تحاول المملكة العربية السعودية الضغط على الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" لإبعاده عن دعم نظام بشار الأسد في سورية، مستخدمة قوتها في أسواق النفط العالمية، في وقت تعاني فيه موسكو من أثار أسعار النفط المتهاوية. وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية قبل يومين، أن المملكة العربية السعودية وروسيا عقدتا محادثات عديدة خلال الأشهر العدة الماضية ولم يتوصلا إلى الآن لاتفاقات هامة، وفقاً لقول مسؤولين أمريكيين وسعوديين، فيما لا يزال واضحاً المدى الذي ربط به السعوديون قضية النفط بسورية خلال هذه المحادثات، ولكن المسؤولين السعوديين للولايات المتحدة: إنهم "يظنون أن لديهم وسيلة للضغط على بوتين بسبب قدرتهم على تقليل إنتاج النفط وبالتالي رفع الأسعار". ولفت دبلوماسيون وسياسيون وضباط مخابرات من الولاياتالمتحدة والشرق الأوسط لم تفصح "نيويورك تايمز" عن أسمائهم، أن أي تراجع في دعم روسيا للأسد، قد يكون مؤشراً أولياً على أن المحنة التي تمر بها أسواق النفط تحدث تأثيراً على القيادة العالمية. وفيما يقول مسؤولون سعوديون إن المملكة السعودية لن تدع السياسة تقود أجندتها الاقتصادية، إلا أنهم يعتقدون أنه سيكون هناك منافع دبلوماسية إضافية لاستراتيجية البلاد الحالية للسماح لأسعار النفط بالبقاء منخفضة، بما في ذلك فرصة التفاوض على رحيل الأسد. وكان "بوتين" قد تحدث مراراً أنه قد يقبل المصاعب الاقتصادية على أن يخضع للضغوط الخارجية لتغيير سياساته. ولم تفلح العقوبات التي فرضتها الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية إلى دفع موسكو لإنهاء تدخلها العسكري في أوكرانيا، كما استمرت روسيا في دعمها للأسد. وبحسب الصحيفة الأميركية كانت سورية موضوعاً هاماً بالنسبة للوفد السعودي الذي ذهب إلى موسكو في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وفقاً لمسؤول من إدارة الرئيس الأميركي "باراك أوباما"، الذي قال إنه قد كان هناك حوار مستمر بين البلدين خلال الشهور العدة الماضية. ومن غير الواضح إن كانت وفاة الملك عبد الله التي حدثت في الثالث والعشرين من شهر ديسمبر/ كانون الثاني ستؤثر على هذه المحادثات، التي أجراها السعوديون سراً. وتعد روسيا من أكثر الداعمين لنظام الأسد في حربه ضد المعارضة، إذ تبيعه المعدات العسكرية وتوفر له كل شيء من قطع الغيار العسكرية إلى الوقود الخاص، مروراً بتدريب القناصين وصيانة طائرات الهليكوبتر. ويبدو أن المملكة العربية السعودية في معادلة الأسد مقابل النفط أقوى من روسيا، فعلى الرغم من أن انخفاض أسعار النفط قد كان له تأثير في المملكة العربية السعودية، ولكن احتياطي البلاد الكبير للنفط وثروته الوافرة قد قدمت له دعامة تفوق ما لدى الدول الأخرى المنتجة للنفط. وتحتاج السعودية إلى أن تصل أسعار النفط لأعلى من 100 دولار للبرميل لتغطي نفقاتها بما في ذلك ميزانيتها السخية لمشاريع البنى التحتية. في وقت يصل السعر الحالي للنفط إلى نحو 55 دولاراً للبرميل، ومن الضروري الإشارة إلى أن السعودية تملك حوالي 733 بليون دولار كمدخرات مستثمرة في ممتلكات آمنة في الخارج، وبإمكانها تحمل الاعتماد عليها لعدة أعوام دون أي ألم. ولكن روسياوإيران لا تملكان مثل هذه الرفاهية. وتقول صحيفة "نيويورك تايمز": "لقد عرض السعوديون إغراءات اقتصادية على القادة الروس مقابل التنازل على قضايا إقليمية مثل سورية قبل ذلك، ولكن لم يحدث ذلك مطلقاً مع أسعار نفط منخفضة لهذا الحد. ومن غير الواضح ما التأثير الذي تحدثه على المحادثات إن كان لها أي تأثير. وبينما تستعد الولاياتالمتحدة لدعم المبادرات لإنهاء الدعم الروسي للأسد، إلا أن أي نجاح للسعوديين بتقليل الإنتاج ورفع أسعار النفط العالمية قد يؤذي أوجهاً عديدة من الاقتصاد الأمريكي". ويشير مسؤولون عرب وأميركيون أنه حتى إن تركت روسيا دعمها للأسد، فسيبقى لنظام الأسد دعم إيران، إذ أن المساعدة الإيرانية لنظام الأسد قد كانت إحدى الأسباب الرئيسية التي مكنت الأسد من التمسك بالسلطة بينما تم التخلص من مستبدين آخرين في الشرق الأوسط. ويقول مسؤول في إدارة الرئيس "أوباما": "إذا سحبت روسيا كل دعمها العسكري للأسد، لا أعتقد أن الجيش السوري سيستطيع المتابعة".