عرفت رواية ''الذروة'' لربيعة جلطي منذ صدورها انتشارا ورواجا بين القراء وكان أول ظهور لها في معرض دمشق الدولي للكتاب، فيما ترجمت إلى اللغة الفرنسية وستصدر ترجمتها قريبا في باريس، و بالموافقة المبدئية من مؤلفتها يتم العمل على تحويل الرواية إلى عمل تلفزيوني في دمشق .وتتناول الرواية ''حيوات خمس نساء يتقاسمن ويتخاصمن عالما من الأحلام والأوهام والذكور''.. رواية حب وبوح تحيل بمرارة كبيرة على الواقع العربي الذي يكبله الفساد وتتحكم في أنفاسه سلطة هرمة.. رواية تبحث من السلام المفقود في النفوس، وعن المناطق المتوحشة في الروح حيث الشر المطلق يرفض الأخوة، كما تمثل ذروة الأشياء وأضدادها معا، فالذروة إنما هي كلمة مزدوجة الدلالة والمعنى، وقد اختارتها الكاتبة، انطلاقا من ذلك، عنوانا لافتا لروايتها التي تستجيب في مقامها العام لتلك الازدواجية من خلال طرحها فكرتي ''الخير والشر'' وهي تمسك بيد القارئ لتدله على الصورة الحقيقية للخير المتجسد في شخصية البطلة ''أندلس'' والصورة الحقيقية للشر المتجسد في شخصية غريمتها ''الياقوت''. وقد لعبت هندسة الرواية الداخلية القائمة على هذه المواجهة العلنية عبر تقابل الخطوط والانفعالات الفكرية والنفسية مع الانفعالات الجسدية، دورا في تكريس ثنائية الخير والشر، إلا أن شخوص الرواية الذين يتباعدون في خيرهم وشرهم يتلاقون في مهمة بحثهم المتواصل عن السعادة المفقودة والسلام الغائب في النفوس. الشخصيات جميعها محاصرة ومهددة من قمة الهرم إلى قاعدته، فالعامة تعيش حياة آلية قسرية غير آبهة بما يحصل، والشباب يرمون بنفسهم في البحر بهدف الهجرة من البلد الذي قتل طموحاتهم وأحلامهم، والنساء اللواتي يختلفن في طبعائهن وأحلامهن ومسالكهن؛ يقضين حياة متشابهة يسودها الانتظار والقلق.. حتى الحاكم، على رغم كل الصلاحيات والإمكانات والامتيازات الممنوحة له، هو نفسه مأزوم وعاجز عن الوصول إلى حلمه المتجسّد في معشوقته أندلس التي يصفها بأنها ''الذروة''. وقد نجحت الكاتبة في وضع سبابتها على آفات المجتمع الجزائري بل العربي كالفقر والبطالة والهجرة والانتظار وكذلك الفساد الأخلاقي والسياسي تحت حكم أنظمة ديكتاتورية تهتم بمصالحها من دون اكتراث بظروف شعوبها القاسية والمؤلمة. وتمكنت عبر لغتها الهادئة التي تخبئ في طياتها الكثير من الغضب والثورة والتمرد، من وضع القارئ العربي وجها لوجه أمام همومه ومشاكله الحياتية دون أن تشعره بثقل الموضوعات المطروحة نظرا إلى الأسلوب التهكمي الذي اختصته؛ فهي عندما انتقدت السلطة وإغراءات المناصب السياسية عملت مثلا على إسناد الكلام إلى الحاجبة الأولى وصاحبة الكرسي والصفارة في البلاط ''الياقوت''، أي الشخصية المعروفة بقلة حيائها وعباراتها النابية وكلامها البذي.