"أكاد أفقد ابني ولا أعرف ما العمل، يقبع منذ شهرين في مستشفى "مايو" بباب الواد بالعاصمة والوزارة رفضت التكفل به ونقله إلى العلاج في الخارج"، "تلقينا ضمانات من بعض الجمعيات لمساعدتنا على زرع كلية لحمزة، إنه قرة عيني وابني الوحيد".... بهذه الكلمات استقبلتنا أم حمزة خليفة البالغ من العمر 16 سنة بمنزلها في بلدية أحمر العين بولاية تيبازة. فعندما تطأ قدماك مدخل البيت ترى ملامح البؤس والشقاء على أوجه أفراد العائلة بسبب معاناة ابنهم، الذي يبقى في مستشفى مايو بباب الواد بالعاصمة وحالته تزيد تعقيدا يوما بعد يوم. خالتي سليمة كشفت من خلال الملف الطبي الذي اطلعنا عليه، أن ابنها بحاجة إلى عملية متابعة وزرع كليه في الخارج وهي تنتظر تحرك الوزارة الوصية أو بعض المحسنين من اجل نقله خاصة أن الإجراءات الإدارية للعلاج في الخارج معقدة وتتطلب وقتا ووساطة لتسويتها. قصة حمزة مثل الآلاف من حالات الإصابة بمرض القصور الكلوي ومعاناتهم مع إجراءات العلاج في الخارج أو التكفل بمتابعتهم الطبية على حساب الدولة، فأم حمزة تقول إنها لم تترك بابا إلا وطرقته لمساعدتها على علاج ابنها في الخارج، غير أنها لم تتمكن من ذلك بسبب التعقيدات الإدارية التي تواجهها مع وزارة الصحة والسكان وعدم تدخل المحسنين لدفع المبلغ اللازم لزرع كلية أو كليتين وهذا يكلف أكثر من 500 مليون سنتيم. حياته توقفت وشباب ضاع والصدمة قوية على العائلة حمزة الذي يبلغ من العمر 16 سنة سيفقد شبابه لا محالة ولن يعيش مثل أقرانه، سيستمر في العيش ولا يفكر إلا في مرضه وسيجتهد في البقاء حيا والحفاظ على كليته الجديدة إذا ما تم زرعها، أو المقاومة إذا ما تم علاجه دون زرع كلية في الخارج. ولنا أن نتصور أيام حمزة بكلية قد تتوقف في أية لحظة، فقوة الصدمة التي تلقتها العائلة خاصة أن ابنها الوحيد سيضيع منها وإذا لم تتحرك الوزارة الوصية أو المحسنون لدفع مبلغ العملية فستكون الصدمة أقوى، بعد أن كانت ترى فيه خليفة الأب في المستقبل. البروفيسور ومدير المعهد الوطني للكلى وزرع الأعضاء: "9000 شخص يحتاجون إلى زرعها لإنقاذ حياتهم" كشفت آخر الإحصائيات أن عدد المصابين بداء القصور الكلوي في الجزائر في ارتفاع مستمر، خاصة في السنوات الأخير. فقد أكد البروفيسور ريان طاهر المختص في أمراض الكلى وزرعها ومدير المعهد الوطني للكلى وزرع الأعضاء، أن عدد المصابين بداء القصور الكلوي في الجزائر وصل إلى أكثر من 3500 إصابة سنويا. وأوضح المتحدث أن أغلب هذه الحالات عسيرة وتتطلب زرع كلى. كما تم إحصاء 18500 مصاب بالعجز الكلوي خلال السنة الجارية، 9000 يحتاجون إلى زرع الكلى. وبينت آخر الإحصائيات أيضا أن 90 في المائة من حالات القصور الكلوي يخضع أصحابها ل3 حصص أسبوعية لتصفية الدم، في حين أن 10 في المائة فقط يقومون بالعملية نفسها مرتين في الأسبوع. وأوضح أن 18500 حالة تحتاج إلى زرع الكلى خاصة أن الجزائر تعرف ضعفا في عمليات زرع الكلى مقارنة بدول أخرى كتونس والأردن، لتبقى الجزائر بعيدة عن المستويات المطلوبة والصادرة بشأنها توصيات من المنظمة العالمية للصحة. 100 عملية زرع للكلى فقط تتم سنويا بالجزائر، في الوقت الذي تقدر الاحتياجات بحوالي 500 عملية زرع في السنة. كما أن 85 في المائة من المرضى يقومون بزرع الكلى في الخارج، بينما 10 في المائة فقط تتم في الجزائر. وأضاف البروفسور طاهر ريان أن 10 في المائة من الجزائريين يصابون بحصى الكلى مرة على الأقل في حياتهم، أي ما يفوق 3 ملايين نسمة. وأضاف المتحدث أن في الصين مريضا جزائريا قام بزرع كلية ب 500 مليون سنتيم، ولكن في باكستان بحوالي 200 مليون، في الصين الشخص المتبرع للمريض الجزائري كان محكوم عليه بالموت والباقي من أناس أحياء. في باكستان المرأة الجزائرية التي كانت تعاني من قصور كلوي وبحاجة إلى عملية زرع قابلت حتى المرأة التي كانت ستتبرع لها بكليتها. وزارة الصحة غائبة.. والجمعيات هي المعين الوحيد في الوقت الذي تتقاعس فيه السلطات عن أداء مهامها وتتماطل وزارة الصحة في إيجاد حلول جذرية للحد من معاناة مرضى القصور الكلوي والتكفل بهم بنقلهم للعلاج في الخارج، أخذت بعض الجمعيات على عاتقها مسؤولية التكفل بهؤلاء المرضى بمد يد العون لهم والتوسط لهم للمحسنين، حيث تقوم في البداية برعاية مريض القصور الكلوي، من خلال إجراء الفحوصات ومرافقته أثناء إجراء عمليات تصفية الدم و تسهيل إجراءات التأمين والضمان الاجتماعي ببناء قنوات تواصل بين المريض والسلطات المعنية المساعدة في تركيب الناسور الشريجي، وأيضا نزعه للمرضى الذين يعانون ضعفا في أداء الكلى. كما تسهر الجمعيات على إيصال احتياجات وانشغالات هذه الفئة إلى السلطات العليا. أما عن معاناة المرضى، فيمكن تعميمها على جميع المرضى وتتمثل حسب المتحدث في سوء الاستقبال وعدم العناية بالمريض أثناء إجراء عملية التصفية، ناهيك عن عدم توفير وسائل الترفيه أثناء إجراء التصفية. وفي سياق متصل كشف العديد من رؤساء الجمعيات المتخصصة في هذا المجال أن نقص الأطباء المختصين وشبه الطبيين والنقص المسجل في وسائل النقل الصحي أثناء إجراء الفحوص الطبية خارج الولاية وأحيانا عندما لا يتوفر المكان الخاص. وفي الأخير نقول إن مرضى القصور الكلوي وجدوا أنفسهم بين مطرقة نقص الاختصاصيين في مستشفياتنا وسندان تخلي الدولة والمحسنين عنهم.