الدعم يكلف الحكومة 30 مليار دولار سنويا مع تزايد النقاشات الحكومية الرامية إلى إعادة النظر في سياسات الدعم التي تقدمها لمختلف المواد الاستهلاكية ومحاولتها دراسة سبل وكيفيات عقلنة الدعم بحيث تستفيد منه فقط الفئات الأقل دخلا، قررت الحكومة اتباع نموذج جديد للتنمية الاقتصادية يعتمد على نقل البرامج القطاعية تدريجيا من التمويل المهيمن للخزينة العمومية إلى الوسط التجاري. ويرى الكثير من الخبراء العالميين أن تخفيض الدعم الذي يلتهم نحو 21 بالمائة من الناتج القومي للجزائر، ويغطي الوقود البترولي وبعض المواد الغذائية، كما أن الحكومة تدعم التعليم والصحة والسكن، فضلا عن اعتماد الجزائر على الاستيراد للحصول على معظم السلع. صحيح أن ذلك ساهم في تخفيف حدة الاستياء الشعبي، إلا أن كل ذلك يدفع من عائدات النفط. ولكن كيف ستكون هذه القطاعات مستقبلا في حال رفعت الحكومة عنها الدعم فعلا إذا استمرت أزمة انخفاض أسعار المحروقات التي وصلت إلى مستويات قياسية مع بلوغها عتبة 48 دولارا للبرميل لمدة طويلة. 5000 دينار مصاريف التمدرس عن التلميذ الواحد قطاع التربية على سبيل المثال يعد أكثر القطاعات استفادة من الدعم الحكومة بعد الغذاء في الجزائر، حيث يكلف تمدرس التلميذ الواحد حسب الأرقام التي حصلت عليها "البلاد" من قبل المنسق الوطني المكلف بالإعلام لدى المصالح الاقتصادية بوسكين عبد الكريم، ما يقارب 2000 دينار، دون احتساب أجرة المدرسين وتكاليف استعمال المؤسسات التعليمية. وأفادنا المتحدث بأن الأولياء سيكونون مضطرين لدفع مصاريف تمدرس تتراوح بين 3000 و5000 دينار سنويا عن التلميذ الواحد إذا كان متمدرسا وفق النظام الخارجي إضافة إلى 6000 دينار شهريا تدفعها الحكومة عن وجبة تلميذ الابتدائي بدل 200 دينار يدفعها الأولياء حاليا عن تمدرس أبنائهم، دون احتساب المصاريف الأخرى بقيمة 12 ألف دج سنويا كمصاريف المستلزمات المدرسية للأطفال حسب آخر الدراسات التي أجريت من قبل النقابات المستقلة حول القدرة الشرائية للمواطن الجزائري. 30 إلى 50 بالمائة زيادات في أسعار المواد الغذائية وعن مصاريف الشهر في المواد الغذائية فإن فاتورة الغذاء للمستهلك الجزائري وحدها تتعدى 17635دج في حالة شراء رب الأسرة كليوغراما من اللحم الذي يتجاوز سعره 1400 دج ودجاجة واحدة بسعر 700 دج، و5 قطع خبز يوميا بمعدل 1500 دج في الشهر، و4 لترات من الزيت ب480 دج و30 حبة بيض ب335، بما فيها مصاريف السميد بقيمة 1050 دج لكيس بوزن 25 كلغ، بما فيها مصاريف الماء والمشروبات بقيمة 1000 دج والخضر التي تتجاوز قيمتها 6000 دج دون إهمال مصاريف الحليب والقهوة والسكر والعجائن والمصبرات والتوابل وغيرها. وهي المصاريف التي قال الخبراء إنها ستتضاعف بحوالي 50 بالمائة على الأقل إذا ما رفعت الحكومة يدها عن سوق المواد الغذائية التي تضع الحكومة تحت تصرفها 200 مليار دينار سنويا دون احتساب فاتورة الاستيراد التي تقارب 9 ملايير دولار حسب أرقام سنة 2014 حيث قدر الناطق الرسمي لاتحاد التجار والحرفيين الجزائريين الزيادات المرتقبة في هذه الحالة بحوالي 30 إلى 50 بالمائة عن الأسعار الحالية بالنسبة للمواد المدعمة بشكل كلي، حيث يصبح سعر الخبزة العادية التي تكلف المواطن الجزائري حاليا 10 دنانير حوالي 15 إلى 20 دينارا وكيس الحليب المدعم حاليا ب25 دينارا ما يقارب 50 دينارا. أما سعر المواد نصف المدعمة التي يعمل على استيرادها بعض المستوردين