تراهن ولاية الجزائر في الوقت الحالي، على إنجاح مشروع الجزائر البيضاء الذي ظهر للعلن بعد ولادة عسيرة، حيث لم تتمكن السلطات بالرغم من مرور سنوات على إطلاقه وتخصيص مبالغ مالية ضخمة، من تحقيق معادلة الجزائر البيضاء على الواقع، إلا أنه ومنذ انطلاق عملية إعادة الإسكان الكبرى التي شهدتها العاصمة منذ سنتين تقريبا، بدأت تظهر بعض معالم الجزائر البيضاء من خلال استرجاع المساحات العقارية الهامة وتخصيص جزء كبير منها في مشاريع ترفيهية وحدائق خضراء إلى جانب انطلاق عمليات ترميم العمارات الكبرى، فهل سيعيد التاريخ واجهة العاصمة البيضاء؟ 70 هكتارا مسترجعة من الأحياء القصديرية والبنايات الهشة استرجعت ولاية الجزائر العديد من العقارات بعد عمليات إعادة الإسكان التي باشرتها الأخيرة منذ جوان من العام الماضي، وهي مساحات لا بأس بها تقدر بأزيد من 70 هكتارا جراء إزالة الأحياء الفوضوية والبنايات الهشة وهدمها بعض المجمعات أو المستثمرات الفلاحية التي يعود تاريخ تشييدها إلى العهد الاستعماري. هذه العقارات، سمحت بظهور مساحات لإنجاز بعض المشاريع التنموية التي سطرتها المصالح الولائية وفق احتياجات كل بلدية وأخذت مشاريع إنجاز المساحات الخضراء حصة الأسد لاسيما أن العاصمة تفتقر للمساحات الخضراء من غابات وحدائق وأماكن التسلية. هذه المرافق التي من شأنها التخفيف من الاكتظاظ والمشاكل التي يتخبط فيها المواطن العاصمي، ولذلك أعطى والي العاصمة إشارة انطلاق العديد من مشاريع إنجاز مساحات خضراء، تشرف على إنجازها مؤسستا كوسيدار وإديفال، أبرزها مشروع تهيئة ضفتي وادي الحراش الذي كان النقطة السوداء المشوهة للولاية وكذا تهيئة غابات بوشاوي وبينام وغيرها من المرافق التي تدخل ضمن تحسين الخدمة. منع المقعرات الفردية ونشر الغسيل في الأسطح وإنجاز الحدائق سيعيد للعاصمة بياضها منذ سنوات تبنت الولاية مشروع الجزائر البيضاء، الذي رصدت له مبالغ مالية ضخمة ولكنه لم ينحج في نظر المتتبعين للوضع، إلا مؤخرا بعد أن تركز العمل على القضاء على النفايات والنقاط السوداء التي كانت تشوه العاصمة، وهي النقاط التي اعتمد على تنفيذها والي العاصمة عبد القادر زوخ، وسمحت سياسته بالقضاء على الكثير من النقاط السوداء والأسواق الفوضوية التي نجح في القضاء على بعضها وفشل في الكثير منها، مثل سوق ساحة الشهداء وباش جراح. كما سمحت انطلاق عملية إعادة الإسكان لولاية الجزائر من استرجاع مساحات كبيرة والقضاء تدريجيا على مشكل نقص الوعاء العقاري الذي حصر عدة مشاريع مهمة، حيث استرجعت ولاية الجزائر إلى غاية العملية الأخيرة للترحيل عقارات كثيرة، خصصتها لإنجاز مشاريع تنموية عليها. ليتأكد أن نجاح مشروع الجزائر البيضاء مرهون بتخصيص مرافق ترفيهية ومساحات خضراء، هذا ما تجلى واضحا عندما خصصت الولاية 50 بالمائة من الأراضي المسترجعة لتشييد مساحات خضراء وأخذت على عاتقها تهيئة الغابات والحدائق العمومية التي تعتبر قليلة