تسبب النقص الكبير في السيولة النقدية الذي تعرفه مكاتب البريد عبر التراب الوطني، في خلق معاناة كبيرة لدى المواطنين، كما أدى إلى ظهور انحرافات خطيرة في المعاملات والخدمات المالية البريدية، حيث أكد مواطنون بولايات داخلية ل ''البلاد'' أنه وفي ظل غياب المراقبة، فإن موظفي بعض المراكز البريدية استغلوا الوضع ورأوا فيه فرصة للاغتناء بتلقيهم رشاوى تصل إلى 2000 دج مقابل صرف رواتب الموظفين وأنهم ظلوا لأيام يخرجون خائبين بعد الوقوف في طوابير تمتد لما يفوق الخمس ساعات وسط حالات الإغماء والشجارات والتدافع الكبير للمواطنين· كما أكدت عائلات يعيلها نساء وعجزة أنها ظلت تعاني الجوع بعدما لم يتمكن معيلوها من سحب الرواتب لمدة 15 يوما من التردد على مراكز البريد بسبب عدم قدرتهم على مقارعة التدافع الذي أصبح يطبع هذه الطوابير· وأكد البعض الآخر أنهم اضطروا للتغيب عن العمل والتنقل إلى الولايات المجاورة من أجل سحب رواتبهم، بينما يشتكي الموظفون من الضغط الكبير الذي يعملون فيه جراء العدد الكبير للمواطنين المتوافدين على مراكز البريد وتزامن مواعيد صرف رواتب قطاعات عدة تابعة للوظيف العمومي والأعطال الحاصلة في الموزعات الآلية، ورغم أن وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال ظلت تبعث برسائل التطمين منذ بداية الأزمة شهر رمضان الفارط، إلا أن الوضع لم يعرف طريق الانفراج بعد، وهو ما يشكل مفارقة بين ما يعانيه المواطن وبين تأكيد الوصاية على أن مراكزها البريدية الكبرى لا تعاني من نقص في السيولة بسبب اعتمادها آلية المتابعة الآنية واليومية لعملية تزويد المراكز البريدية بالأموال بالتنسيق مع المصالح المختصة، ويرجح الفرضية التي يتداولها الشارع الجزائري والتي ترجع الاضطراب الحاصل إلى عدم البرمجة الجيدة لعملية سحب الأوراق النقدية البالية من فئة 200 دج وطرح أخرى جديدة·وكان وزير البريد وتكنولوجيات الإعلام قد أعلن أول أمس في رده على سؤال شفهي بالبرلمان حول الإجراءات المتخذة لحل مشكل نقص السيولة المالية، عن قرب إصدار مرسوم تنفيذي سيدخل حيز التنفيذ بداية من 31 مارس من السنة المقبلة لتحديد سقف المعاملات النقدية ب 500 ألف دينار، وهو ما سيقلل من حاجة المواطن للتعاملات النقدية ويقضي على المشكل المطروح