الخواص على غرار السكر الذي يقتنيه الجزائريون بحوالي 85 دينارا للكلغ الواحد فقد يزيد سعره أيضا بحوالي 50 بالمائة، الأمر ذاته بالنسبة للزيت والقهوة وباقي المواد الواسعة الاستهلاك على غرار الحبوب الجافة التي يتوقع أن تزيد أسعارها بنفس النسب. الفلاحون يستفيدون هم أيضا من الدعم حيث تتحمل الحكومة مصاريف دعم إنتاج اللحوم (لحوم الأغنام، الماعز، الدواجن، الخيل والإبل) وبعض أنواع الثمار (الزيتون، التمور، منتوجات الأشجار المثمرة) ودعمها كذلك لتكاليف اقتناء وإعادة إنتاج البذور والأغراس، وكذا دعم أسعار اقتناء الأسمدة بنسبة 20 بالمائة، العتاد الفلاحي ومعدات الرى المقتصدة للماء بنسبة تتراوح من 25 بالمائة إلى 45 بالمائة، فضلا عن الدعم الذي توجهه لتنمية إنتاج وجمع الحليب 12 دينار/لتر ينتج ويسلم لملبنة تنشط في إطار إتفاقية، وتخصيص منحة للإدماج لفائدة محول الحليب: من 2 إلى 4 دنانير/ل و5 دنانير لمن يجمع الحليب. زيادات في أسعار الأدوية، الكراء والنقل قطاعات الصحة والسكن والنقل هي الأخرى لن تسلم من الزيادات في حال قررت الحكومة رفع يدها أيضا عن هذه القطاعات وتوجيهها إلى القطاع التجاري فأسعار قطاع الصحة والأدوية مرتبطة ايضا بالتسهيلات والدعم المقدم من قبل الحكومة، حيث سيضطر المواطن الجزائري إلى دفع القيمة التي يدفعها عند زيارته إلى الطبيب في عيادة خاصة ثمنا للكشف الأولي حيث يدفع في حال قصد القطاع العام 100 دينار للكشف فيما يدفع 1000 دينار ثمنا لنفس الكشف لدى العيادة الخاصة حيث تقدر مصاريف زيارات الطبيب حاليا بحوالي 7750 دج سنويا، وزيارة إلى طبيب الأسنان بمعدل 3000 دج سنويا، علاوة على مصاريف الأدوية وغيرها من المصاريف بعد الزيارات الطبية بمعدل 16 ألف دينار سنويا. وهو الثمن بالنسبة لقطاع السكن الذي توجه الحكومة له ايضا حصة مهمة من الأغلفة المالية الموجهة للجبهة الاجتماعية، حيث توجه مجموعة تدابير من أجل تحفيز المستثمرين الذين ينشطون في إطار برامج عقارية تدعمها الدولة خاصة في مجال الحصول على وعاءات عقارية، حيث تستفيد البرامج العقارية التي يتكفل بها الصندوق الوطني للتوفير والإحتياط من التخفيضات لأسعار الوعاءات العقارية بنسبة 80 بالمائة على مستوى ولايات الجزائر، عنابة، قسنطينة ووهران، و95 بالمائة على مستوى ولايات الهضاب العليا والجنوب و90 بالمائة في كل الولايات الأخرى للبلاد، فيما تحتفظ برامج الترقية العقارية التي تتكفل بها وكالة ترقية السكن وتطويره، بمجانية الحصول على الوعاءات العقارية. حتى 60 ألف دينار لن تكفي الأسرة الجزائرية وحسب هذه الأرقام فإن المرتب المتوسط للمواطن الجزائري الذي قدرته الكونفدرالية العامة المستقلة للعمال في الجزائر في آخر دراساتها بحوالي 60 ألف دينار وهذا طبقا للمصاريف اليومية للطبقة المتوسطة من الموظفين الجزائريين الذين أضحوا لا يستطيعون استكمال شهرهم بالرواتب التي يتقاضونها جراء انخفاض القدرة الشرائية وصار الحد الأدنى لمعيشة عائلة مكونة من 5 أفراد يفوق بكثير الأجور التي يتلقاها العامل البسيط، مما جعلت الطبقة المتوسطة تندثر وفق الدراسة التي توصلت إلى حقيقة أنه لا وجود لهذه الطبقة حاليا بالجزائر بعد تحول شريحتها إلى شريحة فقيرة مما يتطلب زيادات خيالية في رواتب 2 مليون عامل تقدر بحوالي 50 بالمائة أي أن الحد الأدنى للمعيشة في هذه الحالة قد يصل إلى 80 ألف دينار على الأقل حتى تستطيع الأسر الجزائرية العيش.