جدا مقارنة بالكثافة السكانية التي تعرفها الجزائر العاصمة. وادي الحراش "إمارة العاصمة" مستقبلا ووجهها الأبيض ومفرغة "الطميط".... الحدائق المعلقة من كان يظن أن وادي الحراش الذي ظلت لسنوات روائحه تقرف العاصميين والمارين عبر الطريق' الرابط بين العاصمة وبلدياتها الشرقية سيتحول إلى وجهة لمتنزه العاصميين عبر القوارب الصغيرة والحدائق الخلابة، حيث سيتمكن الجزائريون خلال العام المقبل، من التفسح على ضفتي وادي الحراش بالعاصمة، بعد التدشين النهائي للمشروع الذي وصف ب"مشروع القرن"، بعد ثلاث سنوات من الأشغال، أين سيدخل حيز الخدمة رسميا بعدما تم مؤخرا، فتح شطرين منه، الأول يتواجد ما بين بن طلحة وبراقي والثاني أمام مصب الوادي بمحاذاة منتزه الصابلات مشروع وادي الحراش، الذي انطلقت أشغال تهيئته في 2012، مرت عبر مراحل، نظرا إلى العراقيل والتعقيدات التي اعترضته بسبب تواجد البنايات القصديرية والهشة الذي استدعى ترحيل العائلات المحاذية له لتحرير العقارات المتواجدة بها واسترجاعها لإنجاز مرافق ترفيهية وملاعب ومساحات خضراء، فضلا عن الكوابل الكهربائية وقنوات الغاز التي تم تحويلهما من طرف المؤسسات المعنية كسيال وسونلغاز مما تطلب وقتا للشروع في عمليات التهيئة، وغير بعيد عن وادي الحراش كانت تقع مفرغة عمومية كبيرة تعرف "بالطميط" التي كانت امبراطورية بحد ذاتها، حيث عزمت السلطات منذ سنوات على القضاء عليها وفعلا تحقق ذلك تدريجيا، رغم أن الأشغال لاتزال على قدم وساق ولكنها ستحول العاصمة إلى جنة وتغير وجهها الأسود... الويفي في الحدائق العمومية ومنع احتكارها من طرف المتسولين شهدت الكثير من الحدائق العمومية عمليات تهيئة وإعادة تجهيز، حيث عرفت حديقة الحرية في أعالي ديدوش مراد بالعاصمة التي تتميز بتصميمها الهندسي الراقي إعادة تهيئة شاملة. الأمر نفسه استفادت منه حديقة صوفيا التي تم إعادة تجهيز وتهيئة هذا الإرث الحضري الطبيعي حتى يكون فضاء ثقافيا وترفيهيا لفائدة العائلات والأطفال، حسب ما كشف عنه رئيس بلدية الجزائر الوسطى عبد الحكيم بطاش. فالحديقة عانت الإهمال لمدة 30 سنة، إلا أنه بناء على أوامر والي العاصمة الذي شدد على إعادة بعث الاعتبار لهذا المرفق حتى يكون فضاء للعائلات العاصمية، تم إعادة تهيئتها بصفة شاملة وخلق فضاءات لراحة الأطفال وإطلاق خدمة "الويفي" بهذا الفضاء الترفيهي. كما قامت السلطات الولائية بتهيئة غابة بوشاوي وإعادة بعث نشاط المرافق بها في إطار مشروع الجزائر البيضاء، حيث تعمل على التحضير لدفتر شروط يقضي بإعادة تسييج غابتي بوشاوي وباينام، واستغلالهما، أين تم تخصيص ما يقارب ملياري سنتيم كمرحلة أولى، المخطط الذي يحوي إعادة تسييجهما ومنحهما مدخلا رئيسيا يليق بالزوار وتزويدهما بأعوان أمن، مع بقاء دوريات الدرك الوطني في ظل مساحتهما الكبيرة، منها غابة باينام التي تفوق 590 هكتار، وهو ما يستدعي فعلا إعادة تنظيمهما من جديد وفتحهما لاستقبال 4 