يعاني سكان قرى ومداشر بلدية قصر الأبطال الواقعة جنوب ولاية سطيف من غياب أدنى ضروريات الحياة التي من شأنها إخراجهم من دوامة العزلة المفرطة عليهم في ظل صمت المسؤولين وبقائهم مكتوفي الأيدي حيال الأوضاع المزرية المحيطة بهم، إذ تغيب بها أدنى ضروريات العيش الكريم، بالرغم من أن مختلف مشاتيها تحتوي على كثافة سكانية كبيرة، إلا أن عجلة التنمية متوقفة ولا تزال تراوح مكانها بحيث لم يتم تسجيل أي مشروع تنموي من شأنه رفع الغبن عن السكان، وهذا حال كل من مشتة القرافة، أولاد سي أحسن، لعوالمة وغيرها من المشاتي إذ يعاني هؤلاء من نقائص عديدة واقعها البؤس والحرمان في ظل عدم التفاتة الجهات الوصية المتمثلة في المجالس الشعبية البلدية، وتتصدر قائمة النقائص المياه الصالحة للشرب وغاز المدينة، الكهرباء وكذا تعبيد الطرقات، حيث لا تزال جل منازل هؤلاء غير مربوطة بشبكة المياه الصالحة للشرب وهو ما يجعل العائلات تعاني الأمرين من أجل الحصول على هذه المادة الحيوية من مختلف الينابيع الطبيعية، وقد أكد بعض القاطنين بهذه القرى أن معاناتهم في تزايد مستمر، خاصة في فصل الصيف الذي يكثر فيه الطلب على هذه المادة الحيوية، وهنا أكد سكان قرية "أولاد سي حسن" التابعة إداريا لبلدية قصر الأبطال والتي تبعد عن مقر البلدية بحوالي 3 كلم وبتعداد سكاني يزيد عن 65 عائلة من أفقر التجمعا ت لسكانية وأكثرها حرمانا، لعدم معالجة السلطات المحلية لمشكلتهم التي أرقتهم منذ سنتين تقريبا حيث أبدى أهالي قرية تخوفهم من مياه الحنفيات كون تلك المياه يتغير لونها الى لون أسود من حين لآخر إضافة الى كميات معتبرة من الرمل والحصى كلما كان هناك تساقط للأمطار لأن الأنبوب الرئيسي يمر بداخل واد وأن هذا الأنبوب عرف انكسارات في العديد من المرات، دون تدخل الجهات المعنية لإصلاحه مما استوجب إصلاحه من قبل أهالي القرية من خلال حزمه بقطعة من مطاط العجلات، علما أن تلك المياه الملوثة لا تصلح إلا للغسيل، مما يجبرهم على شراء هذه المادة الحيوية واقتنائها من أصحاب الصهاريج بمبالغ تصل الى 1200 دج. وأمام هذا الوضع الخطير تطالب العائلات الجهات المعنية بإصلاح الأنبوب والقيام بتحليل تلك المياه التي يتزودون بها منذ مدة خصوصا أن الأمر أصبح يتكرر. مشكل آخر يؤرق السكان هو حالة الطرقات المهترئة التي تعرفها المشاتي والقرى، حيث تتحول إلى برك ومستنقعات وانتشار الأتربة والغبار صيفاً، كون اغلبها ترابية تغيب عنها عمليات التزفيت والتعبيد، كما يعاني فلاحو بلدية قصر الأبطال من غياب الكهرباء الفلاحية التي تكاد تكون منعدمة حيث ذكر بعض الفلاحين أنهم وجدوا أنفسهم مجبرين على مدّ الكوابل الكهربائية على مسافات بعيدة تصل إلى 2 كلم، وأنه رغم تحول منطقة قصر الأبطال إلى قطب فلاحي هام في شتى المزروعات إلا أنها لم تحظ لحد اليوم بالاهتمام اللازم فيما يخص الكهرباء الفلاحية. وقالوا إن عمليات مد الكوابل الكهربائية كلفتهم نفقات باهظة، كما أكدوا أنه أحيانا ينقطع التيار الكهربائي بسبب ضعف التيار خاصة في فصل الصيف مطالبين السلطات بالتفاتة السلطات إليهم، وأخذ انشغالاتهم بعين الاعتبار، كما يعيش شباب البلدية تحت الضغط الذي يرهق نفسيتهم إذ عبروا عن استيائهم وتذمرهم الشديدين خلال أوقات فراغهم لعدم توفر مرافق الترفيه والتسلية ولا نوادي رياضية بمنطقتهم، إذ إنهم لا يجدون من وسيلة للترفيه عن النفس سوى اللجوء للمقاهي أو مقاهي الإنترنت التي بدورها أغلقت كل أبوابها في وجوههم، ليتكبد بذلك الشباب في التسكع جماعات، ويجد نفسه عرضة للانحراف والمخدرات خاصة أن البطالة تعرف نسبة عالية بالمنطقة. وفي سياق متصل ألح بعض الأولياء التقيناهم على ضرورة الاهتمام بالشباب وأخذ انشغالهم ومطالبهم بالجدية وخلق فضاءات الترفيه والرياضة وجعلها سبلا إيجابية لشباب المنطقة وتجنيبهم من الوقوع في مخالب الانحراف والمخدرات، كما يأمل السكان في أن تتوسّع شبكة الغاز الطبيعي لتشمل كل مناطق البلدية، وذلك للتخلص من معاناة اسمها قارورات غاز البوتان والتي تكلّف السكان مصاريف إضافية للتنقل إلى أماكن بعيدة بالبلدية، فضلا عن رحلة البحث عنها والتي أضحت هاجسا يؤرّق حياتهم نظرا للحاجة الماسة إلى هذه المادة الحيوية، واعتبر السكان أن التخلص من هذه القارورات سيرفع الغبن عنهم بشكل كبير إذا ما قورن خاصة مع معاناتهم اليومية، لذا فهم يطالبون بضرورة التعجيل في ربطهم بالغاز الطبيعي وإنهاء معاناتهم مع قارورات غاز البوتان خاصة في فصل الشتاء. وعلى هذا الأساس وفي ظل الأوضاع الراهنة، يلح السكان على السلطات المحلية من أجل تحسين ظروفهم والتكفل التام بجميع انشغالاتهم ومطالبهم اليومية التي عكرت صفو حياتهم وحولتها الى جحيم لا يطاق.