شهدت الساحة السياسية بالجزائر مؤخرا، إطلاق مبادرات إجماع وطني كثيرة، سواء من قبل أحزاب التحالف أو من قبل أحزاب المعارضة أو حتى من قبل شخصيات كانت في السابق مع السلطة وتتقلد مناصب مسؤولية في أجهزة الدولة، وهو ما سجلته الساحة السياسية مؤخّرا، بدخول لاعب جديد في الخط، الأمر الذي قلب الموازين وطرح واقعا جديدا، وهو أمر أثار الكثير من التساؤل، سواء حول طبيعة أعضائها الذين يعتبرون وزراء سابقين ومجاهدين ونواب، أو من حيث طبيعة انشغالاتهم ومطالبهم. ولا يزال الغموض يكتنف أغلب المبادرات السياسية التي تمّ إطلاقها والتي شهدتها الساحة السياسية منذ مدةّ ولم تر هذه المبادرات من كلا الطرفين أي تفاعل أو قبول شعبي، باعتباره الفاعل رقم واحد في هذه المعادلة. هذه الظاهرة حسب الأكاديمي أرزقي فراد صحيّة تنمّ عن الديمقراطية، غير أنّ الإشكال يطرح على مستوى مبادرات المعارضة والموالاة على حد سواء، ودخول مجموعة ال19 الخط. وحسب فراد، فإنّ المجموعة 19 فرضت واقعا مغايرا وأتت بطرح جديد أحرج أحزاب السلطة و المعارضة، حيث قال إنّ أحزاب السلطة بمختلف مبادراتها سواء المبادرة التي أطلقها حزب الأفالان أو المبادرة التي أتى بها أحمد أويحيى، كلاهما لم يستطع أن يتّخذ قرارات خارج دائرة الحكم لأنّها أحزاب سلطة في الأخير، وهذه الأحزاب ليست لها حرية في صناعة القرار. وتابع فراد قوله إنّ مبادرة الإجماع الوطني التي نادى بها الأفافاس منذ مدّة لا تزال هي الأخرى تراوح مكانها، واعتبر أنّ مبادرة المعارضة والمتمثّلة في هيئة التشاور من خلال أرضية مازفران التي تأسست في جوان من سنة 2014، هي التي تسعى للتحوّل الديمقراطي بصورة سلسة. وحول عدم تحرك هيئة التشاور منذ مدّة، قال فراد إنّ الحوار الآن هو على قاعدة سلمية ديمقراطية في انتظار افتكاك المطالب والمتمثّلة في تشكيل هيئة تشرف على الانتخابات وكذا تأسيس دستور توافقي. غير أنّ اللاعب الجديد في الساحة السياسية و المتمثل في المجموعة ال19 والتي تتكوّن من نوّاب ومجاهدين ووزراء سابقين، أضحت كالشوكة في الحلق، بفرضها واقعا جديدا، ولن يكون لأحزاب الموالاة أي رأي أو موقف تجاهها لأن أصحاب هذه المجموعة أغلبهم أصدقاء الرئيس، الأمر الذي سيدحض فكرة اتّهام هذه الشخصيات، وفي هذا الصدد كذلك، قال فراد إنّه باعتبار أنّ الموقّعين على الرسالة هم أصدقاء الرئيس وكذا من المعارضة ممثّلة في شخص لويزة حنون، فإن الأمر لن يدعو للشك ولأنّهم ليسوا من خصوم الرئيس، الأمر الذي سيغلق الباب في وجه العديد من التساؤلات.