقرت في حدود 4 بالمائة سنة 2011. كما أوضح التقرير أنه مع ارتفاع أسعار النفط فان فائض الحساب الجاري قد صعد الى 5.9 بالمائة من الناتج الداخلي الخام خلال 2011 و إيرادات الميزانية من المحروقات زادت بنسبة 30 بالمائة. و أشار ذات المصدر الى الارتفاع الملموس للاحتياطات الرسمية من الصرف، مبرزا أن "الميزانية ستظل عاجزة بنسبة 4 بالمائة تقريبا من الناتج الداخلي الخام سيما من خلال النفقات العامة و الزيادات في أجور الوظيف العمومي و التحويلات". و حسب ذات التقرير، فإن "الأفاق تظل إيجابية على المدى القصير إلا أن قوة الميزانية و الاستقرار المالي على المدى المتوسط يصبحان رهينين بشكل أكبر بتذبذب أسعار النفط في الأسواق الدولية". و تابعت ذات الهيئة المالية بأن النمو على المدى القصير سيحافظ على نسقه بفضل الاستثمارات العمومية و برنامج استثمارات الشركة الوطنية للمحروقات "سوناطراك". كما يتوقع الصندوق أن يرتفع الناتج الداخلي الخام خارج المحروقات سنة 2012 بنسبة 5 بالمائة، إلا أن إنتاج المحروقات من المتوقع أن يواصل انخفاضه بسبب ضعف الطلب العالمي محددا نسبة النمو الإجمالية بين 3 و 5.3 بالمائة تقريبا". وتحسبا للسنة الجارية يرى صندوق النقد الدولي أن التضخم قد يستقر في حدود 4 بالمائة إذا ظلت نسبة ارتفاع أسعار المواد الغذائية الطازجة معتدلة و تم التحكم في الضغوط التضخمية الناتجة عن زيادة الأجور. أما على المدى المتوسط فان المؤسسة المالية ترى "بأن أسعار النفط التي تشير التوقعات الى أنها ستكون مرتفعة نسبيا من شأنها أن تحافظ على ايجابية الرصيد الخارجي و إيرادات هامة للميزانية إلا أن رصيد الميزانية سيظل عاجزا". و حسب هذه المؤسسة المالية الدولية فقد أدت "سياسة الميزانية التوسعية المنتهجة في السنوات الأخيرة إلى تأثر الوضعية المالية بتقلبات أسعار البترول" مضيفة أن السعر الذي يسمح بإحداث توازن في الميزانية يفوق بشكل طفيف حاليا 100 دولار للبرميل. و حذر صندوق النقد الدولي من "مخاطر تراجع هام في حال تواصل تدهور الوضع الإقتصادي الدولي و انخفاض دائم لأسعار البترول". و أشار إلى أن الوضعية الخارجية و تلك المتعلقة الميزانية قد تصبحان أكثر هشاشة مما سيؤدي من دون شك إلى انخفاض إجباري في الاستثمارات العمومية تنعكس من خلال تراجع في النمو و ارتفاع في البطالة. و سجل الأفامي وجود تحديات هامة لا سميا ضرورة تنويع الإقتصاد الجزائري و تحسين جو الأعمال و تخفيض معدل البطالة. و حث على ضرورة "إعطاء أهمية قصوى للقطاع الخاص حتى يكون مستقبلا محركا قويا للنمو و مولدا لمناصب الشغل". و لبلوغ هذا الهدف ذكر الصندوق بأن "السلطات الجزائرية أطلقت خلال 2011 سلسلة من المشاورات مع الشركاء الاجتماعيين قصد تحسين جو الأعمال و آفاق النمو على المدى الطويل".و استنادا إلى هذه العناصر التقييمية "أشاد مجلس الإدارة بالأداءات الإقتصادية الإجمالية الجيدة التي حققتها الجزائر في السنوات الأخيرة رغم المحيط الإقتصادي الدولي الصعب". و سجل مجلس الإدارة أنه لا زالت هناك تحديات كبيرة تستدعي من السلطات الجزائرية مضاعفة الجهود للحفاظ على استقرار الإقتصاد الكلي و استرجاع الحذر في الميزانية و تنويع الإقتصاد من خلال قطاع خاص أكثر قوة. و أكد أنه بالرغم من أن أسعار البترول المرتفعة تسمح بالاستجابة للمطالب الاجتماعية العاجلة و الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، إلا أنه ينبغي تسيير ذلك بحذر لتفادي ضغوط التضخم و الحفاظ على استقرار الميزانية على المدى المتوسط. و حيا مجلس إدارة الصندوق بنك الجزائر لتحكمه في ضغوط التضخم و امتصاصه لفائض السيولة الناجمة عن ارتفاع إيرادات المحروقات و المستوى الهام للنفقات العمومية. و اعتبر مجلس إدارة الأفامي أن نظام الصرف كان ناجحا بالنسبة للجزائر مشيدا بعزم السلطات على الحفاظ على معدل الصرف الحقيقي قريبا من مستواه التوازني.