تعتبر بلدية بوطالب، 82 كلم جنوب غرب ولاية سطيف، من أفقر بلديات ولاية سطيف، إذ تفتقر إلى المشاريع التنموية والبرامج الفلاحية التي يمكن أن تنهض بالمنطقة وتحد من ظاهرة الهجرة الجماعية التي تشهدها المنطقة منذ عدة سنوات. وتجمع بلدية بوطالب التي يقارب تعداد سكانها حوالي 10 آلاف نسمة، ست مشاتي مترامية بين سفوح الجبال، بقرى قنيفة، بوجليخ، قبر دلاح والدارالبيضاء، وتعاني في مجلها من عزلة كبيرة وفقر مدقع خاصة أن المنطقة عاشت ظروفا أمنية متدهورة وعانت الكثير في سنوات الجمر من تخريب ودمار، وبعد استتباب الأمن بالمنطقة استبشر المواطنين خيرا وتطلعوا لحياة أفضل غير أنهم اصطدموا بواقع مر وبظروف معيشية قاسية زادت من حدة معاناتهم، بسبب غياب أدنى المرافق الضرورية للحياة إلى جانب غياب المشاريع التنموية والبرامج الفلاحية. هذا ما أكده لنا بعض المواطنين أثناء لقائهم بجريدة “البلاد" حيث أقروا بأنهم يعيشون منذ سنوات الإقصاء والتهميش. تعتبر البلدية من أقدم البلديات وتنعدم فيها أدنى الضروريات على غرار مشاريع التهيئة مبدين أسفهم على الواقع التنموي المعيش، رغم مئات الشكاوى التي وجهت إلى السلطات المعنية والتي تضم ضرورة تسجيل عملية تهيئة مركز البلدية وكذا المناطق التابعة لها. قارورة البوتان.. يمر سكان بوطالب بظروف صعبة بسبب مشكل انعدام الغاز الطبيعي، فرغم الطلبات التي تم إيداعها للسلطات المحلية لربط بيوتهم بهذه المادة الحيوية، غير أن ذلك لم يتجسد إلى غاية اللحظة. هذه الحالة أتعبتهم كثيرا خصوصا أنهم منذ سنين طوال في معاناة مع قارورات غاز البوتان. وذكر السكان أنهم يعيشون حياة قاسية في ظل غياب هذه المادة الأساسية خاصة في فصل الشتاء، حيث يقضونه عرضة للبرد القارس الذي يميز المنطقة، الأمر الذي يضطرهم إلى استعمال قارورات غاز البوتان نظرا لحاجتهم الماسة إلى هذه المادة الضرورية في مختلف الاحتياجات المنزلية. من جهة أخرى، قال بعض السكان إنهم تلقوا وعودا كثيرة للاستفادة من ربطهم بشبكة الغاز الطبيعي ببيوتهم، إلا أنها لم تتجسد إلى غاية اليوم وذلك لأسباب يجهلونها لحد الساعة، وهم لحد اليوم ينتظرون أن تتحرك السلطات المحلية لحل هذا المشكل. رحلة بحث عن قطرة ماء منذ فجر الاستقلال إلى اليوم كما يعتبر الماء الشروب بهذه البلدية أكبر هاجس للسكان، فرحلة البحث عن قطرة ماء بدأت منذ فجر الاستقلال ومازالت متواصلة حتى الآن حيث إنهم قاموا بحفر أنقاب والآبار، إلا أنهم لم يجدوا بها ماء صالحا للشرب. وأوضح أن مشكل الماء هو مشكل مطروح منذ أزمنة قديمة وذلك راجع إلى الجفاف الذي تتميز به هذه المنطقة المعروفة بطابعها الجبلي، حيث لا يعثر على المياه الصالحة للشرب إلا بقرية واضح التي تبعد ب20 كلم عن مركز البلدية، وقد تم إنجاز نقب بهذه القرية، غير أن ماء النقب غير صاف، علما أنه تم إنجاز نقب ثان بهذه القرية. وقد قامت مصالح البلدية بتوزيع الماء بالتناوب، غير أن الكثير