ملايين زائر يوميا. وقد كلفت مؤسسة كوسيدار، بالتنسيق مع مديرية الغابات لولاية الجزائر، مشروع تهيئها بهدف استغلالها بدعم حكومي خارج ميزانية الولاية، بعد أن تم تخصيص ملياري سنتيم كمرحلة أولى مقابل إحصاء جل النقائص بوضع مخطط تنظيمي، مع العمل على تزويدها بالمراحيض العمومية. "أديفال" تشرف على غرس النباتات والأشجار بالغابات أسند والي العاصمة عبد القادر زوخ، مشروع إعادة تأهيل أكبر الغابات بعاصمة البلاد، لمؤسسة "إديفال" بالإشراف على النباتات والأشجار، نظرا إلى دورها الفعال في تحسين المساحات الخضراء الموزعة على مستوى العاصمة. وقال إن مخطط تهيئة الغابات الكبيرة لقي تأخرا كبيرا منذ أن تم إطلاقه منذ سنتين، إلا أن الدعم المالي وكذا تحديد المهام والاتفاق مع الجهات المعنية، منها مديرية الغابات، لانطلاق العملية، على غرار غياب الشركات المنافسة المكلفة بعملية التهيئة. دودو مختار الحي الفوضوي السابق بحيدرة يتحول إلى حديقة عمومية بعد ترحيل سكان الأحياء القصديرية بشارع دودو مختار بأعالي حيدرة، حيث مس الشق الأول 295 عائلة والثاني 186 عائلة والثالث 307 عائلات تم ترحيلها كلها إلى حي 1310 مسكن ببلدية تسالة المرجة، قامت مصالح البلدية بتحويل العقار الذي كان يحتضن البيوت القصديرية، إلى مساحات خضراء، بالتنسيق مع مصالح مديرية الغابات، وإنجاز حديقة عمومية تتربع على مساحة 20 هكتارا وبتكلفة مالية ناهزت 150 مليون دج، وهي تعد فضاء جديدا ومكسبا للولاية، حيث تقوم مديرية حماية الغابات، بالتنسيق مع مصالح الولاية باستحداث فضاءات جديدة لاستيعاب مواطني العاصمة الباحثين عن أماكن طبيعية للترفيه. السلطات بصدد استرجاع مساحات جبل كوكو بباب الوادي ولاتزال المشاريع مبرمجة لأجل إنجاح مشروع الجزائر البيضاء، خاصة أن الولاية تعتزم هذا الأسبوع القضاء على الحي السكني بجبل كوكو ببلدية باب الوادي في عملية إعادة الإسكان العشرين التي سبق أن تناولناها في أعدادنا السابقة بعد تصريحات أدلى بها الوالي عبد القادر زوخ وبعض البنايات الهشة بالعاصمة، مما سيمسح للولاية باسترجاع مساحة هكتارية معتبرة، ربما ستحول هي الأخرى لإنجاز مشاريع ترفيهية بالنظر إلى عراقة تاريخ جبل كوكو وموقعه الاستراتيجي في أعالي باب الواد، وسيكون بمثابة المشروع الذي سيعطي وجها آخر للمنطقة بعد منتزه الكيتاني، خاصة أن أغلب المشاريع الكبرى كانت متمركزة في الجهة الشرقية للعاصمة من واد الحراش ومنتزه غابة واد السمار"الطميط" والسابلات المتواجدة في الواجهة البحرية بالقرب من ميناء الجزائر، فهل ستمحو هاته الإنجازات الوجهة السوداوية للعاصمة، خاصة بعد الإجراءات المؤخرة والقاضية بمنع المقعرات الهوائية الفردية والانطلاق في عملية استغلال المقعرات الجماعية، إلى جانب منع نشر الغسيل في شرفات العمارات التي صرفت الولاية الملايير لأجل إعادة تهيئتها وتشغيل نظام المصاعد بها، سؤال تبقى الأيام القادمة وحدها كفيلة بالرد عليه.