طغت مفردات العفو، المصالحة، المسلحين إلقاء السلاح على خطابات المترشحين للمنصب القاضب الأول في البلاد بشكل متفاوت بين مرافع منافح وبين محاول لركوب الموجة في انتضار ما قد تسفر عنه فترة ما بعد الرئاسيات لدى المعنيين أساسا بخطابات المترشحين من مسلحين وغيرهم طغت مفردات العفو، المصالحة، المسلحين إلقاء السلاح على خطابات المترشحين للمنصب القاضب الأول في البلاد بشكل متفاوت بين مرافع منافح وبين محاول لركوب الموجة في انتضار ما قد تسفر عنه فترة ما بعد الرئاسيات لدى المعنيين أساسا بخطابات المترشحين من مسلحين وغيرهم. محمد سلطاني طغى الحديث عن العفو الشامل والمصالحة الوطنية ومخلفات الأزمة التي عرفتها الجزائر على خطابات المترشحين لمنصب القاضي الأول في البلاد بشكل ملفت للنظر، وإن كان أغلب المترشحين، باستثناء مرشح الإسلاميين الدكتور محمد جهيد يونسي الذي رافع من اجل العفو الشامل إن كان حلا للأزمة، قد تعاطوا مع الملف على استحياء وبسقف جد محدود، فإن المرشح عبد العزيز بوتفليقة كان الأكثر جرأة في التعاطي مع ملف الأزمة حين صال وجال في حيثياتها وتعقيداتها وبشكل صريح فصيح لم يتردد بوتفليقة في فتح حوار مباشر مع المسلحين، محددا لهم دفتر شروط مرحلة ما بعد ميثاق السلم والمصالحة قاطعا بذلك أي مجال لمحاولة ''الابتزاز'' أو ''المساومة'' أو بالضغطب من قبل الإرهابيين لتجاوز السقف المطروح في دفتر الشروط والمتمثل في وضع السلاح بداية وقبل كل شيء وهو شرط مبدئي لا يمكن االتفاوضب حوله أو بشأنه وهو الذي يؤهل الإرهابيين لإمكانية الاستفادة من عفو لأنه لا حديث مع مجرم وفي يده السلاح، ثم بعد ذلك يأتي الحديث عن الاستفادة من عفو شامل وإلا -حسب حديث الرئيس المترشح- فإن سياسة مكافحة الإرهاب تبقى قائمة إلى أن تستأصل شأفة المتعنتين الرافضين للفرصة الإضافية والجرعة التالية لميثاق السلم والمصالحة. والطريقة التي تعاطى بها الرئيس مع ملف الأزمة الأمنية وإعادة بعثه لبعض امفرداتهاب وبأشباحهاب جاء على عكس توقعات المراقبين، لأن أقصى ما كان يتوقعه هؤلاء ألا يتجاوز حديث بوتفليقة عن المصالحة سقف الإشادة بثمار الوئام المدني وميثاق السلم والمصالحة والدعوة بالجملة للانخراط فيها، دون إغفال بوتفليقة الحديث عن مواصلة مكافحة الإرهاب في إطار معالجة الظاهرة. غير أن ارتماء المترشح المستقل بملف المصالحة في مقاربة مستقبلية محدودة في الآجال الزمنية للعهدة المقبلة، فتح الباب أمام مضاربة في السوق الإعلامية والسياسة في محاولة لاستكناه ما يقدمه بوتفليقة المترشح من جهة ورسله في الأمصار وأهمهم زعماء التحالف الرئاسي الذين انسجمت تصريحاتهم بشأن الملف الأمني والمقاربات التي قدموها، وبالأخص تصريحات أويحيى وبلخادم وسلطاني بدرجة أقل، بما أوحى أن كل تصريحات هؤلاء تخرج منسجمة وكأنها من مشكاة واحدة هي مشكاة بوتفليقة وإن كان هؤلاء الزعماء بما فيهم الأكثر حديثا في حملته الانتخابية لصالح بوتفليقة قد تفادوا في خطاباتهم الحديث عن العفو الشامل، لأسباب معنوية على الأقل في الظرف الحالي، على غرار تفادي مزاحمة بوتفليقة في مشروع أضحى في الساحة السياسية علامة مسجلة باسمه وكذا تفاديا لمنازعة بوتفليقة في صلاحياته إن تمكن من افتكاك التأشيرة الشعبية لعهدة ثالثة. وغير بعيد عن تصريحات زعماء أحزاب التحالف الرئاسي، فإن غضبة مزراف الأمير السابق للأيياس المحل يمكن قراءتها في سياق مغاير للسياقات التي سوّقت لها بعض وسائل الإعلام من خلال بيانه اللاذع، والقول إن موقف مزراف قد يندرج بشكل آخر في سياق ''الإصلاحات'' التي ينبغي أن تطرأ على ميثاق السلم والمصالحة وكذا الجرعة الإضافية التي سبق لبوتفليقة الرئيس أن تحدث عنها في غير ما مناسبة، خاصة عندما كان يجوب الولايات عارضا على الشعب الجزائري مشروع ميثاق السلم والمصالحة قبل الاستفتاء. وعلى هذا الأساس، فإن بوتفليقة المترشح وحوارييه في التحالف ما كانوا ليخوضوا معارك دونكيشوتية بإعادة بعثهم لبعض الجثث السياسية والأمنية والنبش في بعض مفرادات أزمة عفا عنها دهر ميثاق السلم والمصالحة، لولا أن ثمة توجه يفرض نفسه في الخماسية الرئاسية المقبلة على بوتفليقة الذي بدأ رحلته الرئاسية بعقد معنوي مع الجزائريين، مضمون أول بنوده إطفاء نار الفتنة. بينما مكان بنده الثاني الوئام المدني وثالث البنود ميثاق السلم والمصالحة. ولن يكتمل العقد ولن تؤدى المهمة على أكمل وجه، إلا إذا وصل بمشروع العقد إلى مداه المتمثل في عفو شامل، وفي سياق الحديث عن هؤلاء المسلحين الذي خصهم بوتفليقة بالحديث المباشر وأمام رؤوس الأشهاد في حملته الانتخابية وللتأكيد أن ما ارتسم في أفق الحملة الانتخابية من مشهد مصالحتي لم يكن معارك دونكيشوتية ولا مجرد مونولوف ولا خطاب مع الذات، فإن الأمر يدعو إلى تبني ما يراه المتابعون للملف الأمني من أن دخان العفو الشامل والمصالحة المخيمان على المشهد الانتخابي ليسوا دون نار يكون قد أوقدها المسلحون، في انتظار ما سوف يسفر عنه المستقبل القريب.