من السكان يعتبرون أن مياه هذا النقب غير كاف لتزويدهم بالماء وأن الحل يكمن في جلب هذه المادة الضرورية بواسطة الأنابيب من المناطق والبلديات المجاورة. وأكد بعضهم خلالها دخولنا قرية قبر دلاح أنهم يشترون صهاريج الماء بأثمان باهظة، بعدما رفضت مصالح البلدية توفير هذه المادة الضرورية سواء بنقل الماء عبر القنوات أو بواسطة الشاحنات التابعة للبلدية، وأكد أن سكان هذه القرى أن مشكل الماء الشروب لا يزال قائما رغم الشكاوى المتكررة لدى السلطات الولائية ومصالح الري وهذا منذ 10 سنوات، والتي لم تف بوعودها لنقل الماء الشروب عبر قنوات من المناطق المجاورة. شبح البطالة يهدد شباب المنطقة كما اشتكى شباب المنطقة من شبح البطالة وانعدام فرص العمل خاصة الشباب البطال الذين طالبوا المسؤولين بضرورة إيجاد آليات وبرامج لتخليصهم من شبح البطالة الذي يطاردهم منذ تخرجهم. هذه المعاناة دفعت بسكان المشاتي إلى الهجرة الجماعية نحو المدن الكبرى بحثا عن لقمة العيش وعن حياة أفضل مثلما هو الحال بمشتة بني الماي، ألوان، بوجليخ الدارالبيضاء. فكل هذه المناطق أصبحت شبه مهجورة. المطالبة بزيادة حصص السكنات الريفية وبخصوص السكن فإن البلدية لم تستفد منذ الاستقلال إلى يومنا هذا إلا من 60 سكنا اجتماعيا، وبلغ عدد طالبي السكن أكثر من 2000 طلب. أما بالقرى والمشاتي المعزولة فلم تستفد إلا من حصص جد ضئيلة من البناء الريفي، لذا فهي تطالب بحصص إضافية. حفر ومطبات تؤرق أصحاب المركبات أشار السكان إلى مشكل آخر وهو اهتراء الطرقات التي زادت الوضع سوءا، حيث اشتكي المقيمون من اهتراء الطرقات التي لم تعرف أي عملية تعبيد وخاصة المناطق المجاورة لها وطرقها الرئيسية منذ سنين. وخلال حديثنا مع سكان البلدية أبدى هؤلاء تذمرهم واستياءهم من هذا الوضع المأساوي التي يتخبطون فيه كما استغربوا من سياسة التهميش واللامبالاة المنتهجة في حق حيهم، فهم يعانون انعدام تهيئة الطرقات الرئيسية بالبلدية التي تعرف انتشارا كبيرا للحفر والمطبات مما يصعب على أصحاب السيارات المرور إلى بيوتهم خلال هطول الأمطار، أما خلال فصل الصيف فيصبح الغبار المادة الأساسية التي ترافق السكان في كل تنقلاتهم وفي كل زاوية من بيوتهم. هذه المسالك التي لم تشهد أي عملية تزفيت حسب السكان جعلت المنطقة في عزلة. فوضعية الطرق المتدهورة خلفت مشاكل عديدة للعائلات المقيمة بها حيث أصبح أصحاب السيارات يرفضون ركن سياراتهم بالحي تفاديا للأعطاب التي تكبدهم مصاريف إضافية. ونظرا لتفاقم الوضع يطالب سكانها بالتدخل العاجل للمسؤولين من أجل إعادة بعث الحياة في حيهم، الذي يعاني العزلة والتهميش منذ سنوات طويلة، وأنهم ملوا من تقديم الشكاوى والمراسلات التي رفعوها إلى المصالح المعنية، ولم يجنوا منها على حد تعبيرهم إلا الوعود التي بقيت حسبهم مجرد حبر على ورق. وطالب سكان القرية السلطات المعنية بضرورة تسجيل مشاريع تنموية تحسن أوضاعهم المعيشية.