"الربا".. "انخفاض قيمة الدينار" و"سوق السكوار" لا تبدو فكرة "ادخار الأموال في البنوك" فكرة تروق معظم الجزائريين الذين لا يثقون في النظام البنكي ويفضلون الإبقاء على أموالهم في بيوتهم أو تحويلها على شكل أملاك كسيارات أو عقارات. وجاءت الأرقام التي صرح بها الوزير الأول عبد المالك سلال لتكشف عن "عورة" النظام المالي في الجزائر "الاكتناز"، حيث وحسب الوزير الأول عبد المالك سلال، فإن السيولة المالية الموجودة خارج البنوك بالجزائر تقدر ب 3700 مليار دينار، وهو مبلغ يفوق بحد ذاته قيمة السيولة المتداولة بالبنوك حاليا التي لا تتجاوز 2324 مليار دينار وسبب ظهور ثقافة اكتناز الأموال لدى الجزائريين فرص ضائعة لخدمة الاقتصاد، حيث تتآكل هذه الأموال بفعل التضخم، ولا يستفيد منها الاقتصاد في تحريك عجلته القائمة على التمويل. كما أدى الاكتناز إلى تسجيل بطء في معدل دوران الأموال وهو ما أدى حسب المعادلات الاقتصادية الضابطة لحركة السيولة المالية إلى ارتفاع في معدلات التضخم، وساهم في ارتفاع محسوس في معدلات الأسعار مما يدفع إلى التساؤل لماذا يخاف الجزائريون من البنوك؟ ولِم لا يستغل الميسورون من التجار ورجال الأعمال وكبار السماسرة أموالهم في مشاريع استثمارية تفك الضغط على ميزانية الدولة؟ للإجابة على هذا السؤال تطفو إلى السطح عدة معطيات يراها مراقبون للسوق النقدية في الجزائر بأنها سبب "الاكتناز" ويطغى عليها بشكل خاص المعطى الديني فإذا أنت سألت أي جزائري عن سبب عدم تعامله مع البنوك التقليدية، فسيجيبك بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام بأن الربا درجات وأدناها أن يزني الرجل بأمه، في حين تحافظ الحكومة على تعنتها إزاء البنوك الإسلامية رغم أن الوازع الديني لدى الجزائريين أصبح يمثل مصدر تهديد للاقتصاد الوطني لأنه عطل نشاط التمويل تماما وجعل من البنوك فقيرة بدون أموال الخزينة القادمة أساسا من ريع النفط الذي أيقضت أسعاره المنخفضة حاليا الاهتمام مؤخرا بالأموال المتداولة خارج البنوك. وفضلا عن هذه العاطفة الدينية الجياشة لدى الجزائريين يفضل رؤساء المؤسسات وتجار "الشنطة" وتجار الحاويات، تداول أموالهم عبر السوق السوداء للعملة الصعبة فلا رقيب عليهم هناك ولا مقصلة الضرائب تجز من أموالهم حتى إن أصحاب شركات أجنبية عاملة في الجزائر أصبحت تقصد السوق السوداء للعملة لتحويل الأرباح إلى الخارج، على غرار شركات تعمل في قطاع التوزيع بالجملة ونصف الجملة لعلامات دولية ووكلاء وشركات بناء وشركات نقل بحري. وهذا للتهرب من الضغوط الممارسة من طرف بنك الجزائر بخصوص عملية تحويل الأرباح، في حين ازدادت ثقة رواد الأعمال في الجزائر اهتزازا في العملة الوطنية نتيجة عمليات تخفيض غير معلنة يقوم بها بنك الجزائر المركزي على فترات متقاربة أحيانا في محاولة منه لضبط الارتفاع المبالغ فيه لفاتورة الواردات، فضلا عن الانعكاسات التي يستمر المتعاملون في تحملها بموجب انخفاض قيمة الدينار.