وجّه مجلس المحاسبة مراسلات رسمية لمختلف الإدارات العمومية على المستوى الوطني، يطالبهم بمراجعة قيمة التكاليف بالمهمة الموجهة للموظفين الذين يتنقلون لتأدية المهام المنوطة بهم خارج الولايات، كما طالب المجلس بتبرير بعض النفقات في تكاليف المهمة التي منحت بعدة سنوات. كشفت لجان مجلس المحاسبة، التي توجهت مؤخرا إلى بعض الولايات في إطار العمل الروتيني المتمثل في الرقابة البعدية على صرف الأموال العمومية، أن بعض الإدارات العمومية كانت تمنح "تكاليف مهمة" لبعض الموظفين بطرق مخالفة للتشريع المعمول به، خاصة ما تعلق ببعد المسافة بين مكان العمل الرئيسي ومكان التنقل، حيث أمرت لجان مجلس المحاسبة هذه الإدارات العمومية، بتبرير كل هذه الأموال الممنوحة التي تقدر بملايير الدينارات، مشددا على ضرورة توقيف هذه الطريقة في منح "التكاليف بالمهمة" والامتثال للقوانين السارية المفعول. وفي ذات السياق، تلقت المصالح الإدارية برقيات من طرف السلطات العمومية، وعلى رأسهم الوزير الأول سلال، يطالبهم فيها بضرورة رفع التحفظات المدرجة في التقرير السنوي لمجلس المحاسبة، وخاصة ما تعلق بالمناصب المالية الشاغرة، حيث سلق للوزير الأول عبد المالك سلال، أن طالب كل الدوائر الوزارية بإيفاده بتقارير مفصلة حول الملاحظات التي أبداها مجلس المحاسبة. وحذرت العديد من تقارير مجلس المحاسبة حول طريقة صرف ميزانية الدولة من مخاطر اقتصادية، بسبب زيادة الإنفاق وضخ الأموال لإسكات الجبهة الاجتماعية، وزيادة الأعباء العمومية التي تهدد الجزائر بالإفلاس، في وقت سجلت فيه تجاوزات قانونية في تنفيذ ميزانية التسيير واستهلاك الاعتمادات المالية التي كانت خارج الرقابة. فيما كلف سوء تقدير دراسات وبرامج الحكومة خسائر إضافية، وحذرت هذه التقارير من التأخر الفادح في انطلاق مشاريع حصلت على الضوء الأخضر من طرف الحكومة، وخلص إلى ضعف في إنجاز مخطط التسيير للموارد البشرية الذي أنتج أكثر من 60 ألف منصب شغل في 9 قطاعات وزارية، حسب ما جاء في التقرير التقييمي لسنة 2011. وفي حال تقاعست الإدارات العمومية، في الرد على تساؤل مجلس المحاسبة وتبرير نفقات "التكاليف المهمة"، فلا يستبعد أن يلجأ المجلس في مجال رقابة نوعية التسيير، إذ لاحظت غرف مجلس المحاسبة أثناء ممارستها رقابة نوعية تسيير هيئات تدخل ضمن اختصاصها وقائع يمكن وصفها وصفا جزائيا، حيث يتم إعداد تقرير مفصل تدون فيه الوقائع المعنية. ويرسل المجلس الملف بأكمله عن طريق النظارة العامة إلى النائب العام المختص إقليميا بغرض المتابعات القضائية ويطلع وزير العدل على ذلك، ويشعر مجلس المحاسبة بهذا الإرسال الأشخاص المعنيين والسلطة التي يتبعونها. ومن جهة أخرى، إذا سجل مجلس المحاسبة أثناء رقابته وقائع من شأنها تبرير دعوى في مجال الانضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية ضد مسؤول أو عون تابع لهيئة عمومية خاضعة لرقابته استنادا للوضع القانوني لهذا الأخير، يبلّغ المعني هذه الوقائع إلى السلطة التي لها صلاحية الانضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية ضد المسؤول أو العون. وفي مجال رقابة الانضباط في مجال تسيير الميزانية والمالية، يصدر مجلس المحاسبة غرامات ضد المسؤولين أو أعوان المرافق أو المؤسسات أو الهيئات الذين ارتكبوا خطأ أو مخالفة تلحق ضررا بالخزينة العمومية أو بهيئة عمومية.